حازم عمر: رفضت الانضمام لأي حزب قبل 25 يناير    تسليم «أطراف صناعية» لضحايا مخلّفات الحروب    «رئيس الأركان» يشهد المرحلة الرئيسية ل«مشروع مراكز القيادة»    سعر السبيكة الذهب الآن وعيار 21 اليوم الخميس 13 يونيو 2024    أحمد لبيب رئيسًا لقطاع التسويق ب«عز العرب»    أخبار × 24 ساعة.. الزراعة: مصر من أكبر مصدرى الفول السودانى للاتحاد الأوروبى    «هيئة القناة» تبحث التعاون مع أستراليا فى «سياحة اليخوت»    شهداء وجرحى جراء قصف إسرائيلي وسط قطاع غزة    يورو 2024.. هولندا تستدعى جوشوا زيركزي بديلا للاعب أتالانتا    حماس: وافقنا على مقترح الوسطاء في 5 مايو ونتنياهو رد بالهجوم على رفح وباقي القطاع    اعتقال شخصين بالسويد بسبب إطلاق نار قرب السفارة الإسرائيلية    سفير روسيا بالقاهرة: سعداء بانضمام مصر للبريكس.. ونتطلع لنظام دولي أكثر توازنا    اتحاد الكرة يرد عبر «المصري اليوم» بشأن قرار «فيفا» بعدم قانونية إيقاف الشيبي    نجم الأهلي السابق يحذر حسام حسن: بعض اللاعبين يتعالون على المنتخب    محمد كوفي: الجماهير المصرية أصابت بوركينا فاسو بالفزع وهذا تفاصيل حديثى مع صلاح    «ألبين» تحاول ضم شوماخر    اتحاد الكرة يعلن حكام مباراتي بيراميدز وسموحة.. وفيوتشر أمام الجونة    مهيب عبد الهادي: أزمة إيقاف رمضان صبحي «هتعدي على خير» واللاعب جدد عقده    الداخلية تكشف حقيقة تعدي جزار على شخص في الهرم وإصابته    «الإدارية العليا» ترفض مجازاة مدير اختصامه جهة عمله.. وتؤكد: «اجتهد ولم يرتكب مخالفات»    المشدد 10 سنوات وغرامة 3 ملايين جنيه ل«مسؤول سابق بالجمارك»    تحذير شديد بشأن حالة الطقس اليوم : جحيم تحت الشمس ودرجة الحرارة «استثنائية»    مدحت صالح يمتع حضور حفل صوت السينما بمجموعة من أغانى الأفلام الكلاسيكية    هشام عاشور: «نيللي كريم هتفضل حبيبتي رغم الانفصال»    محمد الباز: هناك خلل في متابعة ما يتعلق بالتغيير الحكومي بالذهنية العامة وليس الإعلام فقط    حازم عمر ل"الشاهد": 25 يناير كانت متوقعة.. وأميل للتسليم الهادئ للسلطة    فرحة وترانيم في الليلة الختامية ل«مولد العذراء»    أطفال من ذوى الهمم يتقمصون دور المرشد السياحي لتوعية زوار المتحف اليونانى الرومانى    وكيل صحة سوهاج يعقد اجتماع لمناقشة خطة التأمين الطبي أثناء العيد    احذري تخطي هذه المدة.. أفضل طرق تخزين لحم الأضحية    خزين العيد.. أطعمة يجب شرائها قبل يوم الوقفة    وزيرا الخارجية والصحة الكويتيان يتفقدان حالة المصابين جراء حادث الحريق ويطمئنان على المصاب المصري    الرئيس الأوكراني يطالب حلفاءه بالمساعدة لدعم قطاع الطاقة    بوتين يثني على "الدور المتنامي" لمجموعة دول البريكس في الشؤون الدولية    مسئول سعودى : خطة متكاملة لسلامة الغذاء والدواء للحجاج    حسام غالي يرقص مع محمد هاني لاعب الأهلى وعروسته خلال حفل زفافهما    قبل ساعات من ذروتها.. الأرصاد تستعرض تفاصيل موجة ارتفاع درجات الحرارة تستمر حتى العيد    المزاد على لوحة سيارة " أ م ى- 1" المميزة يتخطى 3 ملايين جنيه    بعد الصفعة.. عمرو دياب يطرح أغنية الطعامة    صاحبة فيديو جرعة العلاج الكيماوي تكشف تفاصيل الواقعة    أمانة حفر الباطن تُنفّذ حملة مُتكاملة لتجهيز الحدائق والمتنزهات لاستقبال الزوّار    تعرف على أسعار سيارات لينك آند كو فئة SUV 2024    الاتصالات: الحوسبة السحابية واحدة من التكنولوجيات الجديدة التي تؤهل للمستقبل    ريال مدريد يحدد موعد تقديم كيليان مبابي في سانتياجو بيرنابيو    بدائل الثانوية.. مدرسة مياه الشرب بمسطرد - موعد التقديم والأوراق والشروط    حكم ذبح الأضحية ليلا في أيام التشريق.. «الإفتاء» توضح    هل يجوز للأرملة الخروج من بيتها أثناء عدتها؟ أمين الفتوى يُجيب    جهود مكثفة لكشف ملابسات العثور على جثتين فى المعادى    وكيل «صحة الشرقية» يتابع التشغيل التجريبي لوحدة تفتيت الحصوات بمستشفى كفر صقر    5 فئات ممنوعة من تناول لحمة الرأس في عيد الأضحى.. تسبّب مخاطر صحية خطيرة    «عمداء السويس» يكرم دكتور سعيد عبادي لتأسيس طب الجامعة    الأطفال يطوفون حول الكعبة في محاكاة لمناسك الحج بالبيت المحمدي - صور    ما حكم الاشتراك في أضحية الضأن أو الماعز.. وهل ثوابها يصل لجميع الأهل؟.. الأزهر للفتوى يوضح    انطلقت من أول مؤتمرات الشباب لتتحول إلى منصة وطنية للحوار وبناء القيادات    محافظ الغربية يستقبل الأنبا أغناطيوس أسقف المحلة للتهنئة بعيد الأضحى    المفوضية الأوروبية تهدد بفرض رسوم على السيارات الكهربائية الصينية    القوات المسلحة تنظم مراسم تسليم الأطراف التعويضية لعدد من ضحايا الألغام ومخلفات الحروب السابقة    «الأوقاف» تحدد ضوابط صلاة عيد الأضحى وتشكل غرفة عمليات ولجنة بكل مديرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آدى الله وآدى حكمته
نشر في اليوم السابع يوم 23 - 10 - 2008

الروتين اليومى فى ركوب وسائل المواصلات العادية للوصول إلى مقر عملى " المترو – الميكروباص وأخواته" قررت كسره فى هذا اليوم .. "ح آخد تاكسى " .. القرار جرىء لا لشىء سوى أنه سيكلفنى ميزانية 5 أيام مخصصة للمواصلات!
من المعادى إلى المهندسين حيث مقر جريدتى سار بى بالفعل التاكسى، الذى ما إن استقليته حتى سألنى السائق الذى لاحظ كم الأوراق التى كنت أحملها وعكفت على القراءة فيها بمجرد أن استقر بى المقام على المقعد الخلفى : " وحضرتك بقى مدرّسة "؟
قلت له : " لا .. صحفية ".
فرد قائلاً : " وفين بقى .. فى جرنال حكومة ولاّ معارضة "؟ .. فرددت عليه باسم صحيفتى موضحة أنها مستقلة لا حكومية ولا حزبية, فاستكمل الرجل حديثه قائلا ً : " طيب أنا على فكرة مبخافش واسمى رشاد أحمد مهندس زراعى وباشتغل فى التموين وبعد الضهر سواق تاكسى .. ونفسى الصحافة تتغير وتبقى لها سلطة بجد .. أصل الصحافة دى هى صوت الناس ولو الناس اتغيرت الحكومة ح تتغير .. يا ريت تحضوا الناس تتغير ومتخافش .. الجرايد كترت أوى بس من غير تأثير" !
استكمل الرجل الذى قارب على الخمسين من عمره وبدون انتظار لتعليق منى على كلامه : " يعنى مثلا ً سلم المعصرة على طريق الأوتوستراد ده كان من وقت قريب بيموت على أسفلته العشرات كل يوم من الحوادث، لحد ما جيه يوم ضربت ملاكى شاب صغير فى السن، يومها قرر الناس فى المنطقة التجمهر وسدوا الطريق بالحجارة واعترضوا وفضلوا واقفين .. تانى يوم اشتغلت الحكومة وتم عمل 8 مطبات فى الطريق ده ومن يومها انتهت الحوادث .. شفتى بقى أن الناس لما اتحركت واعترضت، الحكومة اتحركت .. فيها إيه لو الناس قررت فى يوم كده من صباحية ربنا أنها متشتريش العيش أبو 5 قروش اللى ميتاكلش ده .. تخيلى لو أضربنا يوم عن شرائه" ؟! "أنا شايف إن احنا لو اتغيرنا واتحركنا حاجات كتير أوى ح تتعدل" !
لم يعطنى الرجل أى فرصة للتعليق على كلامه وكأنه كان يتحدث مع نفسه .. انتقل بتلقائية شديدة إلى حديث آخر .. يقول : " والله أنا كل مرتبى 850 جنيها طبعاً مبيكفوش علشان كده باشتغل ع التاكسى ".
انتهزتها فرصة لكى آخذ منه ناصية الحديث عنوة .. سألته : " وعندك ولاد كتير يا أ. رشاد ؟" . تلعثم قليلاً ثم أجاب : " والله أنا معنديش ولاد كتير بس عندى مشاكل كتير .. أصلى منفصل من 3سنوات وعندى ولدين فى الجامعة حالياً " . وعلى الفور قفزت إلى ذهنى الإحصائية الشهيرة ( 60 ألف حالة طلاق كل عام , 5 آلاف فى الشهر , 160 فى اليوم ) كنت أحسبها غير دقيقة .. تهّول أمراً ليس حقيقياً، ولكننى بدأت فى الآونة الأخيرة ولكثرة من أقابلهم من المطلقات والمطلقين أؤمن بأن الأمر جد لا هزل فيه .
سألت المهندس رشاد : وإيه المشاكل اللى عندك مادام ولادك كبروا ؟
رد بعد تنهيدة : " أصل أنا ساكن فى شقة ايجار قانون جديد .. وطلعت من بيتى بشنطة هدومى يوم ما طلقت أم ولادى وسيبت لهم الشقة، وطبعا مصاريفى كترت ومن يومها وأنا دافن نفسى فى الشغل أطلع من وظيفتى على التاكسى وأرّوح خلصان .. وكل لما أتقدم لواحدة أهلها بيطلبوا شقة وشبكة ومؤخر وأنا مش عايز أعيده تانى .. بحس أنهم كلهم طماعين وعايزين يأمنّوا مستقبل بناتهم وخلاص".
رددت عليه : " بس انت لما انفصلت كان ولادك كبروا وما كانتش مراتك حاضن .. سيبت لهم الشقة ليه؟"
تغير الرجل من هدوئه إلى الانفعال : " طبعا يا مدام .. هيه مش حاضن لكن أنا راجل "!
إجابة الرجل فى الحقيقة أدهشتنى .. ففى أغلب حالات الطلاق التى لامستها عن قرب والتى نسمع عنها فى المحاكم، أصبح من المعتاد أن نرى فيها غبن شديد تتعرض له المرأة وأطفالها فى حال وقوع الطلاق وحرص شديد من الرجل على الفوز المادى بأى شكل وبأى ثمن لكى يبدأ حياته من جديد، بصرف النظر عن " كوم من اللحم " ربما يكون اتنين أو ثلاثة أو ماشاء الله من عدد من أطفاله يلقى بهم فى الشارع ليقرر لهم مبلغاً لا يفى بأى متطلبات إمعاناً فى إذلال ومعاقبة مطلقته، بينما ما يحدث بالفعل هو "بهدلة " شديدة يتعرض لها الصغار مادية قبل المعنوية، ولا يتحرك لها ساكن لدى الرجل " الأب" .. أى أن روح الانتقام هى التى تسود فى مثل هذه الحالات مما لا يبقى ذرة من رجولة أو شهامة .
إمارات الدهشة بدت على وجهى .. لاحظها الرجل فأضاف : " صحيح احنا اتطلقنا لكن أنا عشت 10 سنين مع أم ولادى وربنا قالنا " تسريح بإحسان " وفى الآخر دول ولادى .. وشباب .. يعنى لازم يعرفوا بالقدوة يعنى إيه راجل وميصحش أرميهم وأسيب لهم كمان ذكرى وحشة .. أنا فى الآخر يا مدام أب يعنى قدوة وذكرى .. وهّما مالهمش ذنب".
وبدا لى أن الرجل مصّر على إدهاشى .. سألته عن علاقته بأبنائه .. فرد فى أسى : " ابنى الصغير فى أولى جامعة ومادام مطالبه مجابة علاقتنا كويسة .. لكن ابنى الكبير فى رابعة كلية وهو اللى تاعبنى .. اتقدم لبنت كان بيحبها ولكن أهلها رفضوا علشان الظروف الأسرية – إن أنا وأمه متطلقين يعنى - ..ولأنه حساس فمن يومها وهو مستعر يتقدم لأى حد تانى .. وكل لما أكلمه فى التليفون يقول لى .. ليه عملت فينا كده؟ .. وأنا مش ناقص وأنا ح أعمل له إيه بقى .. آدى الله وآدى حكمته ".
وللمرة الأولى شعرت أن هناك " مطلق " يستحق هو وليس مطلقته "الطبطبة " .. فعلا ليسوا سواء . انتهى الحوار .. بانتهاء المشوار ووصولى إلى مقر العمل .. "ماتخلى يا مدام " كانت آخر كلمة قالها الباشمهندس - سواق .. شكرته وغادرت التاكسى وكلماته " يا ريت تحضوا الناس تتغير ومتخافش" .. " تخيلى لو أضربنا يوم عن شراء العيش اللى ميتاكلش " .. "هيه مش حاضن . .لكن أنا راجل " .. ما زالت ترن فى أذنى .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.