تزايدت مخاوف خبراء التغذية مؤخرا بسبب المخاطر الجسيمة لمتبقيات المبيدات فى الأغذية على صحة المستهلكين، التى تؤدى إلى أمراض خطيرة ينعدم وجود علاج لها فى كثير من الأحيان.. بالطبع لم تبذل الحكومة، خاصة وزارة الزراعة، المجهود الكافى للتخلص من تلك المتبقيات السامة فى غذاء المصريين، فى ظل البحث عن حل فورى وسريع لعلاج أزمة الكثافة السكانية، التى أصبحت مشكلة غير محتملة لكثير من صناع القرار، خاصة بعد إعلان اللواء أبو بكر الجندى - رئيس الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء خلال يونيو الماضى، أن إجمالى عدد سكان مصر بلغ فى أول مايو 2008 حوالى 79 مليون نسمة. فى المقابل، أصبح الأغنياء فى البلد يعتمدون بشكل كبير على الأغذية العضوية أو ال “organic” مرتفعة السعر، التى يتم زراعتها باستخدام الأسمدة العضوية مثل مخلفات الدواجن والماشية، لأن حياتهم "غالية قوى". لم تقم الجهات الرقابية المسئولة فى الدولة بواجبها، بسبب خوفها من كبار الأباطرة العاملين فى قطاع الصناعات الغذائية، فلم تلزم أصحاب المصانع بالتخلص من هذه المتبقيات الخطيرة، ولم تهتم بتطبيق المواصفات القياسية والجودة على منتجات تلك الشركات. لم تبذل غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات المصرية المسئولة عن متابعة هذا الملف، الجهد الكافى لحث الصناع، خاصة أعضاء الغرفة، على ضرورة التخلص من متبقيات المبيدات فى الطعام حفاظا على صحة المستهلكين، لكن اكتفت الغرفة مؤخرا بعقد مؤتمر بعنوان "تحليل متبقيات المبيدات فى الأغذية"، بالتعاون مع شركة SGS Egypt Limited العالمية، بسبب إنشاء المعمل الدولى الجديد الخاص بتحليل متبقيات المبيدات فى الأغذية، الذى يعد أول معمل من نوعه يقوم بإنشائه وتشغيله القطاع الخاص فى مصر. حضر المؤتمر العديد من العاملين فى قطاع الصناعات الغذائية المحلى ورجال الأعمال وبعض أعضاء الاتحاد ومسئولين حكوميين، كما تناول المؤتمر التعريف بجميع خدمات "SGS مصر" فى مجال الاختبارات والتحاليل، وتم عمل عرض متكامل لإمكانيات المعمل الدولى الجديد. يأتى هذا الاهتمام "المحدود" بملف متبقيات المبيدات فى الأغذية بعد أن تعالت أصوات العديد من كبار منتجى الصناعات الغذائية بالسوق المحلى، الذين أنكروا وجود أى أضرار تنعكس على صحة المستهلك من تلك المتبقيات لتهدئة الرأى العام، وأكدوا أنه يتم اتباع أحدث الأساليب العلمية للتخلص من تلك السموم، حفاظا على استمرار نمو معدلات أرباحهم ومبيعاتهم ورؤوس الأموال العاملة فى هذا القطاع الصناعى التى تقدر بالمليارات. وقال موظف حكومى يدعى جمال فاروق "إيه يعنى يمرض ويموت آلاف بل وملايين المصريين الغلابة بسبب متبقيات المبيدات فى الأغذية أو بأى وسيلة أخرى.. لابد أن نعترف جميعا أن حياة المواطن العادى أصبحت رخيصة قوى ومالهاش ثمن عند المسئولين فى البلد" ولا عزاء للفقراء. فى السياق نفسه، قال الدكتور كامل فوزى، الأستاذ بكلية الطب جامعة القاهرة سابقا، إن الاستخدام العشوائى للمبيدات الزراعية والأسمدة السامة فى رش الزراعات بلا هدف أو خطة محددة على مدى أكثر من 40 عاما، يعتبر بمثابة قتل للمصريين مع سبق الإصرار والترصد، لأنها أدت إلى تفشى كثير من الأمراض والأوبئة بين المواطنين، مثل تضخم الكبد واضطرابات فى وظائفه، وظهور أعراض تصلب الشرايين، وحدوث اضطراب فى كهرباء الدماغ، والفشل الكلوى والكبدى والسرطان خاصة سرطان الجلد والرئة، وغيرها من الأمراض الخطيرة. وأوضح الدكتور محمد عبد الستار، الأستاذ بكلية الزراعة جامعة عين شمس سابقا، أن تزايد عدد السكان خلال القرن العشرين أدى إلى سوء استغلال الموارد الأرضية والمائية المحدودة فى مصر، وبالتالى تم إضافة المبيدات والكيماويات الزراعية بشكل جنونى لزيادة الإنتاج دون الأخذ فى الحسبان الجوانب السلبية. أضاف عبد الستار أن الآثار السلبية لمتبقيات المبيدات فى الأغذية تطول أى إنسان، طالما أنه لم يتم التخلص من تلك السموم بشكل علمى وسليم، التى يتناولها أى فرد وهو يجهل أنها خطيرة على صحته، كما أن التوسع فى استخدام المبيدات أدى إلى انتشار أمراض الأورام فى القرى وبين الفلاحين بصورة كبيرة خلال السنوات الأخيرة، إضافة إلى القضاء على كثير من أنواع الطيور النافعة والأسماك فى نهر النيل والبحيرات. من جانبه، شدد حامد عبد اللطيف، عضو بجمعية لحماية المستهلك، على ضرورة الاتجاه إلى الزراعة العضوية أو ال “organic” وتشجيعها، التى تعتمد على الأسمدة العضوية مثل مخلفات الدواجن والماشية، ومنع استخدام أى مصادر للأسمدة المعدنية مثل النترات والأسمدة الفوسفاتية والبوتاسية، أضاف حامد أنه لابد من الاعتماد الكلى على زراعة خضراوات وفاكهة ونبات بأسلوب متقدم يخلو تماما من المبيدات والكيماويات السامة، حفاظا على أرواح المواطنين "الغلابة". لمعلوماتك: ◄منذ عام 1950 تم التوسع فى استخدام التكنولوجيا الزراعية الغربية فى مصر المعتمدة على المبيدات والكيماويات السامة، دون الأخذ فى الاعتبار طرق الحفاظ على صحة المواطنين. ◄خلال السنوات الأخيرة تزايدت حالات إصابة المصريين بسرطان القولون والكبد لمن هم تحت سن ال 30، بعد أن كانت تلك الأمراض تصيب المواطنين بعد سن ال 60.