إذا كانت لك هبة السماء، وكنت موهوباً حقا، ولكن شاءت الأقدار بأن تجدك على إقليم بمصر، فسوف يقابلك العجب العجاب، فما أن تحاول أن تظهر موهبتك الحقيقية المتميزة للنور، إلا ويقابلك التعجرف والتعالى والأنا المتضخمة من أصغر عامل فى فريق الإعداد إلى المذيعة المهفهفة التى تبدو عليها الثقافة الظاهرية، وأنها تفهم فى كل شىء، وتقيم الشعر والأدب ومستبحرة فى علوم السياسة، وخبيرة فى الأرصاد الجوية، ومتفقهة فى الطب والفلك والكيمياء، ولا تخفى عنها خافية فى الأرض ولا فى السماء.. ولكن الحقيقة غير ذلك، فهى غالبا ما تكون قد جاءت إلى هذا المكان عن طريق المحسوبية، ولا تعرف غير تلك الطريقة التى جاءت بها، وهى الدستور الذى يتعامل به فريق الإعداد فى اختيار ضيوف البرنامج.. فإذا قال لها شاعر مثلى أننى موهوب.. قالت له انته ابن مين فى مصر؟؟ خالتك معده فى برنامج.. مامتك مذيعة فى قناة إخبارية. جدتك الله يرحمها كانت معلقة رياضية فى قناة فضائية؟؟ وإذا قلت لها محسوبك مصرى، هزت كتفيها ومصمصت شفتيها، وكأنها تقول لك أنها عمله رديئة غير قابلة للصرف، فإذا قلت لها حتى بعد الثورة يا أستاذة التى قامت بتطهير كل شىء، ويقولون إنها طهرت الإعلام أيضا قالت لك الإعلام طاهر وشريف وعفيف طول عمره، ومش محتاج ثورة تطهره يا أستاذ.. وهنا أقف وأتساءل بعدما أعيتنى السبل فى الوصول لطريقة ما نستطيع من خلالها أن نقضى على الفساد فى كل أجهزة الدولة، وخاصة الإعلام الذى زاد فيه الفساد والمحسوبية بعد الثورة، وكأنه يخرج لنا لسانه ويقول "طوما طو زى ما راحو زى ما جو"، هل نقوم بتعيين مخبر على ضمير كل فرد فى مصر حتى يؤدى عمله بنزاهة وشرف؟؟ وهل كان الفساد يتغلغل فى الطبقة الحاكمة فقط أم نحن 80 مليون فاسد؟؟ ولماذا نلقى بالتهم على كل الناس وفى كل الأماكن والمناصب، هل لأن الفساد أصبح منهجا كان النظام السابق سببا رئيسيا فى تطبيقه على كافة المصالح وفى كل الاتجاهات، ولم يترك طبقة ولا مؤسسة عامة أو خاصة إلا وطالها السم فى أحشائها.. إن الذى يمعن النظر فى الأحداث التى تتحرك فى أحشاء كل وطنى مخلص لتراب هذا الوطن قبل أن تتحرك على أرضه، يشعر وكأن هناك مؤامرة مدبرة، وخطة تحاك فى غياهب الأروقة السياسية، لجعل هذا البلد يعيش فى عبث دون رقابة على شىء، وجعله مغيبا صفرا مكدودا فى معادلة مشبوهة، وترك أنصاف المثقفين يطالعوننا كل يوم من شاشات الفضائيات عابثين بجهاز مهم جدا ألا وهو جهاز الإعلام، فما معنى أن يخرج مذيع فى قناة فضائية محترمة، ويقدم برنامجا إخباريا كبيرا، ويخطئ فى أسماء الإشارة، ولا يعرف أن تلك اسم إشارة للبعيد، وهذه اسم إشارة للقريب؟؟ أليس هذا معناه أن الثورة ما زالت لم تغير شيئا أين التغيير؟؟ ومتى وكيف يستعيد المصرى كرامته مع أبناء جلدته فى هذا الوطن أولا قبل الخارج وفى مصر قبل بلاد الواق واق؟؟ أستحلفكم بالله أيها المسئولون عن هذا البلد أن لا تقطعوا عن الداء الدواء، وأن لا تحرموا جرحنا من الشفاء، رافعين الظلم عن المظلومين والقهر عن المقهورين، وأن تعيدوا لكلمة مصرى هيبتها وقيمتها فى مصر أولا قبل الخارج.