محافظ الدقهلية يتفقد المركز التكنولوجي بمركز أجا ويصدر 7 توجيهات    وزير المالية: زيادة الإيرادات الضريبية 38% خلال 10 أشهر    توريد 483 ألف طن قمح لصوامع المنيا منذ بدء موسم 2025    مونديال الأندية.. الأهلي يتسلم 2 مليون دولار من الاتحاد الدولي لكرة القدم    بالصور.. محافظ الجيزة يتفقد لجان الشهادة الإعدادية ببولاق الدكرور والهرم وأكتوبر    الحكم على المتهمين بالتسبب في انفجار خط غاز أكتوبر 14 يونيو    وزير الصحة يتفقد مستشفى وادي النطرون و3 نقاط إسعافية بطريق العلمين    الكنيسة تشارك في حملة صكوك الأضاحي بدمياط    القاهرة الإخبارية تكشف آخر تطورات الوضع في غزة    منتدى قادة السياسات المصري الأمريكي.. أبرز أنشطة «التخطيط» في أسبوع    إنريكي يثق في قدرة سان جيرمان على تحقيق اللقب الأوروبي    القاصد وأبو ليمون يستقبلان وزير التعليم العالي خلال زيارته للمنوفية    تستهدف 200 ألف طالب جامعي ومعلم.. التعليم العالي: بحث تقديم منحة تدريبية رقمية من جوجل    وزير التعليم العالي: مركز الاختبارات الإلكترونية إنجاز جديد في مسيرة التطوير    نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة يتفقد مستشفى وادي النطرون التخصصي بالبحيرة    إسرائيل تمنع وفدًا وزاريًا عربيًا من لقاء عباس    لازاريني: المجاعة في غزة يمكن وقفها إذا توفرت الإرادة السياسية    آخر تطورات سعر الريال السعودي بالبنوك تزامنا مع موسم الحج 2025    وزير المالية: الإعلان عن برنامج جديد للمساندة التصديرية خلال الأسبوع المقبل    صفقات الأهلي الجديدة تظهر في مران الفريق اليوم لأول مرة    اليوم| إقامة الجولة الأخيرة في دوري المحترفين    الزمالك وفاركو.. استعداد أمني مشدد لتأمين مباراة الجولة الأخيرة من بطولة الدوري    تكريم شيري عادل في ختام مهرجان القاهرة للسينما الفرانكوفونية    الرئيس السوري أحمد الشرع يجري زيارة رسمية إلى الكويت غدا    الصحة: الكشف على 15 ألف حاج مصري وتحويل 210 حالات للمستشفيات السعودية    مرادف الإملاق والخلال.. أسئلة بامتحان اللغة العربية للشهادة الإعدادية    سحب 700 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    خمسة في عين الحسود.. حكاية أمينة خليل بمايو بين الجوائز والحب والتألق في كان    غياب "ضحية النمر" عن أولى جلسات محاكمة مدربة الأسود.. والده يكشف التفاصيل    وزيرة التضامن توجه فرق الإغاثة والتدخل السريع والهلال الأحمر المصري برفع درجات الاستعداد لمواجهة موجة التقلبات الجوية    انطلاق التسجيل في الدورة الثانية لمهرجان VS-FILM للأفلام القصيرة جدًا    شريف مدكور يكشف تفاصيل إصابته بالسرطان    ترامب يرفع الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألومنيوم إلى 50%    تسجيل إصابات من الجانبين بعد الهجمات الأخيرة في روسيا وأوكرانيا    تحذيرات في واشنطن بعد فرار 250 مليون نحلة من شاحنة مقلوبة.. تفاصيل الحادث وجهود الإنقاذ    محافظ الدقهلية في زيارة مفاجئة لعيادة التأمين الصحي بجديلة    سعر الريال السعودى أمام الجنيه آخر أيام شهر مايو 2025    تحذير أمريكي من استعدادات عسكرية صينية في آسيا    وزير الخارجية يبحث هاتفيا مع نظيره الهولندي تبادل الرؤى بشأن الأوضاع في غزة    وزير العمل يؤكد حرص مصر على تعزيز التعاون مع صربيا في كافة المجالات    إلهام شاهين تظهر بشخصيتها الحقيقية ضمن أحداث فيلم "ريستارت"    «المشروع X».. العمق أم الإبهار؟    قد تحسم البطل.. موعد مباراة الأهلي ضد الاتحاد السكندري في نهائي دوري السلة    إصابة 7 عمال فى حادث تصادم بكفر الشيخ    تحريات لكشف ملابسات اتهام عامل بتصوير السيدات داخل مطعم بالعجوزة    ثروت سويلم: بحب الأهلي ومنظومته.. وبتمنى الأندية تمشي على نفس النهج    وزير الصحة يتوجه لمحافظتي البحيرة ومطروح لتفقد عددا من المنشآت الصحية    رغم تعديل الطرق الصوفية لموعده...انطلاق الاحتفالات الشعبية بمولد «الشاذلي» والليلة الختامية يوم «عرفة»    طريقك أخضر| سيولة مرورية في شوارع وميادين محافظة القليوبية    غرامة 100 ألف ريال «قوات السعودية» تلقي القبض على مخالفين لأنظمة الحج    دعاء المطر والرعد كما ورد عن النبي (ردده الآن)    أفضل دعاء في العشر الأوائل من ذي الحجة.. ردده الآن للزوج والأبناء وللمتوفي ولزيادة الرزق    جراديشار: شاركت في مباراة بيراميدز ولم أكن أعرف أسماء لاعبي الأهلي    موعد أذان فجر السبت 4 من ذي الحجة 2025.. ودعاء في جوف الليل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 31-5-2025 في محافظة قنا    تغييرات مفاجئة تعكر صفو توازنك.. حظ برج الدلو اليوم 31 مايو    الجماع بين الزوجين في العشر الأوائل من ذي الحجة .. هل يجوز؟ الإفتاء تحسم الجدل    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات الأخرى اليوم السبت 31 مايو 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التجديد استكمال بناء لا هدم
نشر في اليوم السابع يوم 04 - 02 - 2020

يتجدد الحوار حول التجديد وتتباين وجهات النظر حوله، جميع المفكرين وعلماء الشريعة متفقون على أن التجديد هو واجب الوقت، وأن أمتنا بأشد الحاجة إليه، ومتفقون كذلك على أن التجديد عامل فاعل فى دفع مسيرة التنمية والتحضر إلى الأمام، لكن هناك بعض الأصوات المنادية بضررورة استبعاد التراث تماما وهدمه كلية حتى تنجح عملية التجديد فينادون بالحداثة المطلقة، ينظرون إلى التراث على أنه مجرد شىء قديم لا نفع فيه بوجه من الوجوه بل يذهبون إلى ما هو أبعد من ذلك فيرون أن التمسك بالتراث شر محض وضرر كبير.

وفى الحقيقة نحن إذا نظرنا فى ثقافتنا وثقافات العالم من حولنا سواء فى العلوم الإنسانية كالفلسفة والتاريخ والأدب واللغة وغيرها أو فى العلوم التجريبية كالطب والهندسة والفيزياء والكيمياء والجولوجيا وغيرها، نرى أن هذه العلوم بلا استثناء قائمة على التراكم والتوارث المعرفى وليست منبتة الصلة بتراثها القديم، ولم يقل أحد من علماء الطب مثلا على بعد الهوة ما بين الطب القديم والطب الحديث أن الطب الحديث كان من الممكن أن يكون موجودًا بكل هذا التطور والزخم دون تلك المحاولات التجريبية التى أجراها الفراعنة والإغريق والرومان وغيرهم فى مجال الطب والعلاج وعلى هذا فقس بقية العلوم والمعارف، فعلوم الفلسفة اليوم هى عبارة عن معارف متطورة من تأملات الفلاسفة القدماء، والفلسفةُ الحديثة بفروعها كامنة فى الجذور الأولى للفلسفة اليونانية الأم، وكذلك علوم الأدب والاجتماع وعلم النفس، ففكرة التخلص من التراث أيا كان هى فكرة ساذجة سطحية مستحيلة الحدوث ومستحيلة التطبيق، فكل إنسان منا مهما أنكر أن له أبا فليس معنى هذا أنه فى الواقع ونفس الأمر أنه ليس له أبا، والتعامل مع التراث بطريقة الاستبعاد والعداء والإنكار لن يغير من طبيعة الأمور الواقعية شيئا، ولن يغير من كون أن هناك حقيقة ثابتة ينبغى التسليم بها وهى أن كل ما نحياه ونمارسه من علوم ومعارف أيا كانت هى حلقة فى سلسلة تتطور وسوف تستمر فى هذا التطور، وما نراه اليوم حداثة سوف يكون تراثا غدا، وما نراه تراثا اليوم هو معارف كانت معاصرة وجديدة كل الجدة فى وقتها وزمانها.

الهجوم على التراث عموما وعلى التراث الإسلامى بصفة خاصة والعمل على إلغائه واستبعاده هو فكرة خيالية ومستحيلة، ولم نسمع على كثرة ما نسمع من تجديد فى علوم الطب والفيزياء والهندسة الاستهانة بجهود وبحوث ومعارف جالينوس أو ابن سينا أو سقراط أو إقيلدس أو ابن الهيثم أو جابر ابن حيان أو غيرهم من علماء الإنسانية الذين أسهموا فى هذه العلوم، فالكل يعلم أن العلوم الحديثة كلها مبنية على الأسس والمعارف القديمة وأن التطور لم يكن يعنى يوما ما الهدم ولا الإلغاء، العجيب أن التجديد بهذه الطريقة التى ينادى بها الحداثيون تتشابه إلى حد كبير مع الطريقة التى ينادى بها أتباع السلفية الجامدة التى تنتهج نهج الاجتهاد بهدم التراث ومعطياته وعلومه وأدواته وخبراته المتراكمة عبر العصور، وفرق ما بين الحداثة والسلفية أن الحداثة تهدم كل شىء بينما السلفية تهدم مراحل معينة لكى تقفز إلى القرون الأولى بلا واسطة، فالسلفية هدم جزئى للتراث أما الحداثة فهى هدم كلى له.

وفى حقيقة الأمر فالتراث ليس معصوما بطبيعة الحال وهو نتاج بشرى ليس مقدسا ولا خاليا من الأخطاء شأنه شأن كل نتاج بشرى، لكن ليس من العقل ولا المنطق فى شىء أن ننظر إليه باعتباره سبب المشاكل الفكرية والحضارية التى تعانيها أمتنا الإسلامية والعربية، والتراث ليس سببا من أسباب التخلف الحضارى كما يدعى البعض، حتى الفلسفة الغربية لا تنظر إلى تراثنا الإسلامى بهذه الطريقة السطحية الساذجة بل إنهم استفادوا منه فى معارفهم وعلومهم وفلسفتهم، فإذا سألت مفكرى الغرب عن ابن رشد والفارابى وابن سينا والغزالى والجوينى وحتى عن المحدثين كالبخارى ومسلم وأصحاب السنن وعلماء الجرح والتعديل، فلن تكون إجاباتهم متوافقة مع فكر الحداثيين الذى ينقضون التراث من حيث هو تراث، ولا ينتقدونه نقدًا علميا بناءً يعتمد على استبعاد مفرداته التى لم تعد مناسبة لعصرنا مع استبقاء الأسس والمناهج القابلة لاحتواء مستجدات العصر ومفرداته.

وقد يخطئ بعض المفكرين حين يعتبرون أن القرآن وصحيح السنة جزء من التراث لأننا لا نعتبر أن الكتب المقدسة المنزلة على قلب رسول الله صلى لله عليه وسلم كالقرآن والسنة الصحيحة هى من التراث البشرى بل هو وحى مقدس مناسب لكل زمان ومكان جديد كل الجدة فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وهو جديد كل الجدة فى عصرنا هذا إلى قيام الساعة بيد أن الله تعالى قد جعل هناك مساحة واسعة فى دلالة النص تسمح بالتفكر والاجتهاد وإعمال العقل فيه بأدوات الاجتهاد، وهذه خصيصة للتراث الإسلامى دون غيره وهو أنه يستند فى مجمله إلى فكرة أنه خادم ومفسر للوحى المقدس ويستند فى استمراريته إلى تلك المزية العظيمة فمعارف التراث وعلومه هى ركن ركين من أركان فهمنا للوحى وتعاملنا معه ولا شك أن هدم التراث بالكلية سيؤدى إلى القطيعة الحقيقية بيننا وبين الوحى، فهل هذا ما يريده من ينادى بقطع صلتنا التامة بالتراث؟
د إبراهيم نجم
التجديد استكمال بناء لا هدم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.