أشاد الكاتب والباحث الأمريكى جون كالفرت بالتقرير المنشور بجريدة اليوم السابع للزميل وائل السمرى فى شهر أبريل من العام الماضى، والذى جاء تحت عنوان "رد الاعتبار للشهيد سيد قطب"، قائلا إنه لو كان قرأها وقتها لكان استعان بها كمصدر أسياسى فى تحرير كتابه "سيد قطب والراديكالية الإسلامية". وأضاف كالفرت خلال ندوة حفل توقيع كتابه أمس الخميس بمكتبة الكتب خان بالمعادى والتى أدارها الكاتب المترجم طلال فيصل، أنه عانى من سوء الفهم لطبيعة الإسلام بعد أحداث 11 سبتمبر لذلك قرر أن يبدأ بالبحث فى جذور الأصول الإسلامية ودراسة شخصية سيد قطب وإسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة، موضحا أنه على الرغم من أن بعض توجهات "قطب" تحمل كثيرا من أفكار القاعدة إلا انه لو كان حياً لما رضى أبدا عن أحداث 11 سبتمبر. وتابع كالفرت: لكى نفهم فكر سيد قطب فلابد لنا وأن ندرك تجربة التعذيب وبداية صدامه مع السلطة الذى جعله أكثر أصولية ويسعى لتغيير النظام بشكل عنيف، كما أن سيد قطب كان يرفض البدء بالهجوم على العالم الغربى ويكتفى برد عدوانه على العالم الإسلامى، ومن خلال دراستى لتلك الشخصية يمكننى أن أؤكد على أننى لم أعثر على كلمة واحدة فى كتاباته تعبر عن التكفير حتى وإن ترسخت فى ذهنه بعض الأفكار الخاصة بالحاكمية والجاهلية، وقطب عبارة عن جسر بين الحركات الجهادية والفكر الثورى وهو علامة فارقه تستحق الوقوف أمامها. وأضاف كالفرت أنه أثناء إعداده للكتاب بدأ يهتم أكثر بفهم شخصية قطب من الناحية الإنسانية والظروف التى وُلد فيها والمحيط الذى ساهم فى تشكيله، مشيرا إلى أنه على الرغم من أن قطب قدم الراحل نجيب محفوظ من الناحية الأدبية إلا أن الأخير قدم فصلا فى روايته "المرايا" ليصور قطب فى صورة سيئة تنم عن كراهية وعداء بين الطرفين حيث جسده محفوظ فى صورة رجل ذى عينين جاحظتين ومراوغ لا يعرف الحقيقية ومتردد دائما فى مواقفه، قائلا: تصوير محفوظ لقطب بهذا الشكل يدل على أن هناك شيئا تسبب فى هذه الكراهية وتعمد محفوظ إخفاءه. وأضاف كالفرت، أنه استغرق فى إعداد هذا الكتاب الصادر العام الماضى وتجميع مادته قرابة 10 سنوات التقى خلالها بالشخصيات التى قابلها قطب فى أمريكا والأماكن التى تردد عليها وقرأ بعض النصوص التى كتبها قطب بخط يده، قائلا: التقيت بشخصيات عديدة كانت مقربة لقطب البعض منهم قال إن قطب كان عميلا للمخابرات الأمريكية وآخرين أكدوا أنه كان يحب سماع موسيقى الكلاسيك وكانت تزعجه أغانى أم كلثوم وعبد الوهاب، ولكن مهما تنوعت الأقاويل فالمؤكد أن قطب كان شاعرا وكل محاولاته سواء فى الأدب أو الانضمام لمجال الإسلام السياسى كانت للبحث عن كل ما يستثير الشاعر بداخله، وهذا سر الاهتمام الكبير بقطب فى أمريكا. وعن فترة إقامة قطب فى أمريكا قال كالفرت: لم يقل قطب الحقيقة كاملة عن أمريكا خلال فترة إقامته ولا يعقل أن تكون كافة علاقاته بالمحيط هناك سلبية وليس بها أى شئ إيجابى فيكتفى فى المقالات التى كان يكتبها من هناك لجريدة الرسالة بالحديث عن الملاهى الليلية والاهتمام بالمادة فقط، ولكن هناك من يلتمس له العذر فى هذا بحجة أنه كان مرسلا للدفاع عن ثقافته فى ظل الصراع الثقافى والحضارى. وفى مداخلة للشاعر وائل السمرى متحدثا عن مقاله قال: قد اختلف تماما مع منهج سيد قطب ولكن أرى أنه كان عبقريا وكان مسار فكره كالنهر المتجدد فلديه كثير من تطرف المبدعين فتارة كان يذهب لأقصى اليمين ويعود بعدها ليذهب لأقصى اليسار فيحتك بخبرة كبيرة جدا وتظل هذه الاحكتكات تختمر بداخلة ليبدأ بعد ذلك فى تشكيل خبراته عن العالم. وتابع: كان قطب لديه صراحة كبيرة جدا مع نفسه والآخرين وكان منفعلا دوما مع ما يتلقاه، ولقد مُنى قطب بخيبة الأمل من الآخرين أكثر من مرة، كان أولها عندما فشل فى قصة حب كان لها رد فعل قاسٍ عليه، وتكرر الأمر معه عندما سافر إلى أمريكا وتعامل الغرب معه بشكل سئ فكان يظن أنهم سوف يفتحون لهم ذراعيه ويقدرون تفكيره ولكن هذا لم يحدث، وأخيرا مع ثورة يوليو عندما انتهى الأمر بإعدامه. وأضاف: سيد قطب كان لديه فكر واطلاع متجدد لكنه أصطدم بعنف مع السلطة ولقد صنع قهر ثورة يوليو معه خطيئتين من وجهة نظرى الأولى هى أنها حكمت بالإعدام على مفكر والثانية أن حكم الإعدام هذا جعل منه أسطورة قد نختلف فى محتواها ولكنها كرست مأساة سيد قطب بشكل حقيقى عندما اُعدم على يد الضباط الأحرار. وأوضح السمرى قائلا: إن قطب كان ينظر لنفسه على أنه أسطورة و ورفض كثيرا تقديم أى تنازلات أو طلب العفو والغفران ويجب أن ننظر لقطب دراميا باعتباره مأساة ليس مُنظراً أو مُحرضاً على العنف، لذلك جاء الربط بينه ونيتشه فى المقال خاصة بعدما تعامل الغرب مع نيتشه بسماحه على عكس العنف الذى تعامل به المجتمع الشرقى مع قطب. وعلق على ذلك كالفرت قائلا: هذا وصف وربط رائع بين الشخصيتين لأنك نظرت له من كونه شاعرا رومانسيا وهذا يتفق مع رؤيتك ولكننى متصور أنه لو لم يكن تم تعذيبه أو حبسه كان سيتحول لأحد العصريين أو الحداثيين الإسلاميين لأن لديه طريقة مميزة فى استخدام اللغة فى الإمساك بالحقيقة المعاصرة. وتابع كالفرت: عابد الجابرى وكل هذه الأسماء أقل من قطب والجابرى عقلانى لكن قطب رومانسى، وهناك حالة عامة من الجهل فى الغرب تجاة الإسلاميين والجميع ينظر للحركات الإسلامية باعتبارها ظاهرة واحدة وكثيرا ما كنت أحاول أن أوضح أن هناك اختلافا كبيرا بينهم فى الأصول والتطبيق. ومن ناحية أخرى يعتزم كالفرت الإقامة فى مصر لمدة عامين، يجمع خلالهما المعلومات المتعلقة بالجماعات الإسلامية لتقديم كتابه القادم عن ذلك، كما يعكف المترجم طلال فيصل ترجمه كتاب "سيد قطب والراديكالية الإسلامية" وإصداره خلال الفترة القادمة.