( في 626 ديسمبر عادت السفينة مرمرة إلى وطنها، لكن شهداء أسطول الحرية التسعة لا يعودون. إلى أرواحهم النبيلة هذا النشيد) السفينة مرمرة عند عودتها إلى تركيا طابَ السُّباتُ ولَذَّتْ رقدةُ الحِقَبِ واسْتَمْسكَ الهُدْبُ في الأضْغاثِ بالهُدُبِ هو الهزيعُ مِن العُمْرِ الذي كَسَدَتْ أيّامُهُ فذوَى العُنقودُ بالعنَبِ هو الخواءُ وهذا الليلُ يملأُه دُجَىً يضيقُ على الأقمارِ والشُهُبِ لا عاشقٌ أرِقٌ، لا قيسُ لا عُمَرٌ ولا جميلٌ يرى بُثْناهُ في السُحُبِ حتى المريضةُ ليلى بالعراقِ أوَتْ وخَلَّتِ العُرسَ والفستانَ في العُلَبِ
مدائنٌ نَسَجَتْ للصمتِ شرنقة واستعصَمَتْ بهِ مِن دَوْرَةِ النُوَبِ وأهلُها رَفعوا في الكهفِ أُفْقَهُمُ واستأْنسُوا أُفعُوانَ الفقْرِ والسَغَبِ في مَشْهَدِ اللهِ هذا؛ مَنْ بصرْخَتِهِ شَجَّ السكونَ وشقَّ البحرَ بالغَضَبَ؟ مَنِ الذي حَرَّكَ الريحَ التي أسَنَتْ؟ مَنِ الذي علَّقَ الأجراسَ في الرَّقَبِ؟ يا فارسَ التُرْكِ لِمْ كَسَّرْتَ هَدْأتَنا رَمَيْتَ في وجهِنا تُفّاحةَ العَطَبِ أتيْتَ تسألُنا عن فارسِ العَرَبِ يا فارسَ التركِ! أنتَ الفارسُ العربي! هذا سؤالَُكَ عالٍ في المَدَى، دَمُه فَجْرٌ يُفَرِّقُ بينَ الرأسِ والذَنَبِ فاحمِلْ هلالَكَ في أعلى منازلِهِ واكشُطْ بهِ طبَقاتِ العَتْمِ والحُجُبِ آنِسْ بهِ (غزّةَ) العَزْلاءَ من قَمَرٍ يَهدي الأحبّةَ للأبوابِ والعَتَبِ حَرِّرْ حكاياتِها قد طالَ ما صَمَتَتْ في الأسْرِ حتى تَغَطَّى الصمتُ بالعُشُبِ واقبِضْ على الجمْرِ كيْفَ الجمرُ مشتعِلٌ في راحَتيْكَ ولَمْ تَتْعبْ من اللَهَبِ كأنَّه حرقةُ الحُبِّ القديمِ كأنّ هُ بقِيَّةُ ذَنْبٍ عنهُ لَمْ تَتُبِ مازالَ فيكَ الصدى والصوتُ يصطَخِبا نِ عبْرَ تَغْريبةِ الأحلافِ والعُصُبِ فاصْدَعْ لِذاتِكَ إذْ نادَتْكَ تتبعُها خلفَ الرؤى، فمشَيْتَ الدرْبَ عن كثَبِ إلى الجنوبِ إلى شَطٍّ كتبتَ بهِ تاريخَ مجْدِكَ في الآفاقِ بالذهَبِ دعاكَ مُستصْرِخاً بدماكُما اختلطَتْ: يا فارسَ التركِ لا توقِظْ أخا العرَبِ بل خلِّهِ، لا لسانٌ فيه يُسعغُهُ ولا رَجا منهُ من (جوبا) إلى (حَلَبِ) منزوعةٌ قوسُهُ لا سهمَ لا وترٌ مشغولةٌ يدُهُ تَلْوي عصا اللَعِبِ بَلِيَتْ قراطيسُه، أقلامُهُ انقصَفَتْ والرمحُ والسيفُ عيدانٌ من القصَبِ الليلُ يعبُرُهُ، والبيدُ تُنكرُهُ والخيلُ من تحتِهِ صارتْ من الخشَبِ ........................... حيرانُ يا دمَنا في صِحَّةِ النَسَبِ سليلُ حمْزةَ أمْ مَوْلى أبي لهَبِ؟ أأرضعتْنا الحليبَ الحُرّ فاطمةٌ؟ أمَ أنّنا أُمُّنا حمّالةُ الحطَبِ؟ من نحنُ حقاً؟ غبارٌ بينَ أزمنةٍ؟ نقشٌ على الماءِ بالألفاظِ والصخبِ؟ هل لعنةٌ؟ رُقْيَةٌ؟ سرٌّ؟ مُعادَلةٌ؟ فَمٌ مِكَرٌّ وأقْدامٌ إلى الهرَبِ؟ أُحْجِيَّةٌ ألْغَزَتْ أصحابَها فغَدَتْ أُمَّ الأحاجي وهُمْ أُعجوبَةَ العجَبِ؟ لنا تواريخُنا عن ألفِ راويةٍ ما مِنْهُمُ واحدٌ يخلو من النَدَبِ! ماذا نُصدّقُ فينا؟ رأيَ أعْيُنِنا؟ كِذْبَ الرواةِ تُرى؟ أم نشرةَ الكَذِبِ؟ لا شيءَ يجمعُنا حتى لأسألُني هل أنتمُ عربٌ؟ بل هل أنا عربي؟ أم كلُّنا زبَدٌ هشٌّ يهشّمُنا صخرُ الحقيقةِ فوقَ الشاطئِ اللجِبِ ......................... من كربلاءَ إلى أطلالِ أندلسٍ إلى الجليلِ إلى الأقصى إلى النَقَبِ من المحيطِ إلى جُرحِ الخليجِ ترى هاماً مُطَأطَأةً واليأسَ للرُّكَبِ أذي بلادي التي أسكنْتُها جسدي فمالها أسكنَتْنا فُسْحةَ التُّرَبِ؟! أذي بلادُ المتونِ الأمّهاتِ هَوَتْ فلا تكادُ تُرى في هامشِ الكتبِ أذي بلادي التي وُرِّثْتُها حُلُماً في الأغنياتِ، فزالتْ نشوةُ الطرَبِ ماتَ المُغنّي وصارتْ كلُّ أغنيةٍ قالتْ (أيا عرباً) من قلّةِ الأدبِ! .............................. في أيِّما بَلَدٍ وجهي يحاصرُني من لي يُبَرِّؤني منكمْ ومن نسبي خَجْلانُ من لَكْنَتي خجلانُ من لُغتي خجلانُ من كُنْيَتي خجلانُ من لقبي هذي دماغي ورُوحي من ليغسلَني يريحَني من دمٍ في الجرح ملتَهِبِ ومن ليسلبَني إسمي ويُنْسِيَني إرثَ الحكاياتِ عن جَدّي وجَدِّ أبي حتى أعيشَ خفيفاً ليس يُثقلُني حِملُ الأساطيرِ فوقَ الكاهلِ التعِبِ ............................ لا تنتظرْ خُطوتي في فَجْرِ (مَرْمَرَةٍ) من جاءَ جاءَ ومن لم يأتِ فليَغِبِ عن لوحةِ المجدِ عن صفْحاتِ قِصّتِهِ لا تنتظرْهُ ولا تبحثْ عن السببِ بل سِرْ أيا فارسَ الأتراكِ منفرداً لا يُقعِدَنْكَ قُعودُ الناسِ والنُّخَبِ أدهِشْ هشاشتَنا بالمعجزات فكمْ قريبةٌ هيَ إن أخْلصْتَ في الطلبِ واضربْ بسيفِكَ لوْحَ الصمتِ ينْضَربِ وقُدْ سفينَكَ عبرَ البحرِ يضطربِ أطلِقْ دمَ الشُّهَدا في جُرحِنا يطِبِ وإن تعبتَ استعِنْ بالله يستجبِ وامدُدْ يداً في مُحَاقٍ طالَ موقفُهُ وعُدْ لنا بهلالِ العيدِ في (رَجَبِ)