هندسة بنها تحصد المركز الأول على مستوى الجمهورية في مسابقة "صنع في مصر"    تراجع سعر الذهب في المعاملات الفورية مع ارتفاع الدولار    رئيس الوزراء يلتقي رئيس وكالة اليابان للتعاون الدولي "الجايكا"    كشف المسكوت عنه بضياع تريليونات الجنيهات على مصر، خبير يضع حلًا لتعافي الاقتصاد المصري    يتسحاق بريك: خطة احتلال مدينة غزة ستعود بكارثة على إسرائيل    وزير الأوقاف يدين الهجوم على مسجد في نيجيريا ويدعو للتصدي للتطرف والإرهاب    وزيرة الاستيطان بإسرائيل تؤيد استمرار عملية السيطرة على غزة: حتى لو أدى ذلك إلى مقتل المحتجزين    جلسة الحسم.. وفد الزمالك يجتمع بوزير الإسكان بمستندات جديدة    الرياضية: اتحاد جدة يستهدف لاعب زينيت    كلاب "بيانكي" تُثير الذعر في الإسكندرية.. 21 مصابًا في 48 ساعة    انتهاء امتحان الكيمياء لطلاب الثانوية العامة الدور الثاني 2025    جهود «أمن المنافذ» في مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    في القصاص حياة.. تنفيذ حكم الإعدام في سفاح الإسماعيلية.. الجاني ذبح مواطنًا وفصل رأسه وسار بها أمام المارة في الشارع.. والمخدرات السبب الرئيسي في الجريمة البشعة    86 قطعة أثرية.. افتتاح معرض "أسرار المدينة الغارقة" بمتحف الإسكندرية القومي    هل يوجد زكاة على القرض من البنك؟.. أمين الفتوى يجيب    عميد "قصر العيني" يتفقد المستشفيات ويوجه بدعم الفرق الطبية وتوفير أفضل رعاية للمرضى    إجازة المولد النبوى .. 3 أيام متتالية للموظفين    "لن أخضع للتنمر".. كوك عضو الفيدرالي الأمريكي تتحدى ترامب وترفض تقديم استقالتها    المصرية للاتصالات : الانتهاء من ربط مصر والأردن من خلال الكابل البحري للاتصالات عالي السعة "كورال بريدج"    القبض على البرلماني السابق رجب هلال حميدة سببه قضايا شيكات بدون رصيد    رئيس الوزراء يلتقي محافظ بنك اليابان للتعاون الدولي لبحث تعزيز الاستثمارات    أمانة الجبهة الوطنية بسوهاج تعلن اختيار وتعيين كفاءات وقيادات بارزة لمهام الأمناء المساعدين    هل يجوز سؤال الوالدين عن رضاهم عنا؟.. أمين الفتوى يجيب    امتحانات الثانوية العامة مستمرة وطلاب يؤدون امتحان الكيمياء والجغرفيا الدور الثاني    وزيرة التنمية المحلية تتابع مع محافظ أسوان الموقف التنفيذي لمشروعات الخطة الاستثمارية    وصول قيادات الجامعات لافتتاح معرض التعليم العالي بمكتبة الإسكندرية |صور    قبل مواجهة الأهلي.. اشتباه بإصابة محمود نبيل لاعب غزل المحلة بتمزق عضلي    ضربها بملة السرير.. زوج يقتل زوجته إثر مشادة كلامية بسوهاج    رضا عبد العال: أحمد عبد القادر أفضل من تريزيجيه وزيزو والشحات.. وانتقاله إلى الزمالك وارد    غدا.. ويجز يشعل مسرح «يو ارينا» بمهرجان العلمين    "في كيميا بينا".. أحمد سعد يعلق على ظهوره مع ياسمين عبدالعزيز    "صحة لبنان": مقتل شخص في غارة إسرائيلية على بلدة دير سريان بقضاء مرجعيون    القاهرة الإخبارية: مصر ترسل قافلة المساعدات الإنسانية العشرين إلى قطاع غزة    أوكرانيا: نعمل على وضع مفهوم أمني لما بعد الحرب مع روسيا    رئيس هيئة الاعتماد والرقابة الصحية يتفقد مستشفى رأس التين العام ووحدة طب أسرة الجمرك    محافظ الدقهلية يشدد على انتظام العمل وحسن استقبال المرضى بعيادة التأمين الصحي بجديلة    عاجل.. مايكروسوفت تراجع استخدام الجيش الإسرائيلي لتقنياتها بسبب حرب غزة    دعاء الفجر| اللهم اجعل هذا الفجر فرجًا لكل صابر وشفاءً لكل مريض    أذكار الصباح اليوم الخميس.. حصن يومك بالذكر والدعاء    رجل الدولة ورجل السياسة    توقعات الأبراج حظك اليوم الخميس 21-8-2025.. «الثور» أمام أرباح تتجاوز التوقعات    نجم الأهلي السابق: مودرن سبورت سيفوز على الزمالك    «ظهر من أول لمسة.. وعنده ثقة في نفسه».. علاء ميهوب يشيد بنجم الزمالك    الآن.. شروط القبول في أقسام كلية الآداب جامعة القاهرة 2025-2026 (انتظام)    حلوى المولد.. طريقة عمل الفسدقية أحلى من الجاهزة    لماذا لا يستطيع برج العقرب النوم ليلاً؟    ناصر أطلقها والسيسي يقود ثورتها الرقمية| إذاعة القرآن الكريم.. صوت مصر الروحي    جيش الاحتلال يستهدف بلدة فى جنوب لبنان بصاروخ أرض أرض.. وسقوط 7 مصابين    الإسماعيلي يتقدم باحتجاج رسمى ضد طاقم تحكيم لقاء الاتحاد السكندرى    استخدم أسد في ترويع عامل مصري.. النيابة العامة الليبية تٌقرر حبس ليبي على ذمة التحقيقات    شراكة جديدة بين "المتحدة" و"تيك توك" لتعزيز الحضور الإعلامي وتوسيع نطاق الانتشار    الجنائية الدولية: العقوبات الأمريكية هجوم صارخ على استقلالنا    وزارة الأوقاف تطلق صفحة "أطفالنا" لبناء وعي راسخ للنشء    أخبار× 24 ساعة.. مياه الجيزة: عودة الخدمة تدريجيا لمنطقة كفر طهرمس    "تجارة أعضاء وتشريح جثة وأدلة طبية".. القصة الكاملة وآخر مستجدات قضية اللاعب إبراهيم شيكا    بعد التحقيق معها.. "المهن التمثيلية" تحيل بدرية طلبة لمجلس تأديب    بعد معاناة مع السرطان.. وفاة القاضي الأمريكي "الرحيم" فرانك كابريو    ما الفرق بين التبديل والتزوير في القرآن الكريم؟.. خالد الجندي يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ارسم صليبا كالهلال
نشر في اليوم السابع يوم 23 - 10 - 2008


هَذا صَليبُكَ يا أخِى
فارسُمْهُ..
أو -إن شِئتَ- لا ترسُمْهُ..
عبِّرْ يا أخى عَمَّا تَدِينُ بهِ
أو اكتُمهُ
ولكنْ لا تُجادِلْ فى الذِى -إنْ قِيلَ-
لم تَفهمْهُ..
فلترسُمْ صليبَكَ..
إن يكنْ لابدَّ من رسمِ الصَّليبِ..
وإن يكنْ يَعْنِيكَ
رأيُ أخِيكَ فيكَ
إليكَ.. فاعْلمْهُ:
الصليبُ أنا وأنت.. نَعمْ
فإن صدَّقتَنى حقاً
وإلا فاتَّخذْ وضعا عمودياً
وقفْ.. واجعلْ ذراعيْكَ:
امتداداً جانبياً
واعتدِلْ.. تُصبحْ صليباً آدمياً
إن يكُنْ لابدَّ من رسمِ الصليبِ الآنَ..
فلترسُمْ على جسدِى
ولو بِيدى
لكنت أقمتُ داراً للعبادةِ..
تجمعُ الأديانَ فى بلدِى
فتلكَ كنيةٌ.. بجوارِها ديْرٌ
بجانِبِ مسْجدٍ.. أو معبَدٍ
فلعلَّها تَتزوجُ الجِيران من جيرانِها
فى مشهَدٍ!
ولعلَّ -من يدرِىَ-
يكونُ الدِّينُ والمتَديِّنونَ..
كمثلِ ذلكَ فى غدٍ
لمَ لا يكونُ الدينُ للديَّانِ مُنزِلِهِ
وللوطنِ الجَميعَُ
وكيف لا نسعَى
إلى ما -لو أردْنا- نستطيعُ!
الأمرُ لو بِيدى
لقلتُ: ارسُمْ صليبَكَ يا أخى
وارفَعْ أَذانَ الفجْرِ فى المحرابِ..
واشرَعْ فى الدعاءِ المْستجابِ..
لهؤلاءِ المؤمنينَ:
من العقائدِ تلكَ.. أو أهْلِ الكتابِ..
وقُلْ: هَبُوا أنّى: »أبومحذُورةَ القُرشِىُّ«..
بلْ و»بِلالُُ الحبَشىُّ«..
كىْ لا يَقتلَ الشكُّ اليقينَ..
وتَسْتكينَ حَفيظة المتعصِّبِ السَّلَفِى..
هيَّا ارسمْ صليبا
فيه خط الباطلِ الأفقىّ
يقطعُ ضدَّهُ الرأسىّ
حتى تُوجِزَ الإيمانَ فى خطَّيْنِ..
لِلمتَشككِينَ..
ارسمْ صليبا نيِّراً.. ومُرورا
مثلَ الهلالِ..
ولكن اسْتدرِكْ
لا تُشرِكْ صليبَكَ -أو هلالَكَ-
فى الجِدالِ..
ارسُمْ صليباً فى الخيال..
تراهُ وحدَكَ..
ثُم بالسَّبَّابةِ اكتُبْهُ:
أشِرْ فوق الجَبينِ..
إشارةً عجلى
فمن أعلَى لأسفَلَ..
ثم من جِهةِ اليسارِ إلى اليمينِ..
ارسُمْ صليبا
تستطيعُ بسِرِّ رُوحِ القُدْسِ فيهِ..
أن تُميِّزَ وجه »قيصَرَ«
عن قناعِ الرَّبِّ..
ثم تُميزَ الدِّين..
الملاكَ عن ابْنِ آدمَ..
والخيالَ عن امتلاكِ الواقعِ
اصْحبْنى إلى بهوِ الكنيسةِ يا صديقى
ملثما أمسِ اصطحبكَ
نحو صحنِ الجَامعِ..
اشربْ وارْوِنى برحيقِ سر ِّالسرِّ..
واذكُرْ لى نبيذَ المعْمدَانيِّينَ..
أَسْمعِنى تراتيلَ الصَّلاةِ..
أعِدْ على سمْعِى رَنيمَ الرَّاهباتِ..
وجَوْقةَ المتَرنِّماتِ من البناتِ..
مع البنينَ
ارسمْ.. وصوِّرْ لى بهاءَ المرْيَماتِ..
وهاتِ ذكِّرْنى
بما قد جاءَ فى الإِصحاحِ
حولَ خِيانةِ الأجسادِ لِلأرواحِ..
أَسْعدْنى ب»يُوحنَّا الحبيب«
وما تَواترَ عنهُ فى الكُتبِ..
اسْقِنى واشربْ
وأشبعْنى من الأدبِ..
اسْتعِدْ كلماتِ »متَّى«
واجْتهِدْ فى شَرح أحْلامِ الحواريِّينَ..
حَدّثنى عن اسْتشهادِ »بَرنابا«
وخُذْ فى سِيرةِ المحمودِ:
»يُوحنا العمودِ«..
وثَنِّ بالممدُوحِ: »يُوحنّا فمِ الذَّهبِ«
الْتَمستُ إليكَ:
زِدْنى عن كُنوزِ سَميِّهِ:
»يُوحنا سَابا«
والدِّمشقىِّ الذى قد أكرمَ الصُّورَ..
وقُلْ لى.. ثم مثّلْ لى
فمِثلى يعشُق الغُرَرَ..
ارْوِنى من ذلكَ الدَّنِّ العتيقِ..
ويا أخى
إن تنْسَ.. لا تنْسَ التياعَ النفْسِ
والصَّدأَ الذى ملأَ الحواسَّ الخَمسَ..
والظمأَ الذى تَدْريهِ..
فاشرَبْ.. واسْقِنى..
وارسُمْ صليباً كالهلالِ..
وأَبْقهِ حُرًّا أَمامَ الذَّاهبينَ الرائحينَ..
هناكَ فى خطِّ الزوالِ
وأَبْقِنى
وارسمْ.. ودَعْهُ كى يَسُودَ على الحدودِ
بشكلِهِ البكرِ الجديدِ..
بما يُميِّزُهُ عن الأشكالِ..
أبْقِ عليهِ حرًّا كى يميل إلى اليمين..
أو الشَّمالِ..
فَيسْتضىء الرائحونَ الذاهبونَ بهِ
إليهِ ينتمونَ
ارسمْ.. وَزوِّدْنى عن السِّحرِ الحلالِ..
ودَاوِنى بجوامعِ الأمثالِ..
قد حانَ اعترافى أننى:
دنَّسْتُ رُوحى بالخطيئةِ..
أيها الآبُ المقدَّسُ: نَقِّنِى
أسلمتُ نفسى للغوايةِ..
كانَ ما قد كانَ
والشيطانُ حاصَرَنى
فيا ابْنَ أبِى: قِنِى
وارسمْ صليبا.. ثم دعْهُ لِى
لِألتمسَ الخلاصَ بهِ.. وأغْنمَ خَيرَهُ
دعنِى لأَنجوَ يا أخى بصليبِكَ المخطوطِ..
وارسمْ غيرَهُ
وتعالَ ننسِجْ فى الطريقِ شِباكَنا
من بعْضِ هذا الغزْلِ.. أو تلكَ الخيوطِ..
مبزُّ المعجزاتِ جَميعَها
بمسيحِها وصَليبِها
تعلُو على كلِّ الشروطِ..
لكيْ نردَّ الكائناتِ.. بَقضِّها وقَضيضِها
لبراءَةِ الكيْنونةِ الأُولَى
نُعيدُ نَعيمَ ما قبْلَ السقوطِ
إذ السَّلامُ سبيلُها.. والحبُّ قوتُ قُلوبِها
ولعلَّ -من يَدرىَ-
فقد يَتحولُ الوحشُ الذى فى داخلِ الإنسانِ
عن غاياتهِ
فتكُفُّ عن سفْكِ الدماءِ نُيوبُهُ
ويُبدِّلُ الحيوانُ فى الغاباتِ من عاداتهِ
والطيرُ والحشراتُ.. من أُسلوبِها!
فارسُمْ صليباً.. وادْعُهُ: شبَحَ الحقيقةِ
حين يسقطُ ظلُّ صالبِها
على مصْلوبِها
فَتذوبُ شمعَتُها.. يَغيبُ شعاعُها
ويُطلُّ باطلُها.. ليُشعِلَ شرَّ معركةٍ
يَحيدُ الحقُّ عن مغلوبِها
وارسمْ صليبا من تَعاشيقِ الزُّجاجِ..
يكونُ مرآةً لمن يأتى
من الأجيالِ والأفواجِ..
أو نَجما يُضىءُ..
علامةً لقوافلِ الحُجَّاجِ
ثم انثُرْ عليهِ من الزهورِ..
أو اطْلِهِ مرّ الدُّهورِ..
لخيْرِ مصلوبَيْنِ قد ماتا عليهِ:
»يسوع« و»الحلاَّجِ«
فلتصنَعْ صليبا.. واعتبِرْهُ بُوصلةً
حتى تُحدِّدَ ما يَحِقُّ -ولا يحقُّ- بهِ
ولكنْ -إن غُصِبتَ- تجاوَز الحدَّ..
الذى يَعدُو عليكَ:
إن استطعتَ الردَّ.. رُدَّ
ولا تُدِرْ للمجرمينَ الخدَّ
فَلتصنَع صليبَكَ..
لا يهمُّ من النُّضارِ..
أو اللُّجيْنِ..
أو الصفيحِ
أرسمْ صليبا يملأُ الأفقَ الفسيحَ..
وقفْ مكانَكَ.. وانتظِرْ
مهما انتظرتَ.. فإنَّهُ:
لن يُرجِعَ الرسْمُ المسيحَ!
ويا أخِى
إن كنت قد أَحْسسْتَ بالتَّعبِ
اسْترِحَ
دعْ ما صنعتَ.. وقلْ لَهُ:
ما أنتَ -لولا نحنُ-
إلا محض عارِضَتينْ من خشبِ تقاطَعَتا
مُجرَّدُ فِلقتيْنِ فقطْ
من الخشبِ!
استرحْ -إن شئتَ- أو فاصنعْ صليبا آخر..
اصْنعْهُ..
ونوِّعْ فى الطرازِ..
أرطلْهُ.. أو ربِّعْهُ..
أو رصِّعهُ بالحجرِ الكريم..
وزِنْهُ بالتشَبِ
اتَّخذْهُ تميمةً
يَتبرَّكُ الموتى بها فى القبْرِ..
أو حِرْزاَ من الأحرازِ..
تستكفِى به الأحياءُ فى أجسادِهمْ:
خَتْما على رُسْغ الفتى
وشما على عَضلاتِهِ
أو زينةً بعلامةٍ فتَّانةٍ
تهتزُّ فى نحْرِ الفتاةِ..
على الهِلاليْنِ اللذيْنِ:
يُكوِّرانِ مَشارفَ الهَديْنِ..
يكْتنفِانِ أطرافَ الحقيقةِ بالمجازِ!
فَدعْهُ..
دعْ هذا الصليبَ الماجِنَ المحظوظَ..
يَلْهو كيفَ شاءَ هناكَ:
حيثُ احتَلَّ ذاكَ الحيِّزَ الملحوظَ..
دعْهُ الآن يلعبُ فى مُروج النورِ..
يمرحُ وحدَه
فى هضْبِة البلُّورِ..
أما أنتَ..
لترسُمْ صليباً جامعاً
لا مانعاً
هو للإناثِ وللذكور..
وللقريَب وللبَعيد..
وللغنىِّ وللفقير..
فإن صنعْتَ.. فَوفِّه حقَّ الأرَوُمَةِ..
صِلْهُ بالنّسَبِ..
اجتنِبْ شَطحاتِ أَهْلِ الفنِّ فى تصنيعِهِ
لا تَسْتجبْ لمغامراتِ الشكلِ..
كىْ يَبقَى يذكِّرُ بالصليب الأصلِ:
»مِفتاحِ الَحياةِ«
ارسُمْ صليباً.. وادْعُهُ:
عيْنَ المعاناةِ
التى -شيئاً فشيئاً- قد تكوَّنَ ماؤُها
من كلّ من ذرَفَ الدموعَ..
وعاشَ: لم يشْكُ الضَّنَى والجُوعَ..
أو من كِّل من نزفَ الدماءَ..
وظلَّ بين مدينةِ الأحياءِ والأمواتِ..
حتى ماتَ.. أو فقدَ الرجاءَ..
أرسُمْ كأنَّ الأرضَ قد وَبِئتْ.. وقُلْ:
طُوبَى لمن شَهِدَ الوباءَ..
ارسمْ صليبَكَ يا صديقُ..
وكُنْ على حذَرٍ
كأنَّكَ فوق مُنحدَرٍ
فَتسقُطُ تارةً وتَقومُ..
قُمْ.. وارسمْ
فموعِدُ ساعةِ الدَّيُنونةِ..
كاد َيجىءُ.. بلْ جاءَ!
ارسُمِ الأخيارَ.. والأشرارَ
والآباءَ.. والأبناءَ..
ولْتَجعلْ إِزاءَ الخَاطِئينَ:
الأبْرِياءَ..
تَهيَّأ الفِرْدوْسُ..
واسْتَعَرَ الجَحيمُ..
الحَكْمُ -هذا اليومَ- لابْنِ الله - والإنسان..
فليَقْضنِ القضاءَ:
«السَّيدُ» الأُقنومُ..
أمَّا أنتَ.. فَلترسُمْ على عجلٍ
تَحاكِى الماءَ..
فى جرَيانِهِ
وتثبِّتُ الأشياءَ..
أو فارسمْ.. كأنَّك -إن رسمتَ-
سَتنقِذُ الفقراءَ..
أو فارسمْ كأن الرسْمَ:
يسمعُ من فِم المرضَى الدُّعاءَ..
ويَسْتجيبُ لهُ
فيكتشِف الشفاء..
ارسمْ على مهْلٍ
كأنكَ تُطعمُ الجَوْعَى الثَّريدَ..
وتلهمُ الشعراءَ!
وَلْتتخيَّلِ البُؤَساءَ..
وقد أتَوْا يَتطلعونَ معاً إلى ما قد رسمتَ..
ويهتِفونَ:
الربُّ صارَ لنا الفِداءَ..
ارسمْ لهمْ
هم يَملِكونَ اليومَ شيئاً من حُطامِ الكوْنِ..
غير سَرابِ مملكةٍ
يلوحُ لهمْ برجْمِ الظنِّ..
فلترسمْ لهمْ.. لكنْ حَذارِ.. حَذارِ..
لا تَأمَنْ على الأرضِ السماءَ!
ارسمْ.. ولا تَخْشَ المغََبّةَ
واجْعلِ الشرَّ: الضَّميَر الحُرَّ
والدِّينَ المحبَّةَ..
أو -إذا شِئتَ- اصْنعِ الآنَ الصليبَ
كما تُريدنهُ
على النَّحوِ الذى تَهواهُ:
فَوفْهُ.. وزخْرِفهُ..
وإن أَسْرفتَ فى تمويههِ
فاَعْقِفهُ..
حتى ربَّما لو -فجأةً-
رجَعَ المسيحُ اليومَ..
لم يَعرفْهُ
أو فَأدِرْهُ بيْنَ يديْكَ..
حتى إن تكوَّرَ مثلَ قُنبلةٍ
فحاذِرْ منهُ..
كى لايَنسِفَ الدنيا وما فيها
بنارٍ منه مُرسَلةٍ
وبادِرْ أنتَ.. فانسِفْهُ!
لِتأمَنَ شرَّهُ الآتى
وما سَيليهِ..
أو فى وجْهِ من يسْعَى لذبْح أخيهِ..
فاقذِفهُ
كذلكَ يَسْتبين الحدُّ..
إذ يبقَى الصليبُ الفردُ..
حيًّا كالمسيِح الحىِّ صاحبِهِ
له الملكوتُ فى عليائِهِ
والمجْدُ
يَسْمو كلَّما نَسمُو
ويَنكفئُ الصليبُ الضِّدُّ..
فَلْتختَرْ صليبكَ يا أخى
مهما يكنْ عندَ الخِيارِ الجَهْدُ..
كلاَّ.. لا تُقِمْ لغريزةِ العُدوانِ فيكَ:
كنيسةً
فَتَدقَّ بالأجراسِ!
أنتَ صَنعتَ فى يومٍ: صليبَ الزَّيْفِ..
من خامِ الحديدِ..
أو البُرونْزِ..
أو النحاسِ..
وجِئتَ مُنتمِياً إلى هذا الصليبِ السيفِ..
أنتَ شَحذَْتَ شَفرتَهُ
حصَدْتَ بهِ رُؤوسَ الناسِ..
كم بالأمسِ قد أَشعلتَ من حربٍ مقدسةٍ
ضحاياها قَضَوْا
من سائرِ الأديانِ والأجناسِ..
فلترسمْ صليبَكَ من جديدٍ يا صديقُ..
بحيثُ يتَّحدُ الصليبُ بمن عليْهِ
ارسمْ بحيثُ تُجسِّدُ الغيْبىَّ..
وارسمْ يا أخى فى المرْئىِّ..
لِتُتَرجمَ المجهولَ بالإحساسِ..
هيَّا يا صديقى
إنْ يكن لابدَّ من رسمِ الصليبِ اليومَ..
فلترسمْ صليباً خافتاً
كلَّ الخُفوتِ!
اسمعْ لَهُ
وتعلَّمِ التعبيرَ منْهُ..
حِين يَنطِقُ بالسَّكوتِ
فيطمئِنُّ الطيِّبونَ لهُ
وتَبتهجُ الأراملُ والثكالى فى البيوتِ
ارسمّْ لنفْسِكَ يا صديقُ.. ولى
كأنِّى واحدُُ من حامِلىِ:
هذا الصليبِ الشاعرِ.. المتكلَّمِ
الخَجِلِ.. الصَّموتِ!
ارسَمْ صليباً مانعاً
لا جامِعاً
واجعلْ لهُ فى الرسْمَ:
حدّاً قاطعاً
من أجْلِ فصلِ القُوتِ -فى الأَيْقونةِ الكُبرَى
فَاْرسمْ لنفْسِكَ يا أخى
فأنا صَليبِى لايُرى بالعيْنِ
ليس بذِى كِيانٍ
بلْ صليب كائنُُ
فى لا مكانٍَ!
لا صليب بين صُلبانٍ..
فهَيَّا: ارسّم صليبَكَ
فاتساعِ جروح أرضِكَ كلِّها
فبشرَقِها.. وبغرْبِها
بشماِلها.. وجنوبِها
صَلِّبْ صليَبكَ يا صديقُ..
وإن يكنْ لابدَّ من تجميلِهِ
جَمِّلْهُ.. ثم أحمِلْهُ وحدَكَ
تحتَ وهْجِ الشمسِ..
أو فى الرِّيحِ حالَ هُبوبِها
فإذا الِّرياحُ محَتْهُ..
فانْحتْهُ..
وبشِّرْ بالخلاِص الناسَ..
واكْرُزْ تحتَ ظلِّ صليبِكَ المنحوتِ
فى الملَكوتِ..
أنتَ الآنَ أَصبحْتَ الصليبَ الحقَّ..
يُمِكنُ أن تُسافِرَ فى الزمانِ..
بحيثُ تَحيا الفِصْحَ..
تَمتِحنُ النصوصَ بما جَرى
حتى تَصِحَّ
الآنَ يمكنُ أن تهاجِرَ فى المكانِ..
كما تَرى
قدْ تَرتقِى جَبلاَ لِكىْ تعِظَ الوَرَى
من فوقِهِ
أو تنَقِى سهْلاً.. وتُسْدِى النُّصحَ..
أنتَ الآنَ يمكنُ أن تَجوبَ الأرضَ:
تبدأُ عَبْرَ أَدْناها
وتسعَى فى قُراها
ثم تبلغُ مُنتهاها
حيثُ تجلِسُ تحتَ ظلِّ شُجيْرةٍ
توطةٍ.. أو نخلةٍ
ستكونُ قد أَنْهيتَ أوَّل خُطوةٍ
فى رحلةٍ
فخرجتَ من عَتَبٍ.. إلى عتبٍ
وقدْ تَغفُو قَليلاً تحتَ هذا الظِّل
حتى يَسْتريحَ الجِسمُ من تعَب
وتحلُمُ بالصليبِ الطَيِف.. أشْباهاً
وتَتُلو ما تيسَّر من نصوصِ »العْهدِ«.. أَوَّاها
وتذكرُ الحِبيبا
فاذكُر صديقَكَ..
كلَّما اسْتيقظْتَ من نومٍ هناكَ..
أذكُرْ صديقَكَ يا صديقُ..
وإن يكنْ لابد من رسمِ الصليبِ:
فلا غَضاضة يا أخِى
دَعْنى أنا
كى أرسُمَ اليومَ الصَّليبَا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.