المتحدث العسكري ينفي منح ضباط بالقوات المسلحة أي امتيازات بالمخالفة للدستور    "هدايا" جيفري إبستين في عيد الميلاد!    العدل الأمريكية: حذف الصور من ملفات إبستين لا علاقة له بترامب    سيحا: أسعى لكتابة التاريخ في الأهلي.. والتواجد مع أفضل حراس بإفريقيا يمنحني دوافع    أمم إفريقيا – بمشاركة الجميع.. منتخب مصر يختتم استعداده لمواجهة زيمبابوي    السكة الحديد تنفي إنقاذ طفل لقطار بالمنوفية وتوضح حقيقة الواقعة    مظهر شاهين يدعوا صناع وأبطال فيلم "الست" للتعبرع بأجورهم للوطن أسوة بأم كلثوم    أحمد العوضي: أنا دلوقتي مش سنجل واخترت السكوت بعد الانفصال عن ياسمين    سلوكيات خاطئة تسبب الإصابة بالفشل الكلوي    نشأت الديهي عن صفقة الغاز مع إسرائيل: لست سعيدًا بها.. لكننا قمنا بما هو واجب    تكريم الزميل عبد الحميد جمعة خلال المؤتمر السادس لرابطة تجار السيارات 2025    وزير الثقافة يشهد ختام فعاليات الدورة العاشرة من "ملتقى القاهرة الدولي لفنون الخط العربي" ويُكرم الفائزين ورموز الخط العربي    من قلب عين شمس إلى قمة الدراما.. أحمد العوضي يروي رحلته في «صاحبة السعادة»    محمد بن زايد يبحث مع ماكرون العلاقات التاريخية والاستراتيجية    الصحة: إغلاق 11 مركزًا للنساء والتوليد بسبب مخالفات تهدد سلامة الأمهات    ترتيب الدوري الإنجليزي بعد مباريات الأحد.. أرسنال يتفوق على السيتي    الصحة توضح أسباب اعتداء الطلاب على زميلهم في أكتوبر    دعاء أول يوم في شهر رجب.. يزيد البركة والرزق    فلكية جدة: هلال رجب يزيّن سماء الوطن العربي    تامر أمين: الهجوم على محمد صبحي خناقة في حارة مش نقد إعلامي    قناة ON تنقل قداس عيد الميلاد من مصر وبيت لحم والفاتيكان    المعهد القومي للاتصالات يفتح التقديم ببرنامج سفراء الذكاء الاصطناعي    ديانج: مستعد للتضحية بنفسي للتتويج بأمم إفريقيا مع مالي    حفل توقيع كتاب "وجوه شعبية مصرية" بمتحف المركز القومي للمسرح.. صور    جامعة العاصمة تنظم معرضا متكاملا بالتعاون مع محافظة القاهرة    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات وحدات المبادرة الرئاسية" سكن لكل المصريين" بعددٍ من المدن الجديدة    مصر تتقدم 47 مركزًا فى تصنيف مؤشر نضج الحكومة الرقمية لعام 2025 الصادر عن البنك الدولى    تعليم الغربية: عقد لجنة القيادات لتدريب 1000 معلم لقيادة المدارس كمديرين    سيسكو يقود هجوم مانشستر يونايتد أمام أستون فيلا في البريميرليج    محمود توفيق يبحث مع وزير الحج والعمرة السعودي أوجه التعاون بين البلدين    ضبط طرفي مشاجرة بعد تداول فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي    على أنغام الربابة.. نائب محافظ الأقصر يشهد تعامد الشمس على معابد الكرنك| صور    مفتي الجمهورية: المؤسسة الدينية خَطُّ الدفاع الأول في مواجهة الحروب الفكرية التي تستهدف الدين واللغة والوطن    وزير الخارجية يعقد اجتماعاً ثلاثياً حول ليبيا مع نظيريه الجزائري والتونسي    رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد تشغيل فندق الكونتيننتال التاريخي وسط القاهرة بعلامة تاج العالمية    الجيزة توضح حقيقة نزع ملكية عقارات بطريق الإخلاص    القيمة السوقية لمنتخبات أفريقيا في كان 2025    إحالة أوراق قاتل زوجته أمام أبنائه إلى المفتي بالبحيرة    رئيس الوزراء يتابع مع وزير الكهرباء الموقف التنفيذى لمشروعات الطاقة المتجددة    تشكيل برشلونة - جارسيا في الوسط بدلا من بيدري.. وتوريس يقود الهجوم ضد فياريال    نصيحة للأمهات، احذري من تأثير ضغط الدراسة على علاقتك مع أبنائك    لماذا نشتهى الطعام أكثر في الشتاء؟    برلمانية المؤتمر: تعديلات قانون الكهرباء خطوة ضرورية لحماية المرفق    تردد القنوات المجانية الناقلة لبطولة كأس أمم أفريقيا 2025 .. اعرف التفاصيل    ضبط 3 محطات وقود بالبحيرة لتجميع وبيع 47 ألف لتر مواد بترولية    توجيهات الرئيس السيسى خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء ومحافظ البنك المركزى ووزير المالية (إنفوجراف)    «المصدر» تنشر نتيجة الدوائر الملغاة بالمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب    وزير الخارجية يلتقي نائبة وزير خارجية جنوب إفريقيا لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية    انطلاق الإثارة في أمم إفريقيا 2025.. المغرب يواجه جزر القمر في افتتاح المجموعة الأولى    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    حملة للمتابعة الطبية المنزلية لأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن وذوي الهمم.. مجانًا    مصرع 3 أشخاص وإصابة آخرين في بورسعيد إثر حادث تصادم بين سيارتين    فى مباحثاته مع مسرور بارزانى.. الرئيس السيسى يؤكد دعم مصر الكامل للعراق الشقيق ولوحدة وسلامة أراضيه ومساندته فى مواجهة التحديات والإرهاب.. ويدعو حكومة كردستان للاستفادة من الشركات المصرية فى تنفيذ المشروعات    شهر رجب .. مركز الأزهر العالمى للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم    محافظ القاهرة جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي    حبس المتهم بقتل زميله وتقطيع جثمانه إلى أربعة أجزاء وإخفائها داخل صندوق قمامة بالإسكندرية    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    الإفتاء: الدعاء في أول ليلة من رجب مستحب ومرجو القبول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التعايش فى الإسلام
نشر في اليوم السابع يوم 05 - 04 - 2018

يرفض بعض أتباع الديانات الاندماج فى مجتمعاتهم ويصرون على الانغلاق على أتباع دينهم بدعوى مخالفة الآخرين لدينهم الذى ينتمون إليه وربما لعاداتهم وطقوسهم التى يمارسونها، وتظهر هذه المشكلة بشكل كبير فى كثير من دول الغرب، حيث يتحرج المسلمون الذين هم من أصول عربية من التعامل مع المواطنين غير المسلمين، فتجدهم ينشئون لهم تجمعات ومراكز خدمية خاصة تجعلهم منعزلين عن مجتمعهم الذى يعيشون فيه، ويصرون على ارتداء أنواع معينة من الملابس والظهور بمظاهر لا تناسب ثقافة الدول التى يعيشون بها وإن ناسبت ثقافة البلدان التى ترجع إليها أصولهم.

ولا بأس بطبيعة الحال من اتخاذ المسلمين المقيمين فى بلاد الغرب مقرًّا خاصًّا يكون مسجدًا يقيمون فيه صلاتهم أو مدرسة لتعليم أبنائهم ما ينقصهم فى مناهج مدارسهم مما يتعلق بأمور دينهم، فكل أتباع دين أو ثقافة يفعلون ذلك، ولكن المشكلة تكمن فى رفض الاندماج فى مجتمعاتهم وعدم قبول ما لا يتنافى مع مبادئ ديننا الإسلامى الحنيف أصلًا، ومن ذلك مثلًا الزى الذى يرتديه غالبية مواطنى الدولة ما دام لا يوجد به ما يخل بالحشمة المطلوبة شرعًا، أو تناول الأطعمة والأشربة التى ليس بها ما يخالف شريعة الإسلام، ومن ذلك أيضًا التعايش مع غير أتباع الدين والتعامل معهم بيعًا وشراء وتكوين علاقات اجتماعية معهم، فليس فى ديننا ما يمنعنا من ذلك، بل إن ديننا يوجهنا إلى التعايش والاندماج وقبول الآخر والتعارف معه، يقول الله تعالى: (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)، ويقول عز وجل: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا).

ولنا فى رسولنا الكريم–صلى الله عليه وسلم–وسلفنا الصالح القدوة الحسنة والمثل الأعلى، فقد أوذى النبى ومَن آمن به فى مكة المكرمة حتى اضطر للخروج منها مهاجرًا إلى المدينة المنورة، مستعينًا بأحد المشركين–وهو عبدالله بن أريقط–فكان دليله فى طريقه إلى المدينة التى كانت تستوطنها قبائل يهودية، وعندما قدم إليها لم يأمرهم نبى الرحمة بتركها، ولم يقاتلهم على دينهم، ولم يأمر أتباعه بمقاطعتهم وقصر التعامل فيما بينهم كمسلمين، بل عقد معهم معاهدات سلام تضمن التعايش السلمى بينهم وبين المسلمين، وقد إلتزم بها المسلمون حتى نقضها اليهود، بل إنه بعد نقض اليهود لمعاهدات السلام المبرمة مع المسلمين لم يقطع المسلمون التعامل والعلاقات المختلفة معهم، فيهود خيبر بعد أن قرر الرسول–صلى الله عليه وسلم–طردهم من المدينة لنقضهم العهد مع المسلمين، طلبوا أن يزرعوا للمسلمين أرض خيبر التى كانت تحت أيديهم على نصف ما يخرج منها من زرع أو ثمر، فقَبِلَ النبى هذا العرض، وقد أصبح هذا مبدأ لما يعرف فى فقهنا الإسلامى بالمزارعة، وهى أن يسلم صاحب الأرض أرضه التى لا قدرة له على زراعتها بنفسه إلى مَن يزرعها له على أن يشتركا فيما تنتجه الأرض، كما كان هناك شراكة أخرى تسمى بالمساقاة، وهى أن يسلم صاحب حديقة مثمرة حديقته التى لا يحسن رعايتها بنفسه لمن يحسن ذلك، على أن تكون الثمار التى تنتجها هذه الحديقة بينهما حسب ما يتفقان عليه.

وهذا التعامل بين نبى الرحمة والرافضين لدينه يمثل أرقى النماذج فى المواطنة والعيش المشترك وقبول الآخر، وقد نتج عنه عمليًّا التأسيس لشركات تصلح بين المسلمين بعضهم بعضًا وبين المسلمين وغير المسلمين من مواطنى الدولة الواحدة. وقد أُقرت هذه المبادئ السامية وترسخت فى وثيقة المدينة المنورة التى تعد أول وثيقة فى التاريخ تؤسس للعيش المشترك وقبول الآخر فى ظل مبدأ المواطنة الذى يسوى بين جميع مواطنى الدولة دون نظر إلى جنس أو عِرق أو دين. وعلى نهج رسولنا الأكرم سار الصحابة–رضوان الله عليهم–فتعاملوا مع مواطنى الدولة الإسلامية من غير المسلمين وحافظوا على حقوقهم ولم يلزموهم بأكثر من واجباتهم، مما أدى إلى أن أقدم غير المسلمين اختيارًا وطواعية إلى قضاة المسلمين للفصل بينهم فى خصوماتهم مع بعضهم بعضًا على هدى شريعة الإسلام.

وهذه المبادئ الراسخة المتجذرة فى تراثنا الإسلامى تعد مصدر فخر لنا نحن المسلمين، فقد سبقنا بها المنظمات الأممية والهيئات الحقوقية المعنية بهذا الشأن، وقد اعتمد عليها الأزهر الشريف فى مخرجات مؤتمره العالمى (الحرية والمواطنة: التنوع والتكامل) الذى عقده فى فبراير 2017م، حيث دعا إلى استبدال مبدأ المواطنة بمصطلح الأقليات الوافد إلينا من بلاد الغرب التى تدعى تقدمها وتحضرها ودفاعها عن حقوق الإنسان وحمايتها للتعددية بمختلف صورها.

وتلك مقاربة موجزة تؤكد سماحة ورقى ديننا الإسلامى الذى ننتمى إليه، وتثبت سبقه بمبادئه وتعاليمه التى أرساها قبل نحو خمسة عشر قرنًا من الزمان لكل ما فيه الخير للبشرية جميعا. ولذا، فإن على أتباع ديننا الحنيف أن يقتدوا برسولنا الكريم ويتأسوا بسلفنا الصالح باندماجهم فى مجتمعاتهم التى يعيشون فيها وإن كان غالبيتها من غير المسلمين، وأن يكونوا إيجابيين فاعلين بمشاركتهم فى نهضة مجتمعاتهم وتطورها، وليعلم المسلمون الذين يقيمون فى بلاد غير إسلامية أن أجدادهم نشروا الإسلام فى هذه البلدان وغيرها من خلال أخلاقهم ومعاملتهم وسلوكهم التجارى الذى تحلى بالصدق والأمانة، والوفاء بالعقود والمواثيق، واحترام ثقافة الآخر، وليدركوا أن لين الجانب والتسامح وإظهار محاسن الإسلام هى خير سفارة لإسلامهم إن كانوا حقًّا من الغيورين عليه، وليعوا أن خروج الأحفاد عن نهج الأجداد فى تعاملهم مع الآخر هو الذى دعم ما يعرف الآن بظاهرة الإسلاموفوبيا فى هذه البلدان، وهو ما يدل دلالة واضحة على إخفاق الأحفاد فى الحفاظ على منجزات الأجداد!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.