بعد أن رفض "زينهم" التوقيع على الاتفاقية التى كانت ستضر بمصلحة بلاده، ونجح كذلك فى التخلص من رموز الفساد التى أحاطت بالحكم لسنوات طويلة، قرر أن يعود المواطن "زينهم الغلبان" كما كان، ليسكن بعشته "فوق السطوح" بجوار "سمسمة" الطامعة فى الزواج منه وأمها التى كانت تنتظره فى نهاية كل ليلة، حتى تمارس ضغوطها عليه، ليتزوج ابنتها، بعدما غرر بها عندما قال لها "مساء الخير" فى الظلام، إلا أن الشعب أبى أن يترك "زينهم" الذى أنقذهم وخلصهم من الطغاة، وأصروا أن يظل فى حكم البلاد، وغنوا له قائلين "أنت الفارس أنت الحارس أنت مفجر ثورة مارس". فى الواقع إننى تذكرت هذا المشهد الأخير من مسرحية "الزعيم"، بعد أن قرأت تصريحات الكاتب علاء الأسوانى، والتى أراد فيها أن ينسب ثورة يناير للدكتور البرادعى، معتبراً إياه ملهما للثورة. وقد كان موقف السيد عمرو موسى هو الآخر شبيها بموقف الأسوانى، عندما تعجب من سؤال إحدى الفتيات، والذى بدا فيه معارضتها له، حينما سألته عن دعوته لفض الاعتصام، عندما كان عضوا فيما سمى ب "لجنة الحكماء"، مؤكداً إيمانه بالثورة التى لم تكن لتهدأ قبل تحقيق أهدافها، مضيفاً أنه كان واحدا ممن شاركوا فى الثورة وهتفوا لها. كما أكد كذلك أن تصريحاته بشأن دعم الرئيس مبارك، كانت من قبيل تفضيله للرئيس عن نجله، وليست من قبيل الولاء أو الاقتناع. لم يكن زينهم بطلا قوميا، إنما كان رمزا، أراد به الكاتب أن يعبر به عن الشعب المطحون، والذى فاض به الكيل من كثرة الرضوخ لأهواء قادته وأطماعهم، وهو ما دفعه ليقول "لا" فى نهاية المطاف، والتى تخلص بها من الفساد الذى ساد البلاد، ثم أراد أن يعود بعد ذلك إلى مكانه الأصلى، فوجد نفسه قد تحول إلى قائد دون أن يدرى أو يخطط أو ينسب لنفسه فضلا قد لا يستحقه. من هنا نجد أن الزعيم "زينهم" لم يكن الزعيم الحقيقى، إنما كان رمزا للشعب الذى ثار وقال"لا"، فصار الشعب هو الحارس والفارس ومفجر ثورة مارس، ثم أقدم هذا الشعب بعد ذلك ليختار الزعيم "زينهم" ليكون ممثلا له. بالطبع إننى لا أقصد بهذه الكلمات التقليل من شأن د. البرادعى أو السيد عمرو موسى، أو الانتقاص من قدراتهم فى قيادة الدولة المصرية خلال المرحلة المقبلة، خاصة وأن كلا منهما لديه تاريخه الناصع فى المجال الدبلوماسى، إلا إننى أرفض فكرة "ملهمى الثورة"، والتى ستكون محلا للتنافس بين كافة مرشحى الرئاسة، وربما ستكون كذلك بين بعض القوى السياسية ومرشحى الانتخابات البرلمانية، إبان المرحلة المقبلة. إن الشعب المصرى المطحون، والذى عانى كثيرا خلال السنوات الماضية، كان الملهم الحقيقى لثورة 25 يناير، وهو الذى عبر عن إرادته الحرة، وأصر عليها، دون قيادة سياسية سواء من جانب أحزاب أو جماعات أو حتى شخصيات عامة. فقد ولدت الثورة المصرية من رحم المعاناة الشعبية، التى عاشها ملايين المصريين، وبالتالى فكان الشعب المصرى هو الملهم الحقيقى للثورة المصرية، وهو ما ينبغى أن يؤكد عليه رموز المجتمع ونجومه بدلا من أن يتصارعوا للفوز بما يستحقة الشعب المصرى المطحون وحده دون غيره.