جامعة كفر الشيخ تنظم مسابقتي «المراسل التلفزيوني» و«الأفلام القصيرة» لنشر ثقافة الكلمة المسؤولة    «شعبة الدواجن» تكشف حقيقة انتشار «الفراخ السردة» بالأسواق    أسعار مواد البناء مساء اليوم السبت 6 ديسمبر 2025    جامعة القاهرة تهنئ المجلس الأعلى للجامعات لحصوله على شهادات المطابقة الدولية (الأيزو)    النرويج تحذر من «هشاشة» وقف إطلاق النار في غزة.. وتحث على نشر سريع لقوة الاستقرار    مستشار أوكراني: كييف تتجه لاستهداف العمق الروسي لإيلام الاقتصاد    قطر وسوريا تبحثان تعزيز التعاون التجاري والصناعي    بي إس جي ضد رين.. كفاراتسخيليا يقود هجوم سان جيرمان بالدوري الفرنسي    الرئيس الإسرائيلي عن طلب العفو ل نتنياهو: حالة استثنائية وسأضع مصلحة الدولة أولا    إنتر ميلان يتصدر الدوري الإيطالي بفوز ساحق على كومو    الداخلية تنقذ 4 عمال سقطوا داخل نفق خاص بمحطة الأتوبيس الترددي    أحمد حلمي يدعم منى زكي في العرض الخاص لفيلم الست (وصور)    لأول مرة.. مصطفى قمر رفقة زوجته في كليب «مش هاشوفك» | صور    تعليق مفاجئ من حمزة العيلي على الانتقادات الموجهة للنجوم    إطلاق التريلر الدعائي لفيلم القصص استعدادا لعرضه قريبا    «هيئة الكتاب» تدعم قصر ثقافة العريش بألف نسخة متنوعة    الأزهري يتفقد فعاليات اللجنة الثانية في اليوم الأول من المسابقة العالمية للقرآن الكريم    جامعة الدلتا التكنولوجية تتألق في النسخة الرابعة من واحة كونكت بمدينة السادات    قرار قضائي ضد مساعدة هالة صدقي في اتهامات بالتهديد والابتزاز    رئيس وزراء قطر: مفاوضات غزة في مرحلة حرجة.. ووقف إطلاق النار لم يكتمل    بسمة عبدالعزيز: الشباب هم القوة الدافعة للتصنيع والتصدير    جوائز ب13 مليون جنيه ومشاركة 72 دولة.. تفاصيل اليوم الأول لمسابقة القرآن الكريم| صور    «أسرتي قوتي».. قافلة طبية شاملة بالمجان لخدمة ذوي الإعاقة بالمنوفية    أسلوب حياة    مصر تجذب 520 ألف سائح أمريكي خلال العام الجاري    انتهاء فرز الأصوات ب عمومية المحامين لزيادة المعاشات    سرق أسلاك كهرباء المقابر.. السجن 3 سنوات لشاب بقنا    الإصلاح مستمر في ماراثون الانتخابات.. وحماية الإرادة الشعبية "أولاً"    تقرير عن ندوة اللجنة الأسقفية للعدالة والسلام حول وثيقة نوسترا إيتاتي    بايرن ميونخ يكتسح شتوتجارت بخماسية.. وجولة مثيرة في الدوري الألماني    الجيش الباكستاني يعلن مقتل 9 مسلحين في عمليتين استخباراتيتين بولاية خيبر باختونخوا    أصالة تحسم الجدل حول انفصالها عن زوجها فائق حسن    سكرتير عام الجيزة يتابع جهود رفع الإشغالات وكفاءة النظاقة من داخل مركز السيطرة    محافظ الأقصر والسفيرة الأمريكية يفتتحان «الركن الأمريكي» بمكتبة مصر العامة    بيطري الشرقية: استدعاء لجنة من إدارة المحميات الطبيعية بأسوان لاستخراج تماسيح قرية الزوامل    اسكواش – تأهل عسل ويوسف ونور لنهائي بطولة هونج كونج المفتوحة    الإعدام لمتهم والمؤبد ل2 آخرين بقضية جبهة النصرة الثانية    ضبط عاطل اعتدى على شقيقته بالمرج    عمرو عابد يكشف سر عدم تعاونه مع أبطال «أوقات فراغ»    الاتصالات: 22 وحدة تقدم خدمات التشخيص عن بُعد بمستشفى الصدر في المنصورة    نظام «ACI».. آلية متطورة تُسهل التجارة ولا تُطبق على الطرود البريدية أقل من 50 كجم    عاجل استشاري أمراض معدية يحذر: لا تستخدم المضادات الحيوية لعلاج الإنفلونزا    الدوري الإنجليزي.. موقف مرموش من تشكيل السيتي أمام سندرلاند    لماذا يزداد جفاف العين في الشتاء؟ ونصائح للتعامل معه    مفتي الجمهورية: التفاف الأُسر حول «دولة التلاوة» يؤكد عدم انعزال القرآن عن حياة المصريين    الشرع: إسرائيل قابلت سوريا بعنف شديد وشنت عليها أكثر من ألف غارة ونفذت 400 توغل في أراضيها    فيلم السلم والثعبان.. لعب عيال يحصد 65 مليون جنيه خلال 24 يوم عرض    وزير الصحة يشهد انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها ال32    مواقيت الصلاه اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى المنيا..... اعرف صلاتك بدقه    تحليل فيروسات B وC وHIV لمتعاطي المخدرات بالحقن ضمن خدمات علاج الإدمان المجانية في السويس    السيسي يوجه بمحاسبة عاجلة تجاه أي انفلات أخلاقي بالمدارس    حارس بتروجت: تتويج بيراميدز بإفريقيا "مفاجأة كبيرة".. ودوري الموسم الحالي "الأقوى" تاريخيا    اندلاع حريق ضخم يلتهم محتويات مصنع مراتب بقرية العزيزية في البدرشين    فليك يعلن قائمة برشلونة لمباراة ريال بيتيس في الليجا    اسعار المكرونه اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى أسواق ومحال المنيا    الصحة: توقعات بوصول نسبة كبار السن من السكان ل 10.6% بحلول 2050    لاعب بلجيكا السابق: صلاح يتقدم في السن.. وحصلنا على أسهل القرعات    مصر والإمارات على موعد مع الإثارة في كأس العرب 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوح العارفين.. أيحسب الصبُ أنّ الحب منكتم ل الإمام البوصيرى

الإمام البوصيرى هو أبوعبد الله محمد بن سعيد بن حماد الصنهاجى البوصيرى، مصرى النشأة، مغربى الأصل، شاذلى الطريقة، ولد فى مدينة بنى سويف بمصر سنة 608 هجرية، ومعروف عنه أنه نذر حياته كلها لمحبة النبى الكريم، وأوقف شعره على مدحه.


تقول بعض الكتب إن الإمام البوصيرى أصيب بمرض «الشلل النصفى» فكتب قصيدته الشهيرة المعروفة ب«البردة» ناوياً بها الاستشفاء، وبعد نظمه لها رأى فى منامه النبى عليه الصلاة والسلام، فقرأ عليه قصيدته تلك، فمسح النبى صلى الله عليه وسلم بيده الكريمة على جسمه، فقام من نومه معافى بإذن الله تعالى.


أمنْ تذكر جيرانٍ بذى سلمٍ مزجْتَ دمعا جَرَى من مقلةٍ بدمِ
أَمْ هبَّتِ الريحُ مِنْ تلقاءِ كاظمةٍ وأَومض البرق فى الظَّلْماءِ من إِضمِ
فما لعينيك إن قلت اكْفُفا هَمَتا وما لقلبك إن قلت استفق يهمِ
أيحسب الصبُ أنّ الحب منكتمٌ ما بين منسجم منه ومضْطَّرمِ
لولا الهوى لم ترق دمعاً على طللٍ ولا أرقْتَ لذكر البانِ والعَلمِ
فكيف تنكر حباً بعد ما شهدتْ به عليك عدول الدمع والسقمِ
وأثبت الوجدُ خطَّى عبرةٍ وضنىً مثل البهار على خديك والعنمِ
نعمْ سرى طيفُ منْ أهوى فأرقنى والحب يعترض اللذات بالألمِ
يا لائمى فى الهوى العذرى معذرة منى إليك ولو أنصفت لم تلمِ
عَدتْكَ حالِى لا سِرِّى بمستترٍ عن الوشاة ولا دائى بمنحسمِ
محضْتنى النصح لكن لست أسمعهُ إن المحب عن العذال فى صممِ
إنى اتهمت نصيحَ الشيب فى عذَلٍ والشيبُ أبعدُ فى نصح عن التهم
فإنَّ أمَارتى بالسوءِ ما أتعظتْ من جهلها بنذير الشيب والهرمِ
ولا أعدّتْ من الفعل الجميل قرى ضيفٍ ألمّ برأسى غيرَ محتشم
لو كنتُ أعلم أنى ما أوقرُه كتمتُ سراً بدا لى منه بالكتمِ
منْ لى بردِّ جماحٍ من غوايتها كما يُردُّ جماحُ الخيلِ باللُّجُمِ
فلا ترمْ بالمعاصى كسرَ شهوتها إنَّ الطعام يقوى شهوةَ النَّهمِ
والنفسُ كالطفل إن تُهْملهُ شبَّ على حب الرضاعِ وإن تفطمهُ ينفطمِ
فاصرفْ هواها وحاذر أن تُوَليَهُ إن الهوى ما تولَّى يُصْمِ أو يَصِمِ
وراعها وهى فى الأعمالِ سائمةٌ وإنْ هى استحلتِ المرعى فلا تُسِمِ
كمْ حسنتْ لذةً للمرءِ قاتلةً من حيث لم يدرِ أنَّ السم فى الدسمِ
واخش الدسائس من جوعٍ ومن شبع فرب مخمصةٍ شر من التخمِ
واستفرغ الدمع من عين قد امتلأتْ من المحارم والزمْ حمية الندمِ
وخالف النفس والشيطان واعصِهِما وإنْ هما محضاك النصح فاتَّهِمِ
ولا تطعْ منهما خصماً ولا حكماً فأنت تعرفُ كيدَ الخصم والحكمِ
أستغفرُ الله من قولٍ بلا عملٍ لقد نسبتُ به نسلاً لذى عُقُمِ
أمْرتُك الخيرَ لكنْ ما ائتمرْتُ به وما استقمتُ فما قولى لك استقمِ
ولا تزودتُ قبل الموت نافلةً ولم أصلِّ سوى فرضٍ ولم اصمِ
ظلمتُ سنَّةَ منْ أحيا الظلام إلى إنِ اشتكتْ قدماه الضرَ من ورمِ
وشدَّ من سغبٍ أحشاءه وطوى تحت الحجارة كشْحاً مترف الأدمِ
وراودتْه الجبالُ الشمُ من ذهبٍ عن نفسه فأراها أيما شممِ
وأكدتْ زهده فيها ضرورتُه إنَّ الضرورة لا تعدو على العِصَمِ
وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورةُ منْ لولاه لم تُخْرجِ الدنيا من العدمِ
محمد سيد الكونين والثقلين والفريقين من عُرْب ومنْ عجمِ
نبينا الآمرُ الناهى فلا أحدٌ أبرَّ فى قولِ لا منه ولا نعمِ
هو الحبيب الذى ترجى شفاعته لكل هولٍ من الأهوال مقتحمِ
دعا إلى الله فالمستمسكون به مستمسكون بحبلٍ غير منفصمِ
فاق النبيين فى خَلقٍ وفى خُلُقٍ ولم يدانوه فى علمٍ ولا كرمِ
وكلهم من رسول الله ملتمسٌ غرفاً من البحر أو رشفاً من الديمِ
وواقفون لديه عند حدهم من نقطة العلم أو من شكلة الحكمِ
فهو الذى تم معناه وصورته ثم اصطفاه حبيباً بارئُ النسمِ
منزهٌ عن شريكٍ فى محاسنه فجوهر الحسن فيه غير منقسمِ
دعْ ما ادعتْهُ النصارى فى نبيهم واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم
وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف وانسب إلى قدره ما شئت من عظمِ
فإن فضل رسول الله ليس له حدٌّ فيعرب عنه ناطقٌ بفمِ
لو ناسبت قدرَه آياتُه عظماً أحيا اسمُه حين يدعى دارسَ الرممِ
لم يمتحنا بما تعيا العقولُ به حرصاً علينا فلم نرْتبْ ولم نهمِ
أعيا الورى فهمُ معناه فليس يُرى فى القرب والبعد فيه غير مُنْفحمِ
كالشمس تظهر للعينين من بعُدٍ صغيرةً وتُكلُّ الطرفَ من أمَمِ
وكيف يُدْرِكُ فى الدنيا حقيقتَه قومٌ نيامٌ تسلوا عنه بالحُلُمِ
فمبلغ العلمِ فيه أنه بشرٌ وأنه خيرُ خلقِ الله كلهمِ
وكلُ آى أتى الرسل الكرام بها فإنما اتصلتْ من نوره بهمِ
فإنه شمسُ فضلٍ هم كواكبُها يُظْهِرنَ أنوارَها للناس فى الظُلمِ
أكرمْ بخَلْق نبى زانه خُلُقٌ بالحسن مشتملٍ بالبشر متَّسمِ
كالزهر فى ترفٍ والبدر فى شرفٍ والبحر فى كرمٍ والدهر فى هِمَمِ
كانه وهو فردٌ من جلالته فى عسكرٍ حين تلقاه وفى حشمِ
كأنما اللؤلؤ المكنون فى صدفٍ من معْدِنَى منطقٍ منه ومُبْتَسم
لا طيبَ يعدلُ تُرباً ضم أعظُمَهُ طوبى لمنتشقٍ منه وملتثمعليه وسلم
أبان مولدُه عن طيب عنصره يا طيبَ مبتدأٍ منه ومختتمِ
يومٌ تفرَّس فيه الفرس أنهمُ قد أُنْذِروا بحلول البؤْس والنقمِ
وبات إيوان كسرى وهو منصدعٌ كشملِ أصحاب كسرى غير ملتئمِ
والنار خامدةُ الأنفاسِ من أسفٍ عليه والنهرُ ساهى العينِ من سدمِ
وساءَ ساوة أنْ غاضت بحيرتُها ورُدَّ واردُها بالغيظ حين ظمي
كأنّ بالنار ما بالماء من بلل حزْناً وبالماء ما بالنار من ضَرمِ
والجنُ تهتفُ والأنوار ساطعةٌ والحق يظهرُ من معنىً ومن كَلِمِ
عَمُوا وصمُّوا فإعلانُ البشائر لمْ تُسمعْ وبارقةُ الإنذار لم تُشَمِ
من بعد ما أخبر الأقوامَ كاهِنُهُمْ بأن دينَهم المعوجَّ لم يقمِ
وبعد ما عاينوا فى الأفق من شُهُب منقضّةٍ وفق ما فى الأرض من صنمِ
حتى غدا عن طريق الوحى منهزمٌ من الشياطين يقفو إثر مُنهزمِ
كأنهم هرباً أبطالُ أبرهةٍ أو عسكرٌ بالحَصَى من راحتيه رُمِىِ
نبذاً به بعد تسبيحٍ ببطنهما نبذَ المسبِّح من أحشاءِ ملتقمِوسلم
جاءتْ لدعوته الأشجارُ ساجدةً تمشى إليه على ساقٍ بلا قدمِ
كأنَّما سَطَرتْ سطراً لما كتبتْ فروعُها من بديعِ الخطِّ فى اللّقَمِ
مثلَ الغمامة أنَّى سار سائرةً تقيه حرَّ وطيسٍ للهجير حَمِى
أقسمْتُ بالقمر المنشق إنّ له من قلبه نسبةً مبرورة القسمِ
وما حوى الغار من خير ومن كرمٍ وكلُ طرفٍ من الكفار عنه عِى
فالصِّدْقُ فى الغار والصِّدِّيقُ لم يَرِما وهم يقولون ما بالغار من أرمِ
ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على خير البرية لم تنسُج ولم تحُمِ
وقايةُ الله أغنتْ عن مضاعفةٍ من الدروع وعن عالٍ من الأطُمِ
ما سامنى الدهرُ ضيماً واستجرتُ به إلا ونلتُ جواراً منه لم يُضَمِ
ولا التمستُ غنى الدارين من يده إلا استلمت الندى من خير مستلمِ
لا تُنكرِ الوحى من رؤياهُ إنّ له قلباً إذا نامتِ العينان لم يَنَم
وذاك حين بلوغٍ من نبوته فليس يُنكرُ فيه حالُ مُحتلمِ

تبارك الله ما وحى بمكتسَبٍ ولا نبى على غيبٍ بمتهمِ
كم أبرأت وصِباً باللمس راحتُه وأطلقتْ أرباً من ربقة اللممِ
وأحيتِ السنةَ الشهباء دعوتُه حتى حكتْ غرّةً فى الأعصر الدُهُمِ
بعارضٍ جاد أو خِلْتُ البطاحَ بها سَيْبٌ من اليمِّ أو سيلٌ من العَرِمِ
دعْنى ووصفى آياتٍ له ظهرتْ ظهورَ نارِ القرى ليلاً على علمِ
فالدُّرُّ يزداد حسناً وهو منتظمٌ وليس ينقصُ قدراً غير منتظمِ
فما تَطاولُ آمالِ المديح إلى ما فيه من كرم الأخلاق والشِّيمِ
آياتُ حق من الرحمن مُحدثةٌ قديمةٌ صفةُ الموصوف بالقدمِ
لم تقترنْ بزمانٍ وهى تُخبرنا عن المعادِ وعن عادٍ وعن إِرَمِ
دامتْ لدينا ففاقت كلَّ معجزةٍ من النبيين إذ جاءت ولم تدمِ
محكّماتٌ فما تُبقين من شبهٍ لِذى شقاقٍ وما تَبغين من حَكَمِ
ما حُوربتْ قطُّ إلا عاد من حَرَبٍ أعدى الأعادى إليها ملْقِى السلمِ
ردَّتْ بلاغتُها دعوى معارضَها ردَّ الغيورِ يدَ الجانى عن الحُرَمِ
لها معانٍ كموج البحر فى مددٍ وفوق جوهره فى الحسن والقيمِ
فما تعدُّ ولا تحصى عجائبها ولا تسامُ على الإكثار بالسأمِ
قرَّتْ بها عين قاريها فقلتُ له لقد ظفِرتَ بحبل الله فاعتصمِ
إن تتلُها خيفةً من حر نار لظى أطفأْتَ حر لظى منْ وردِها الشّبِمِ
كأنها الحوض تبيضُّ الوجوه به من العصاة وقد جاؤوه كالحُمَمِ
وكالصراط وكالميزان معْدلةً فالقسطُ من غيرها فى الناس لم يقمِ
لا تعجبنْ لحسودٍ راح ينكرها تجاهلاً وهو عينُ الحاذق الفهمِ
قد تنكر العينُ ضوءَ الشمس من رمد وينكرُ الفمُ طعمَ الماءِ من سقمِعليه وسلم
يا خير من يمّم العافون ساحتَه سعياً وفوق متون الأينُق الرُّسُمِ
ومنْ هو الآيةُ الكبرى لمعتبرٍ ومنْ هو النعمةُ العظمى لمغتنمِ
سَريْتَ من حرمٍ ليلاً إلى حرمِ كما سرى البدرُ فى داجٍ من الظلمِ
وبتَّ ترقى إلى أن نلت منزلةً من قاب قوسين لم تُدركْ ولم تُرَمِ
وقدمتْكَ جميعُ الأنبياء بها والرسلِ تقديمَ مخدومٍ على خدمِ
وأنت تخترقُ السبعَ الطباقَ بهم فى موكب كنت فيه صاحب العلمِ
حتى إذا لم تدعْ شأواً لمستبقٍ من الدنوِّ ولا مرقىً لمُسْتَنمِ
خَفضْتَ كلَّ مقامٍ بالإضافة إذ نوديت بالرفْع مثل المفردِ العلمِ
كيما تفوزَ بوصلٍ أى مستترٍ عن العيون وسرٍ أى مكتتمِ
فحزتَ كل فخارٍ غير مشتركٍ وجُزْتَ كل مقامٍ غير مزدَحَمِ
وجلَّ مقدارُ ما وُلّيتَ من رُتبٍ وعزَّ إدراكُ ما أوليتَ من نِعَمِ
بشرى لنا معشرَ الإسلام إنّ لنا من العناية ركناً غير منهدمِ
لما دعا اللهُ داعينا لطاعته بأكرم الرسل كنا أكرم الأممِالله عليه وسلم
راعتْ قلوبَ العدا أنباءُ بعثته كنْبأةٍ أجفلتْ غُفْلا من الغَنمِ
ما زال يلقاهمُ فى كل معتركٍ حتى حكوا بالقَنا لحماً على وضمِ
ودُّوا الفرار فكادوا يَغبِطُون به أشلاءَ شالتْ مع العِقْبان والرَّخمِ
تمضى الليالى ولا يدرون عدَّتَها ما لم تكنْ من ليالى الأشهر الحُرُمِ
كأنما الدينُ ضيفٌ حل ساحتهم بكل قَرْمٍٍ إلى لحم العدا قَرِمِ
يَجُرُّ بحرَ خَميسٍ فوقَ سابحةٍ يرمى بموجٍ من الأبطال ملتَطِمِ
من كل منتدب لله محتسبٍ يسطو بمستأصلٍ للكفر مُصْطلِمِ
حتى غدتْ ملةُ الإسلام وهى بهمْ من بعد غُربتها موصولةَ الرَّحِمِ
مكفولةً أبداً منهمْ بخير أبٍ وخير بعْلٍ فلم تيتمْ ولم تَئِمِ
همُ الجبال فسلْ عنهم مصادمهم ماذا رأى منهمُ فى كل مصطدمِ
وسلْ حُنيناً وسل بدراً وسل أُحداً فصولُ حتفٍ لهم أدهى من الوخمِ
المُصْدِرِى البيضِ حُمراً بعد ما وردتْ منَ العدا كلَّ مسودٍّ من اللِمَمِ
والكاتِبِينَ بسُمْرِ الخَط ما تركتْ أقلامُهمْ حَرْفَ جسمٍ غيرَ مُنْعَجِمِ
شاكى السلاحِ لهم سيما تميزُهمْ والوردُ يمتازُ بالسيما عن السَّلَمِ
تُهْدى إليك رياحُ النصرِ نشْرهمُ فتَحسبُ الزهرَ فى الأكمام كل كمِى
كأنهمْ فى ظهور الخيل نَبْتُ رُباً منْ شِدّة الحَزْمِ لا من شدّة الحُزُمِ
طارتْ قلوبُ العدا من بأسهمْ فَرقاً فما تُفرِّقُ بين الْبَهْمِ وألْبُهُمِ
ومن تكنْ برسول الله نُصرتُه إن تلقَهُ الأسدُ فى آجامها تجمِ
ولن ترى من ولى غير منتصرٍ به ولا من عدوّ غير منقصمِ
أحلَّ أمتَه فى حرْز ملَّته كالليث حلَّ مع الأشبال فى أجَمِ
كم جدَّلتْ كلماتُ الله من جدلٍ فيه وكمْ خَصَمَ البرهانُ من خَصِمِ
كفاك بالعلم فى الأُمِّى مُعجزةً فى الجاهلية والتأديب فى اليُتُمِالله عليه وسلم
خدْمتُه بمديحٍ استقيلُ به ذنوبَ عمرٍ مضى فى الشعر والخِدَمِ
إذْ قلّدانى ما تُخْشى عواقبُه كأنَّنى بهما هدْى من النَّعَمِ
أطعتُ غى الصبا فى الحالتين وما حصلتُ إلاّ على الآثام والندمِ
فياخسارةَ نفسٍ فى تجارتها لم تشترِ الدين بالدنيا ولم تَسُمِ
ومن يبعْ آجلاً منه بعاجلهِ يَبِنْ له الْغَبْنُ فى بيعٍ وفى سَلمِ
إنْ آتِ ذنباً فما عهدى بمنتقض من النبى ولا حبلى بمنصرمِ
فإنّ لى ذمةً منه بتسميتى محمداً وهو أوفى الخلق بالذِممِ
إن لّم يكن فى معادى آخذاً بيدى فضلاً وإلا فقلْ يا زلةَ القدمِ
حاشاه أن يحرمَ الراجى مكارمَه أو يرجعَ الجارُ منه غير محترمِ
ومنذُ ألزمتُ أفكارى مدائحه وجدتُهُ لخلاصى خيرَ مُلتزِمِ
ولن يفوتَ الغنى منه يداً تَرِبتْ إنّ الحيا يُنْبِتُ الأزهارَ فى الأكَمِ
ولمْ أردْ زهرةَ الدنيا التى اقتطفتْ يدا زُهيرٍ بما أثنى على هَرمِالحاجات
يا أكرمَ الخلق ما لى منْ ألوذُ به سواك عند حلول الحادث العَمِمِ
ولن يضيق رسولَ الله جاهُك بى إذا الكريمُ تجلَّى باسم منتقمِ
فإنّ من جودك الدنيا وضرّتَها ومن علومك علمَ اللوحِ والقلمِ
يا نفسُ لا تقنطى من زلةٍ عظمتْ إنّ الكبائرَ فى الغفران كاللممِ
لعلّ رحمةَ ربى حين يقسمها تأتى على حسب العصيان فى القِسمِ
يارب واجعلْ رجائى غير منعكِسٍ لديك واجعل حسابى غير منخرمِ
والطفْ بعبدك فى الدارين إن له صبراً متى تدعُهُ الأهوالُ ينهزمِ
وائذنْ لسُحب صلاةٍ منك دائمةٍ على النبى بمُنْهَلٍّ ومُنْسَجِمِ
ما رنّحتْ عذباتِ البان ريحُ صباً وأطرب العيسَ حادى العيسِ بالنغمِ
ثم الرضا عن أبى بكرٍ وعن عمرٍ وعن على وعن عثمانَ ذى الكرمِ
والآلِ وَالصَّحْبِ ثمَّ التَّابعينَ فهُمْ أهل التقى والنَّقا والحِلمِ والكرمِ
يا ربِّ بالمصطفى بلِّغْ مقاصدنا واغفرْ لنا ما مضى يا واسع الكرم
واغفر إلهى لكل المسلمين بما يتلوه فى المسجد الأقصى وفى الحرم
وبجاه من بيْتُهُ فى طيبة حرمٌ وإسمُهُ قسمٌ من أعظم القسم
وهذه بردةُ المختار قد خُتمتْ والحمد لله فى بدإٍ وفى ختم
أبياتها قدْ أتتْ ستينَ معْ مائةٍ فرّجْ بها كربنا يا واسع الكرم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.