آخر تحديث ل سعر الذهب بمحلات الصاغة.. اعرف عيار 21 بكام    توقيع خطاب النوايا بین «الكفایة الإنتاجیة» ومكتب «يونيدو» بالبحرين    رئيس جهاز مدينة دمياط الجديدة يستعرض أعمال تطوير محطة مياه الشرب    تعرف على مواصفات هيونداي كريتا 2024 فئة Smart أهم مزايا السيارة الداخلية والخارجية    حماس: تعديلات إسرائيل على المقترح الأخير وضعت المفاوضات في طريق مسدود    إسماعيل هنية: طوفان الأقصى مقدمة التحرير والاستقلال.. والاحتلال يصارع من أجل البقاء    إسماعيل هنية: طوفان الأقصى اجتاحت قلاع الاحتلال الحصينة.. وتذل جيشا قيل إنه لا يقهر    الأمم المتحدة: لم يعد لدينا طعام أو خيام لحوالي مليوني شخص في غزة    وصول الشحنة السابعة من المساعدات الباكستانية لغزة إلى بورسعيد    عاجل.. كاف يكافئ الزمالك بسبب الأهلي ويصدم نهضة بركان بقرار رسمي.. مستند    مؤتمر «الكيانات المصرية فى أوروبا» يناقش استعدادات تنظيم بطولة الكاراتيه الدولية في الغردقة    «الأرصاد» تكشف حالة الطقس لمدة أسبوع.. الحرارة تصل إلى 42 درجة    قرار قضائي بشأن متهمين في مشاجرة دامية بالمقطم    خالد أبو بكر مهنئا «القاهرة الإخبارية»: فكرة وصناعة مصرية خالصة 100%    نادين: مسلسل «دواعي سفر» يستعرض دور الطب النفسي في علاج المشاكل    أيمن حسن داود يكشف مشكلات سفر الشباب في عودة المجد    3 قوافل لجامعة كفر الشيخ ضمن حياة كريمة في مطوبس.. تفاصيل    تشكيل باريس سان جيرمان لمواجهة نيس في الدوري الفرنسي    وزارة النقل تنعى هشام عرفات: ساهم في تنفيذ العديد من المشروعات المهمة    وزارة النقل تنعى الدكتور هشام عرفات وزير النقل السابق    مخاطر الإنترنت العميق، ندوة تثقيفية لكلية الدعوة الإسلامية بحضور قيادات الأزهر    «جوزي الجديد أهو».. أول تعليق من ياسمين عبدالعزيز على ظهورها بفستان زفاف (تفاصيل)    طاقم عمل A MAD MAX SAGA في العرض العالمي بمهرجان كان (فيديو)    هل الحج بالتقسيط حلال؟.. «دار الإفتاء» توضح    أمين الفتوى يحسم الجدل حول سفر المرأة للحج بدون محرم    خالد الجندي: ربنا أمرنا بطاعة الوالدين فى كل الأحوال عدا الشرك بالله    المشدد 7 سنوات لمتهم بهتك عرض طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة بكفر الشيخ    يكفلها الدستور ويضمنها القضاء.. الحقوق القانونية والجنائية لذوي الإعاقة    كوارث النقل الذكى!!    الكويت تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي للامتثال إلى قرارات الشرعية الدولية    6 مستشفيات جديدة تحصل على اعتماد «جهار» بالمحافظات    محافظ مطروح: ندعم جهود نقابة الأطباء لتطوير منظومة الصحة    جامعة قناة السويس ضمن أفضل 400 جامعة دولياً في تصنيف تايمز    بث مباشر مباراة بيراميدز وسيراميكا بالدوري المصري لحظة بلحظة | التشكيل    رغم تصدر ال"السرب".. "شقو" يقترب من 70 مليون جنية إيرادات    الطاهري: القضية الفلسطينية حاضرة في القمة العربية بعدما حصدت زخما بالأمم المتحدة    نائب محافظ الجيزة تشهد فعاليات القافلة العلاجية الشاملة بقرية ميت شماس    الزراعة: زيادة المساحات المخصصة لمحصول القطن ل130 ألف فدان    «تضامن النواب» توافق على موازنة مديريات التضامن الاجتماعي وتصدر 7 توصيات    الحكومة توافق على ترميم مسجدي جوهر اللالا ومسجد قانيباي الرماح بالقاهرة    "رسميًا".. موعد عيد الاضحى 2024 تونس وعدد أيام إجازة العيد للموظفين    إصابة عامل صيانة إثر سقوطه داخل مصعد بالدقهلية    ماذا قال مدير دار نشر السيفير عن مستوى الأبحاث المصرية؟    أبرزها «الأسد» و«الميزان».. 4 أبراج لا تتحمل الوحدة    مفتي الجمهورية من منتدى كايسيد: الإسلام يعظم المشتركات بين الأديان والتعايش السلمي    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    الصحة: تقديم الخدمات الطبية ل898 ألف مريض بمستشفيات الحميات    للنهائى الأفريقي فوائد أخرى.. مصطفى شوبير يستهدف المنتخب من بوابة الترجى    قطع الكهرباء عن عدة مناطق بمدينة بنها الجمعة    "النقد الدولي" يوافق على قروض لدعم اقتصاد غينيا بيساو والرأس الأخضر    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 13238 قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة لشروط التعاقد    حكم وشروط الأضحية.. الإفتاء توضح: لا بد أن تبلغ سن الذبح    ضبط 123 قضية مخدرات في حملة بالدقهلية    أحمد مجدي: السيطرة على غرفة خلع ملابس غزل المحلة وراء العودة للممتاز    تشاهدون اليوم.. نهائي كأس إيطاليا وبيراميدز يستضيف سيراميكا    وزارة العمل: 945 فرصة عمل لمدرسين وممرضات فى 13 محافظة    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ارسم صليبا كالهلال
نشر في اليوم السابع يوم 23 - 10 - 2008


هَذا صَليبُكَ يا أخِى
فارسُمْهُ..
أو -إن شِئتَ- لا ترسُمْهُ..
عبِّرْ يا أخى عَمَّا تَدِينُ بهِ
أو اكتُمهُ
ولكنْ لا تُجادِلْ فى الذِى -إنْ قِيلَ-
لم تَفهمْهُ..
فلترسُمْ صليبَكَ..
إن يكنْ لابدَّ من رسمِ الصَّليبِ..
وإن يكنْ يَعْنِيكَ
رأيُ أخِيكَ فيكَ
إليكَ.. فاعْلمْهُ:
الصليبُ أنا وأنت.. نَعمْ
فإن صدَّقتَنى حقاً
وإلا فاتَّخذْ وضعا عمودياً
وقفْ.. واجعلْ ذراعيْكَ:
امتداداً جانبياً
واعتدِلْ.. تُصبحْ صليباً آدمياً
إن يكُنْ لابدَّ من رسمِ الصليبِ الآنَ..
فلترسُمْ على جسدِى
ولو بِيدى
لكنت أقمتُ داراً للعبادةِ..
تجمعُ الأديانَ فى بلدِى
فتلكَ كنيةٌ.. بجوارِها ديْرٌ
بجانِبِ مسْجدٍ.. أو معبَدٍ
فلعلَّها تَتزوجُ الجِيران من جيرانِها
فى مشهَدٍ!
ولعلَّ -من يدرِىَ-
يكونُ الدِّينُ والمتَديِّنونَ..
كمثلِ ذلكَ فى غدٍ
لمَ لا يكونُ الدينُ للديَّانِ مُنزِلِهِ
وللوطنِ الجَميعَُ
وكيف لا نسعَى
إلى ما -لو أردْنا- نستطيعُ!
الأمرُ لو بِيدى
لقلتُ: ارسُمْ صليبَكَ يا أخى
وارفَعْ أَذانَ الفجْرِ فى المحرابِ..
واشرَعْ فى الدعاءِ المْستجابِ..
لهؤلاءِ المؤمنينَ:
من العقائدِ تلكَ.. أو أهْلِ الكتابِ..
وقُلْ: هَبُوا أنّى: »أبومحذُورةَ القُرشِىُّ«..
بلْ و»بِلالُُ الحبَشىُّ«..
كىْ لا يَقتلَ الشكُّ اليقينَ..
وتَسْتكينَ حَفيظة المتعصِّبِ السَّلَفِى..
هيَّا ارسمْ صليبا
فيه خط الباطلِ الأفقىّ
يقطعُ ضدَّهُ الرأسىّ
حتى تُوجِزَ الإيمانَ فى خطَّيْنِ..
لِلمتَشككِينَ..
ارسمْ صليبا نيِّراً.. ومُرورا
مثلَ الهلالِ..
ولكن اسْتدرِكْ
لا تُشرِكْ صليبَكَ -أو هلالَكَ-
فى الجِدالِ..
ارسُمْ صليباً فى الخيال..
تراهُ وحدَكَ..
ثُم بالسَّبَّابةِ اكتُبْهُ:
أشِرْ فوق الجَبينِ..
إشارةً عجلى
فمن أعلَى لأسفَلَ..
ثم من جِهةِ اليسارِ إلى اليمينِ..
ارسُمْ صليبا
تستطيعُ بسِرِّ رُوحِ القُدْسِ فيهِ..
أن تُميِّزَ وجه »قيصَرَ«
عن قناعِ الرَّبِّ..
ثم تُميزَ الدِّين..
الملاكَ عن ابْنِ آدمَ..
والخيالَ عن امتلاكِ الواقعِ
اصْحبْنى إلى بهوِ الكنيسةِ يا صديقى
ملثما أمسِ اصطحبكَ
نحو صحنِ الجَامعِ..
اشربْ وارْوِنى برحيقِ سر ِّالسرِّ..
واذكُرْ لى نبيذَ المعْمدَانيِّينَ..
أَسْمعِنى تراتيلَ الصَّلاةِ..
أعِدْ على سمْعِى رَنيمَ الرَّاهباتِ..
وجَوْقةَ المتَرنِّماتِ من البناتِ..
مع البنينَ
ارسمْ.. وصوِّرْ لى بهاءَ المرْيَماتِ..
وهاتِ ذكِّرْنى
بما قد جاءَ فى الإِصحاحِ
حولَ خِيانةِ الأجسادِ لِلأرواحِ..
أَسْعدْنى ب»يُوحنَّا الحبيب«
وما تَواترَ عنهُ فى الكُتبِ..
اسْقِنى واشربْ
وأشبعْنى من الأدبِ..
اسْتعِدْ كلماتِ »متَّى«
واجْتهِدْ فى شَرح أحْلامِ الحواريِّينَ..
حَدّثنى عن اسْتشهادِ »بَرنابا«
وخُذْ فى سِيرةِ المحمودِ:
»يُوحنا العمودِ«..
وثَنِّ بالممدُوحِ: »يُوحنّا فمِ الذَّهبِ«
الْتَمستُ إليكَ:
زِدْنى عن كُنوزِ سَميِّهِ:
»يُوحنا سَابا«
والدِّمشقىِّ الذى قد أكرمَ الصُّورَ..
وقُلْ لى.. ثم مثّلْ لى
فمِثلى يعشُق الغُرَرَ..
ارْوِنى من ذلكَ الدَّنِّ العتيقِ..
ويا أخى
إن تنْسَ.. لا تنْسَ التياعَ النفْسِ
والصَّدأَ الذى ملأَ الحواسَّ الخَمسَ..
والظمأَ الذى تَدْريهِ..
فاشرَبْ.. واسْقِنى..
وارسُمْ صليباً كالهلالِ..
وأَبْقهِ حُرًّا أَمامَ الذَّاهبينَ الرائحينَ..
هناكَ فى خطِّ الزوالِ
وأَبْقِنى
وارسمْ.. ودَعْهُ كى يَسُودَ على الحدودِ
بشكلِهِ البكرِ الجديدِ..
بما يُميِّزُهُ عن الأشكالِ..
أبْقِ عليهِ حرًّا كى يميل إلى اليمين..
أو الشَّمالِ..
فَيسْتضىء الرائحونَ الذاهبونَ بهِ
إليهِ ينتمونَ
ارسمْ.. وَزوِّدْنى عن السِّحرِ الحلالِ..
ودَاوِنى بجوامعِ الأمثالِ..
قد حانَ اعترافى أننى:
دنَّسْتُ رُوحى بالخطيئةِ..
أيها الآبُ المقدَّسُ: نَقِّنِى
أسلمتُ نفسى للغوايةِ..
كانَ ما قد كانَ
والشيطانُ حاصَرَنى
فيا ابْنَ أبِى: قِنِى
وارسمْ صليبا.. ثم دعْهُ لِى
لِألتمسَ الخلاصَ بهِ.. وأغْنمَ خَيرَهُ
دعنِى لأَنجوَ يا أخى بصليبِكَ المخطوطِ..
وارسمْ غيرَهُ
وتعالَ ننسِجْ فى الطريقِ شِباكَنا
من بعْضِ هذا الغزْلِ.. أو تلكَ الخيوطِ..
مبزُّ المعجزاتِ جَميعَها
بمسيحِها وصَليبِها
تعلُو على كلِّ الشروطِ..
لكيْ نردَّ الكائناتِ.. بَقضِّها وقَضيضِها
لبراءَةِ الكيْنونةِ الأُولَى
نُعيدُ نَعيمَ ما قبْلَ السقوطِ
إذ السَّلامُ سبيلُها.. والحبُّ قوتُ قُلوبِها
ولعلَّ -من يَدرىَ-
فقد يَتحولُ الوحشُ الذى فى داخلِ الإنسانِ
عن غاياتهِ
فتكُفُّ عن سفْكِ الدماءِ نُيوبُهُ
ويُبدِّلُ الحيوانُ فى الغاباتِ من عاداتهِ
والطيرُ والحشراتُ.. من أُسلوبِها!
فارسُمْ صليباً.. وادْعُهُ: شبَحَ الحقيقةِ
حين يسقطُ ظلُّ صالبِها
على مصْلوبِها
فَتذوبُ شمعَتُها.. يَغيبُ شعاعُها
ويُطلُّ باطلُها.. ليُشعِلَ شرَّ معركةٍ
يَحيدُ الحقُّ عن مغلوبِها
وارسمْ صليبا من تَعاشيقِ الزُّجاجِ..
يكونُ مرآةً لمن يأتى
من الأجيالِ والأفواجِ..
أو نَجما يُضىءُ..
علامةً لقوافلِ الحُجَّاجِ
ثم انثُرْ عليهِ من الزهورِ..
أو اطْلِهِ مرّ الدُّهورِ..
لخيْرِ مصلوبَيْنِ قد ماتا عليهِ:
»يسوع« و»الحلاَّجِ«
فلتصنَعْ صليبا.. واعتبِرْهُ بُوصلةً
حتى تُحدِّدَ ما يَحِقُّ -ولا يحقُّ- بهِ
ولكنْ -إن غُصِبتَ- تجاوَز الحدَّ..
الذى يَعدُو عليكَ:
إن استطعتَ الردَّ.. رُدَّ
ولا تُدِرْ للمجرمينَ الخدَّ
فَلتصنَع صليبَكَ..
لا يهمُّ من النُّضارِ..
أو اللُّجيْنِ..
أو الصفيحِ
أرسمْ صليبا يملأُ الأفقَ الفسيحَ..
وقفْ مكانَكَ.. وانتظِرْ
مهما انتظرتَ.. فإنَّهُ:
لن يُرجِعَ الرسْمُ المسيحَ!
ويا أخِى
إن كنت قد أَحْسسْتَ بالتَّعبِ
اسْترِحَ
دعْ ما صنعتَ.. وقلْ لَهُ:
ما أنتَ -لولا نحنُ-
إلا محض عارِضَتينْ من خشبِ تقاطَعَتا
مُجرَّدُ فِلقتيْنِ فقطْ
من الخشبِ!
استرحْ -إن شئتَ- أو فاصنعْ صليبا آخر..
اصْنعْهُ..
ونوِّعْ فى الطرازِ..
أرطلْهُ.. أو ربِّعْهُ..
أو رصِّعهُ بالحجرِ الكريم..
وزِنْهُ بالتشَبِ
اتَّخذْهُ تميمةً
يَتبرَّكُ الموتى بها فى القبْرِ..
أو حِرْزاَ من الأحرازِ..
تستكفِى به الأحياءُ فى أجسادِهمْ:
خَتْما على رُسْغ الفتى
وشما على عَضلاتِهِ
أو زينةً بعلامةٍ فتَّانةٍ
تهتزُّ فى نحْرِ الفتاةِ..
على الهِلاليْنِ اللذيْنِ:
يُكوِّرانِ مَشارفَ الهَديْنِ..
يكْتنفِانِ أطرافَ الحقيقةِ بالمجازِ!
فَدعْهُ..
دعْ هذا الصليبَ الماجِنَ المحظوظَ..
يَلْهو كيفَ شاءَ هناكَ:
حيثُ احتَلَّ ذاكَ الحيِّزَ الملحوظَ..
دعْهُ الآن يلعبُ فى مُروج النورِ..
يمرحُ وحدَه
فى هضْبِة البلُّورِ..
أما أنتَ..
لترسُمْ صليباً جامعاً
لا مانعاً
هو للإناثِ وللذكور..
وللقريَب وللبَعيد..
وللغنىِّ وللفقير..
فإن صنعْتَ.. فَوفِّه حقَّ الأرَوُمَةِ..
صِلْهُ بالنّسَبِ..
اجتنِبْ شَطحاتِ أَهْلِ الفنِّ فى تصنيعِهِ
لا تَسْتجبْ لمغامراتِ الشكلِ..
كىْ يَبقَى يذكِّرُ بالصليب الأصلِ:
»مِفتاحِ الَحياةِ«
ارسُمْ صليباً.. وادْعُهُ:
عيْنَ المعاناةِ
التى -شيئاً فشيئاً- قد تكوَّنَ ماؤُها
من كلّ من ذرَفَ الدموعَ..
وعاشَ: لم يشْكُ الضَّنَى والجُوعَ..
أو من كِّل من نزفَ الدماءَ..
وظلَّ بين مدينةِ الأحياءِ والأمواتِ..
حتى ماتَ.. أو فقدَ الرجاءَ..
أرسُمْ كأنَّ الأرضَ قد وَبِئتْ.. وقُلْ:
طُوبَى لمن شَهِدَ الوباءَ..
ارسمْ صليبَكَ يا صديقُ..
وكُنْ على حذَرٍ
كأنَّكَ فوق مُنحدَرٍ
فَتسقُطُ تارةً وتَقومُ..
قُمْ.. وارسمْ
فموعِدُ ساعةِ الدَّيُنونةِ..
كاد َيجىءُ.. بلْ جاءَ!
ارسُمِ الأخيارَ.. والأشرارَ
والآباءَ.. والأبناءَ..
ولْتَجعلْ إِزاءَ الخَاطِئينَ:
الأبْرِياءَ..
تَهيَّأ الفِرْدوْسُ..
واسْتَعَرَ الجَحيمُ..
الحَكْمُ -هذا اليومَ- لابْنِ الله - والإنسان..
فليَقْضنِ القضاءَ:
«السَّيدُ» الأُقنومُ..
أمَّا أنتَ.. فَلترسُمْ على عجلٍ
تَحاكِى الماءَ..
فى جرَيانِهِ
وتثبِّتُ الأشياءَ..
أو فارسمْ.. كأنَّك -إن رسمتَ-
سَتنقِذُ الفقراءَ..
أو فارسمْ كأن الرسْمَ:
يسمعُ من فِم المرضَى الدُّعاءَ..
ويَسْتجيبُ لهُ
فيكتشِف الشفاء..
ارسمْ على مهْلٍ
كأنكَ تُطعمُ الجَوْعَى الثَّريدَ..
وتلهمُ الشعراءَ!
وَلْتتخيَّلِ البُؤَساءَ..
وقد أتَوْا يَتطلعونَ معاً إلى ما قد رسمتَ..
ويهتِفونَ:
الربُّ صارَ لنا الفِداءَ..
ارسمْ لهمْ
هم يَملِكونَ اليومَ شيئاً من حُطامِ الكوْنِ..
غير سَرابِ مملكةٍ
يلوحُ لهمْ برجْمِ الظنِّ..
فلترسمْ لهمْ.. لكنْ حَذارِ.. حَذارِ..
لا تَأمَنْ على الأرضِ السماءَ!
ارسمْ.. ولا تَخْشَ المغََبّةَ
واجْعلِ الشرَّ: الضَّميَر الحُرَّ
والدِّينَ المحبَّةَ..
أو -إذا شِئتَ- اصْنعِ الآنَ الصليبَ
كما تُريدنهُ
على النَّحوِ الذى تَهواهُ:
فَوفْهُ.. وزخْرِفهُ..
وإن أَسْرفتَ فى تمويههِ
فاَعْقِفهُ..
حتى ربَّما لو -فجأةً-
رجَعَ المسيحُ اليومَ..
لم يَعرفْهُ
أو فَأدِرْهُ بيْنَ يديْكَ..
حتى إن تكوَّرَ مثلَ قُنبلةٍ
فحاذِرْ منهُ..
كى لايَنسِفَ الدنيا وما فيها
بنارٍ منه مُرسَلةٍ
وبادِرْ أنتَ.. فانسِفْهُ!
لِتأمَنَ شرَّهُ الآتى
وما سَيليهِ..
أو فى وجْهِ من يسْعَى لذبْح أخيهِ..
فاقذِفهُ
كذلكَ يَسْتبين الحدُّ..
إذ يبقَى الصليبُ الفردُ..
حيًّا كالمسيِح الحىِّ صاحبِهِ
له الملكوتُ فى عليائِهِ
والمجْدُ
يَسْمو كلَّما نَسمُو
ويَنكفئُ الصليبُ الضِّدُّ..
فَلْتختَرْ صليبكَ يا أخى
مهما يكنْ عندَ الخِيارِ الجَهْدُ..
كلاَّ.. لا تُقِمْ لغريزةِ العُدوانِ فيكَ:
كنيسةً
فَتَدقَّ بالأجراسِ!
أنتَ صَنعتَ فى يومٍ: صليبَ الزَّيْفِ..
من خامِ الحديدِ..
أو البُرونْزِ..
أو النحاسِ..
وجِئتَ مُنتمِياً إلى هذا الصليبِ السيفِ..
أنتَ شَحذَْتَ شَفرتَهُ
حصَدْتَ بهِ رُؤوسَ الناسِ..
كم بالأمسِ قد أَشعلتَ من حربٍ مقدسةٍ
ضحاياها قَضَوْا
من سائرِ الأديانِ والأجناسِ..
فلترسمْ صليبَكَ من جديدٍ يا صديقُ..
بحيثُ يتَّحدُ الصليبُ بمن عليْهِ
ارسمْ بحيثُ تُجسِّدُ الغيْبىَّ..
وارسمْ يا أخى فى المرْئىِّ..
لِتُتَرجمَ المجهولَ بالإحساسِ..
هيَّا يا صديقى
إنْ يكن لابدَّ من رسمِ الصليبِ اليومَ..
فلترسمْ صليباً خافتاً
كلَّ الخُفوتِ!
اسمعْ لَهُ
وتعلَّمِ التعبيرَ منْهُ..
حِين يَنطِقُ بالسَّكوتِ
فيطمئِنُّ الطيِّبونَ لهُ
وتَبتهجُ الأراملُ والثكالى فى البيوتِ
ارسمّْ لنفْسِكَ يا صديقُ.. ولى
كأنِّى واحدُُ من حامِلىِ:
هذا الصليبِ الشاعرِ.. المتكلَّمِ
الخَجِلِ.. الصَّموتِ!
ارسَمْ صليباً مانعاً
لا جامِعاً
واجعلْ لهُ فى الرسْمَ:
حدّاً قاطعاً
من أجْلِ فصلِ القُوتِ -فى الأَيْقونةِ الكُبرَى
فَاْرسمْ لنفْسِكَ يا أخى
فأنا صَليبِى لايُرى بالعيْنِ
ليس بذِى كِيانٍ
بلْ صليب كائنُُ
فى لا مكانٍَ!
لا صليب بين صُلبانٍ..
فهَيَّا: ارسّم صليبَكَ
فاتساعِ جروح أرضِكَ كلِّها
فبشرَقِها.. وبغرْبِها
بشماِلها.. وجنوبِها
صَلِّبْ صليَبكَ يا صديقُ..
وإن يكنْ لابدَّ من تجميلِهِ
جَمِّلْهُ.. ثم أحمِلْهُ وحدَكَ
تحتَ وهْجِ الشمسِ..
أو فى الرِّيحِ حالَ هُبوبِها
فإذا الِّرياحُ محَتْهُ..
فانْحتْهُ..
وبشِّرْ بالخلاِص الناسَ..
واكْرُزْ تحتَ ظلِّ صليبِكَ المنحوتِ
فى الملَكوتِ..
أنتَ الآنَ أَصبحْتَ الصليبَ الحقَّ..
يُمِكنُ أن تُسافِرَ فى الزمانِ..
بحيثُ تَحيا الفِصْحَ..
تَمتِحنُ النصوصَ بما جَرى
حتى تَصِحَّ
الآنَ يمكنُ أن تهاجِرَ فى المكانِ..
كما تَرى
قدْ تَرتقِى جَبلاَ لِكىْ تعِظَ الوَرَى
من فوقِهِ
أو تنَقِى سهْلاً.. وتُسْدِى النُّصحَ..
أنتَ الآنَ يمكنُ أن تَجوبَ الأرضَ:
تبدأُ عَبْرَ أَدْناها
وتسعَى فى قُراها
ثم تبلغُ مُنتهاها
حيثُ تجلِسُ تحتَ ظلِّ شُجيْرةٍ
توطةٍ.. أو نخلةٍ
ستكونُ قد أَنْهيتَ أوَّل خُطوةٍ
فى رحلةٍ
فخرجتَ من عَتَبٍ.. إلى عتبٍ
وقدْ تَغفُو قَليلاً تحتَ هذا الظِّل
حتى يَسْتريحَ الجِسمُ من تعَب
وتحلُمُ بالصليبِ الطَيِف.. أشْباهاً
وتَتُلو ما تيسَّر من نصوصِ »العْهدِ«.. أَوَّاها
وتذكرُ الحِبيبا
فاذكُر صديقَكَ..
كلَّما اسْتيقظْتَ من نومٍ هناكَ..
أذكُرْ صديقَكَ يا صديقُ..
وإن يكنْ لابد من رسمِ الصليبِ:
فلا غَضاضة يا أخِى
دَعْنى أنا
كى أرسُمَ اليومَ الصَّليبَا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.