قبل تسعة أشهر، استقال سامح مكرم عبيد من كافة مناصبه داخل حزب الوفد، وعلى الأخص السكرتارية العامة والمكتب التنفيذى والهيئة العليا ومن باقى التشكيلات، فيما عدا عضويته بالحزب التى تمسك بها لإيمانه برسالة الوفد ومبادئه وثوابته التى تحدت الزمن والأشخاص. وقال سامح مكرم، إن استقالته راجعة إلى ثلاثة أسباب لعل أهمها بالنسبة لى، التخلى عن مبدأ علمانية الوفد الذى أرساه سعد زغلول باشا ورفاقه الوطنيون لصالح الإخوان المسلمين. اليوم استقال سامح مكرم عبيد من عضوية الوفد، إلى جانب استقالته السابقة من مناصبه القيادية، احتجاجا على تحالف الوفد والإخوان فى إطار تحالف 12 حزبا جديدا لتكوين جبهة موحدة فى الانتخابات المقبلة، وهو ما كتبت منتقدا له قبل يومين، واصفا التحالف الجديد بين الوفد وأحزاب ليبرالية أخرى مثل الغد مع الإخوان المسلمين بأنه تحالف غير مقدس. وقال سامح مكرم عبيد فى استقالته اليوم من عضوية الوفد، إن التحالف مع الإخوان قد يكون مفهوما، لكن بالتأكيد غير مقبول، فى عصر ما قبل ثورة 25 يناير، ضد الحزب الوطنى ودولته البوليسية، لكن التحالف الآن مع الإخوان المسلمين يطرح تساؤلا مهما هو: هذا التحالف ضد من؟ ويعتبر السكرتير العام السابق للوفد، سليل عائلة مكرم عبيد الضاربة فى التاريخ الوطنى والوفدى، أن التحالف الجديد يهدف إلى إضفاء شرعية وفدية للإخوان، لضرب الدولة المدنية الليبرالية، ما يعنى تنصل الوفد من مبادئه وثوابته التى دافع عنها لمدة 90 عاماً. ويقول سامح مكرم عبيد فى خطاب استقالته أمس من عضوية حزب الوفد، إن الوطن يمر بمرحلة دقيقة للغاية، وأن البرلمان القادم الذى سيسطر دستوراً جديداً، ويحدد مصير مصر والمنطقة المحيطة بها لسنوات قادمة لا يتحمل الانتهازية السياسية، لتحقيق مكاسب ضيقة.. مضيفا: لذا أجدنى أقف، وربما وحيداً، دفاعاً عن مبادئ الوفد الذى حمى مدنية مصر بفصل الدين عن الدولة مطالباً بأن يكون الدين لله والوطن للجميع ولا أجد سبيلاً أفضل للتعبير عن رفضى الشديد لهذا إلا باستقالتى من عضوية الحزب، وأن استقالتى ليست بسبب مسيحيتى وإنما لوطنيتي. انتهى خطاب استقالة سامح مكرم عبيد من عضوية الوفد، وهى بمثابة جرس إنذار أو حجر ثقيل يلقى فى ماء راكد، أتمنى أن يوقظ الوفد ويجعله يعيد النظر فى تحالفه مع الإخوان المسلمين، ورغم أنى لست عضوا بحزب الوفد، فإننى كمواطن مصرى أفخر بالتاريخ الليبرالى العريق الذى صنعه الوفد، وأتمنى من كل أعضاء الحزب، ومن كافة الليبراليين المصريين، الدفاع عن ليبراليتهم، حتى ولو كان الثمن خسارة انتخابات برلمانية مقبلة، لكن إعادة بناء الليبرالية المصرية، دون الدخول فى تحالفات غير مبررة مع قوى إسلامية سياسية هو أول الطريق لإعادة بناء الليبرالية المصرية الجديدة.. حتى تستعيد مكانتها فى الوطن وعلى الساحة السياسية كما كانت قبل ثورة يوليو 1952 التى ألغت التعدد والتنوع، وما أحوجنا إليه الآن.