قبل أشهر قليلة، كانت الكثير من الأعمال توضع ضمن "المحرمات" على المرأة السعودية، ومع اتجاه المملكة العربية لرؤية 2030 وبرنامج التحول الوطنى لعام 2020 وسياسة الانفتاح، وتشجيع المرأة للمشاركة فى سوق العمل، وإدخالها مجالات جديدة، ومع منحها بعض الحقوق التى كانت محرومة منها، وجدت المرأة السعودية مجالات جديدة للعمل فيها، من بينها مجال التنظيم والإرشاد السياحي. ورصد "اليوم السابع" خلال مشاركتها فى فعاليات مهرجان شتاء طنطورة، مشاركة الفتيات السعوديات فى عمليات تنظيم كافة فعاليات المهرجان، وتواجدهن الملحوظ فى كل الأنشطة التى تقام بالمهرجان، سواء كانت ثقافية أو تراثية وأدبية، بالإضافة لأعمال الاستقبال والتنظيم والإرشاد السياحى بمناطق محافظة العلا الأثرية.
والتقى "اليوم السابع" بعدد من الفتيات العاملات فى مجال تنظيم المهرجان والإرشاد السياحي، واللاتى أعربن عن سعادتهم للسماح لهن لأول مرة بالمشاركة فى تنظيم كافة فعاليات المهرجان، وتمكينهن من العمل بالمجال الإرشاد السياحي، بعد تلقينهن دورات تدريبية فى هذا المجال من قبل الهيئة الملكية لمحافظة العلا، التى يترأسها الأمير محمد بن سلمان، ولى العهد السعودي.
وقالت "نجوى على"، إحدى المنظمات، أنها سعيدة بمشاركتها فى تنظيم مهرجان شتاء طنطورة، بجانب عشرات الفتيات السعوديات، وهى تجربة وصفتها ب"المفيدة والرائعة"، وتضيف: السماح لنا بالعمل فى مجال التنظيم والإرشاد السياحى فتح لنا فرص عمل جديدة، خاصة نحن فتيات محافظة العلا، المليئة بالمواقع الآثرية.
أضافت، أن تجربة العمل فى مجال التنظيم والإرشاد السياحى لأول مرة لها، شجعتها على تطوير نفسها عن طريق الحصول على دورات تدريبية وورش عمل جديدة فى هذا المجال من أجل تحسين عملها فى المهرجانات المقبلة.
ونظمت الهيئة الملكية لمحافظة العلا، دورات تدريبية للفتيات فى مجال التنظيم والإرشاد السياحى قبل بدء فعاليات مهرجان شتاء طنطورة، المستمر فى الفترة ما بين 20 ديسمبر وحتى 9 فبراير المقبل.
وتقع محافظة العلا على بعد 300 كيلومتر إلى الشمال من المدينةالمنورة، ويجتمع بين ثنايا دروبها تراث أصيل وعراقة تاريخية وثقافية كبيرة، وتتميز بيئة محافظة العلا بثرائها الطبيعى، حيث تحتضن وادى القرى، وهو وادى خصب يجرى فى منتصف العلا ويمتد من الشمال إلى الجنوب تحيطه الجبال والسهو، وكان الوادى موطن للعديد من الحضارات المتعاقبة والتى ما زالت تمتلك لها شواهد أثرية على امتداد الوادي، ومن بينها مملكة "دادان" الذى استوطنه اللحيانيين والأنباط.
لعبت العلا دورها عبر التاريخ كملتقى للحضارات والثقافات، وكانت محطة مهمة على طرق التجارة العالمية بداية من القرن الأول قبل الميلاد، حيث على طريق التجارة القديم "طريق البخور" الذى يربط جنوب شبه الجزيرة العربية بشمالها وبالحضارات التاريخية المجاورة فى كل من مصر وبلاد الشام وبلاد الرافدين، وكانت مدنها وواحاتها بمثابة محطات عالمية للتبادل التجارى لمختلف السلع.
وتعود تسمية مهرجان "شتاء طنطورة" بهذا الاسم إلى الساعة الرقمية التى أطلق عليها " الطنطورة" وترتفع على أسطح أحد الأبنية وسط بلدة العلا الأثرية كجزء أصيل من البناء ويعتمد عليها أهالى العلا لإثبات قدوم فصل الشتاء ودخول موسم الزراعة وكذلك تغير فصول السنة، وخصوصاً مربعانية فصل الشتاء حيث أقصر يوم وأطول ليلة فى السنة، كما كان أهالى المدينة يعتمدون عليها قبل مئات السنين للتعرف على الوقت خلال اليوم، حيث اكتسبت الطنطورة على مر العصور أهميتها كنقطة يجتمع عندها أهالى البلدة للاحتفال بموسم الزراعة وبدخول فصل الشتاء، والذى يعود معه مجدداً النشاط فى الحقول، وهكذا أصبح الحدث تقليداً سنوياً يجمع أهل المدينة للاحتفال بعودتهم إلى حقولهم وفرصة للابتهاج وتبادل التهاني.
وتضم محافظة العلا، العديد من المناطق الآثرية التى يعود تاريخها لآلاف السنين، أبرزها مدائن صالح (منطقة الحجر) والتى كانت موطن الأنباط وقوم عاد المذكورين فى القرآن الكريم، وتعتبر "مدائن صالح" أول موقع فى السعودية ينضم إلى قائمة التراث العالمي، كما تعتبر صخور "الغراميل" من أبرز معالم الصحراء فى محافظة العلا، وهى تكوينات وجبال صخرية، ويعد "جبل الفيل" أحد أبرز التشكيلات الصخرية ومعالم وادى العلا، ويبلغ ارتفاعه 50 متر، و"جبل عكمة" التاريخى والذى يحتوى على الكتابات والنقوش الأثرية للحضارة اللحيانية إلى جانب الحضارات الديدانية والمعينية والنبطية، و"مملكة دادان" حيث تم اكتشاف ما يسمى ب"مقابر الأسود" التى تعد أبرز آثار المملكة، أما "حرة عويرض" فهو جبل بركانى متعدد الفوهات يرتفع عن مستوى سطح المدينة مسافة 600 قدم ومن خلال يمكن رؤية محافظة "العلا" من أقصاها لأقصاها.
