سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 10 إبريل 1970.. صلاح جاهين ينشر فى الأهرام قصيدته «الدرس انتهى».. «لموا الكراريس» عن جريمة «مدرسة بحر البقر».. وشادية تبكى أثناء غنائها
كانت الساعة التاسعة و20 دقيقة من صباح يوم 8 إبريل عام 1970، حين قامت إسرائيل بشن غارتها الوحشية على مدرسة بحر البقر الابتدائية بمحافظة الشرقية، جاءت هذه الغارة الوحشية بعد أقل من شهرين لغارة إسرائيلية وحشية على مصنع أبو زعبل للحديد والصلب، يوم 12 فبراير 1970، واستشهد فيها 70 عاملا وأصيب 69 آخرين. فور وقوع الغارة على مدرسة بحر البقر، قطعت الإذاعة المصرية بثها لتذيع بيانا عاجلا، قالت فيه: «أيها الأخوة المواطنون، جاءنا البيان التالى.. أقدم العدو فى تمام الساعة التاسعة و20 دقيقة من صباح اليوم على جريمة جديدة تفوق حد التصور، عندما أغار بطائراته الفانتوم الأمريكية على مدرسة بحر البقر الابتدائية المشتركة بمحافظة الشرقية، وسقط الأطفال بين سن السادسة والثانية عشرة تحت جحيم من النيران«.
بلغ عدد الشهداء من أطفال المدرسة، 30 شهيدا، وجرح 50 آخرين، ويذكر الكاتب الصحفى محمود عوض فى كتابه «اليوم السابع.. الحرب المستحيلة حرب الاستنزاف»، أن هذه الغارات بدأت إسرائيل فى تصعيدها ضد المدنيين فى العمق المصري، بعد أن تلقت المخابرات الإسرائيلية تقاريرا عن دلالات شحنات السلاح السوفيتى الجديد بعد زيارة الرئيس جمال عبد الناصر السرية إلى موسكو فى يناير 1970، ويضيف: «خرج موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلى ليقول إن هدفه من هذه الغارات بعيدا عن جبهة المواجهة الفعلية فى قناة السويس هو: أن يحافظ على معنويات الشعب الإسرائيلى، وتقويض الزعامة السياسية والعسكرية فى مصر.
كان «ديان» هو الذى أعلن كذبته أمام العالم فى تبريره لجريمة «بحر البقر»، بقوله إن المدرسة هدفا عسكرياً، وقال راديو إسرائيل إن الأطفال المصابين كانوا يرتدون زيا أخضر اللون وأنهم كانوا يجرون تدريبات خاصة فى المدرسة قبل الخدمة العسكرية، ويذكر محمود عوض: اضطرت إسرائيل إلى التراجع عن إنكارها لهذه الجريمة حينما انتقل المراسلون الأجانب فى مصر إلى مكان الغارة وسجلوا آثارها.
أثارت الجريمة غضبا هائلا، عبر عنه الشاعر والفنان صلا جاهين بقصيدته الخالدة “الدرس انتهى.. لموا الكراريس»، ونشرها فى جريدة الأهرام، يوم 10 إبريل، مثل هذا اليوم، 1970، ونصها:
«الدرس انتهى لموا الكراريس.. بالدم اللى على ورقهم سال.. فى قصر الأممالمتحدة.. مسابقة لرسوم الأطفال.. إيه رأيك فى البقع الحمرا.. يا ضمير العالم يا عزيزى.. دى لطفلة مصرية وسمرا.. كانت من أشطر تلاميذى..دمها راسم زهرة.. راسم راية ثورة.. راسم وجه مؤامرة.. راسم خلق جبارة.. راسم نار.. راسم عار.. ع الصهيونية والاستعمار.. والدنيا اللى عليهم صابرة.. وساكتة على فعل الأباليس.. الدرس انتهى.. لموا الكراريس.. إيه رأى رجال الفكر الحر.. فى الفكر ادى المنقوشة بالدم.. من طفل فقير مولود فى المر.. لكن كان حلو ضحوك الفم.. دم الطفل الفلاح.. راسم شمس الصباح.. راسم شجرة تفاح.. فى جناين الإصلاح.. راسم تمساح.. بألف جناح.. فى دنيا مليانة بالأشباح.. لكنها قلبها مرتاح.. وساكتة على فعل الأباليس.. الدرس انتهى.. لموا الكراريس.. إيه رأيك يا شعب يا عربى.. إيه رأيك يا شعب الأحرار.. دم الأطفال جايلك يحبى.. يقول انتقموا من الأشرار.. ويسيل ع الأوراق.. يتهجى الأسماء.. ويطالب الآباء.. بالثأر للأبناء.. ويرسم سيف.. يهد الزيف.. ويلمع لمعة شمس الصيف..فى دنيا فيها النور بقى طيف.. وساكتة على فعل الأباليس.. الدرس انتهى.. لموا الكراريس»
غنت الفنانة شادية هذه القصيدة بتلحين الموسيقار سيد مكاوى، وحسب جريدة «الوفد» يوم 8 إبريل 2019: فى فجر هذا اليوم المشؤوم تلقت شادية اتصالا هاتفيا من وجدى الحكيم يخبرها بكلمات الأغنية، بعد أن سمعها من الشاعر صلاح جاهين، وكان رد شادية: «أقفل وكلم أحمد فؤاد حسن عشان نسجل الأغنية بالإذاعة.. أثناء تسجيل الأغنية، انهمرت دموع شادية أكثر من مرة، لتوقف التسجيل حتى تلتفظ أنفاسها وتعود للتسجيل مرة أخرى».
كان للشاعر الكبير فؤاد حداد، إبداعه أيضا فى قصيدة بعنوان «يابلادى»، وقدمها كورال الأطفال من تلحين بليغ حمدى فى فيلم «العمر لحظة»: «مدرستى.. بحر البقر الابتدائية.. كراستى.. مكتوب عليها تاريخ اليوم.. مكتوب على الكراس اسمى.. سايل عليه عرقى ودمى.. من الجراح اللى فى جسمى.. ومن شفايف بتنادى.. يا بلادى.. يا بلادى.. أنا بحبك يا بلادى.. يا كل واحد فى الملايين.. بنت وولد طلوا وشوفوا.. درس النهاردة يا مصريين.. كتبت ع التختة حروفه.. آدى ال«أ».. وآدى ال«ب».. هاتوا القلم نتكب عليه.. فى ذاكرتكم لو جينا.. فى مدرستنا الجديدة.. وكل مدرسة قصرية.. يا بلادى.. يا بلادى.. أنا بحبك يا بلادى». صلاح جاهين سعيد الشحات