ساويرس مذيعاً .. فكرة "نجيبة"

لم يكن من باب الفلس ولا البخل أن يقدم نجيب ساويرس، الملياردير المعروف، برنامجا بنفسه على قناة فضائية يملكها، ليملأ فراغا هوائيا، وهو الذى أنفق على القناة الملايين، وتكلفه شهريا ما يساوى مبلغ التأسيس والتجهيزات.
ظهر نجيب ساويرس متأنقا وليس متعجرفا، لم يحرق العريس "الضيف" بلباسه، لمجرد أنه صاحب المجلس، أو الكوشة، لكنه التزم بشياكة أهل المهنة فقط، فغلب محمود سعد بشياكته، واجتهد فى التغلب عليه فى حلبة المهنة كمذيع مبتدئ يحاور مذيعا لامعا ومتمرسا، لكن محمود تماسك أمام محاوره جيدا.
بدا نجيب ساويرس متواضعا أقصى درجات التواضع، فتضخم نجمه أمام المشاهد أكثر وأكثر، ليثبت أن التواضع رأسمال ضخم فى بناء الشخصية الرصينة، وبالتالى ارتقى بجدارة إلى مستوى النقد كمذيع، وليس كنجيب.
لم يظهر البرنامج خلال سياقه العام، أن اتفاقا تم بين المخرج وساويرس كمذيع "قائد الاستوديو"، بأن يسلط الأول الضوء عليه، أو يقتنص الشاشة طوال الحوار، من باب أنه مالك القناة، لكن آداب المهنة كانت مسيطرة طوال الحوار، فنال محمود سعد منه ما منحه لضيوفه فى برامجه المتعددة، وإن كانت المقاطعة قد تغلبت بين الضيفين فى بعض الأحيان، ليحن محمود سعد إلى عادته كمذيع حينا، وليصحو نجيب حينا آخر ليقفز إلى ناصية الحوار.
الدرس المستفاد من هذه الحلقة اليتيمة، التى حملت عنوان "نجيب ساويرس يحاور"، أن الرجل اهتم كثيرا بمشروعه "قناة o tv"، فشارك بنفسه فى سد بعض الفراغ، من باب أنه نجم أيضا، فبدلا من قبول عرض قناة أخرى بأن يعمل نجيب فيها لمدة ساعة، عرف الرجل قيمة هذه الفكرة، فطبقها فى مشروعه الخاص، لعلمه بقيمة الفكرة، وقد نجحت بالفعل وأتت أكلها.
ما يؤخذ على البرنامج اليتيم، أن نجيب – وقد يكون من حقه – لم ينفذ فكرته بطريقة تخالف السياق العام، حين فضل محاورة أكثر المحاورين لمعانا فى الإعلام الفضائي "محمود سعد"، ولو كنت مستشارا للفكرة، لاخترت له مثلا: ضيفا من نوع مستغرب، مثل زوجة ضحية من ضحايا عبارة ممدوح إسماعيل، أو الطالب الذى حاول الانتحار للتضييق عليه فى حياته بعد انتقاد رئيس الجمهورية فى ورقة إجابة الامتحان.
أتوقع أن يصبح السبق الذى حققه نجيب ساويرس تقليدا لأصحاب القنوات الفضائية، مثل: د حسن راتب، المحاور اللبق، ود. أحمد بهجت الوجه الإعلامى البشوش، لكن الخشية أن تنتقل العدوى إلى أصحاب الصحف، فليس كل فكرة عبقرية تملك ضمانات النجاح، وليس كل صاحب فكرة نجيب.