خلال الأيام القليلة الماضية نفذ الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وعده الجائر بنقل سفارة الولاياتالمتحدةالأمريكية من تل أبيب إلى القدس الشريف، ليكون ذلك بمثابة خطوة على إعلان مدينة أولى القبلتين لدى المسلمين وبلد صلب المسيح ابن مريم عاصمة للكيان الصهيونى، وذلك ضمن مسلسل التقسيم للأراضى العربية لدولة فلسطين الشقيقة، والتى بدأت فعليا من بعد إعلان وعد بلفور. لكن ربما التقسيم الحقيقى بدأ فى مثل هذا اليوم، وبالتحديد فى 16 مايو عام 1916، وهو تاريخ التصديق على اتفاقية سايكس بيكو، وهى اتفاقًا وتفاهمًا سريًا وقع بين كلا من فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة من الإمبراطورية الروسية، على اقتسام منطقة الهلال الخصيب (حوض نهرى دجلة والفرات، والجزء الساحلى من بلاد الشام) بين فرنساوبريطانيا لتحديد مناطق النفوذ فى غرب أسيا بعد تهاوى الدولة العثمانية، المسيطرة على هذه المنطقة، فى الحرب العالمية الأولى. وبدأت الموضوعات حول تلك الاتفاقية، بين نوفمبر 1915 إلى مايو 1916، بمفاوضات سرية قاضها الدبلوماسى الفرنسى جورج بيكو والبريطانى مارك سايكس، (سميت الاتفاقية بالشق الثانى من اسم كلا منهم)، وتم تبادل وثائق تفاهم بين وزارت خارجية البلدين بجانب روسيا القيصرية آنذاك. الغريب أن الاتفاق لم يظهر للعلن إلا بعد سقطت الإمبرطورية الروسية بوصول الشيوعيين إلى سدة الحكم فى روسيا بعد الثورة البلاشفية عام 1917، مما أثار الشعوب التى تمسها الاتفاقية بالغضب، وأحرج فرنساوبريطانيا. وبناء على ذلك حصلت فرنسا على الجزء الأكبر من الجناح الغربى من الهلال الخصيب (سورياولبنان) بجانب منطقة الموصل فى العراق، أما بريطانيا فامتدت مناطق سيطرتها من طرف بلاد الشام الجنوبى متوسعا بالاتجاه شرقا لتضم بغداد والبصرة وجميع المناطق الواقعة بين الخليج العربى والمنطقة الفرنسية فى سوريا، وتقرر أن تقع فلسطين تحت إدارة دولية يتم الاتفاق عليها بالتشاور بين بريطانياوفرنساوروسيا، ولكن الاتفاق نص على منح بريطانيا مينائى حيفا وعكا على أن يكون لفرنسا حرية استخدام ميناء حيفا، ومنحت فرنسالبريطانيا بالمقابل استخدام ميناء الاسكندرونة الذى كان سيقع فى حوزتها. خريطة تقسيم سايكس بيكو وفى وقت لاحق وبعد صدور وعد وزير الخارجية البريطانى الأسبق أثر بلفور، تم تخفيف الاتفاق لكن بنفس بنود الاتفاقية، وهذا بعدما أقر مجلس عصبة الأمم وثائق الانتداب على المناطق المعنية باتفاقية جديدة عرفت باسم لوزان، وتم بموجب معاهدة لوزان التنازل عن الأقاليم السورية الشمالية لتركيا الأتاتوركية، إضافة إلى بعض المناطق التى كانت قد أعطيت لليونان فى معاهدة لندن السابقة. وقسمت هذه الاتفاقية وما تبعها سوريا الكبرى أو المشرق العربى إلى دول وكيانات سياسية كرست الحدود المرسومة بموجب هذه الاتفاقية والاتفاقيات الناجمة عنها: "العراق – سوريا – لبنان – الأردن – فلسطين" بما فى ذلك الأراضى التى أصبحت إسرائيل.