المصريون فى اليونان يواصلون التصويت بجولة الإعادة للمرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025    وزير التعليم: إطلاق أول بنية وطنية موحدة لبيانات التعليم قبل الجامعي    "صحة الشيوخ" تُسرّع دراسة إنشاء مستشفى جديد بحلوان بعد توقف القرار 3 سنوات    مدير تعليم القاهرة في زيارة ميدانية لمتابعة سير العملية التعليمية بمدارس حلوان    محافظ المنوفية يشدد على الصيانة الدورية لأعمدة الإنارة    وزير قطاع الأعمال: إنتاج أول سيارة ركوب مصرية يبدأ في الربع الأول من العام المقبل    جمعية رجال أعمال الإسكندرية: 12.8 مليار جنيه إجمالي القروض المصدرة للمشروعات الصغيرة بنهاية يونيو 2025    عاجل- رؤساء المجالس التصديرية خلال اجتماع مع رئيس الوزراء: 2026 عام التفاؤل للصادرات المصرية ونمو ملموس في القطاعات الرئيسية    إستونيا تعرض دفع غرامات المجر لإنهاء صفقات الغاز الروسي    شيخ الأزهر ينعَى الدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة الأسبق    مجند ب داعش.. تفاصيل جديدة حول منفذ هجوم سوريا ضد الجيش الأمريكي    كأس العرب 2025| تشكيل مباراة المغرب والإمارات في نصف النهائي    الإعلانات تنجح في إنهاء ملف بقاء ديانج مع الأهلي    تحرير 744 محضرا ضد أصحاب المخابز والمحال التجارية بالشرقية    الطقس غدا.. أجواء شتوية وأمطار واضطراب بالملاحة والصغرى بالقاهرة 13    حبس لص الحقائب والهواتف المحمولة من المواطنين فى المطرية 4 أيام    تحرير 1338 مخالفة مرورية لعدم ارتداء الخوذة    السجن 7 أعوام لمتهمة بالاعتداء على ابنة زوجها حتى الموت في الإسكندرية    مفتي تونس: أدعو إلى ضرورة الارتقاء بالفتوى لمواكبة التحولات المتسارعة    عادل إمام يغيب عن تشييع جثمان شقيقته.. لهذا السبب    نجوم الصف الأول والبطولة الشبابية يشعلون منافسة دراما رمضان 2026    في ذكرى رحيل نبيل الحلفاوي.. مسيرة فنان جسد التاريخ والوجدان    رئيس الوزراء يلتقي مسئولي "إيني" و"سان دوناتو" الإيطاليتين لبحث أوجه التعاون    الإسكان تناقش تحديث المعايير التصميمية للمستشفيات    عصام الحضري يحيي الذكرى الأولى لوفاة والدته    اتحاد الناشرين العرب ينعى وزير الثقافة الأسبق محمد صابر عرب    «المشاط»: منفتحون على تبادل الخبرات ونقل التجربة المصرية في مجال التخطيط والتنمية الاقتصادية    القليوبية الأزهرية تُكثف استعداداتها لامتحانات نصف العام 2026/2025    آخر موعد للتقديم الكترونياً لوظيفة معاون نيابة إدارية دفعة 2024    تصدير 37 ألف طن بضائع عامة من ميناء دمياط    أهمية وجبة الإفطار للطفل لاعب السباحة    رئيس جامعة القاهرة يصدر قرارات بتعيين وتجديد تعيين 14 رئيسًا لمجالس الأقسام العلمية بطب قصر العيني    محافظ المنوفية: ضبط مخزنين بقويسنا والباجور لحيازتهم مواد غذائية مجهولة المصدر    جامعة القاهرة الأهلية تواصل تنفيذ برامجها التدريبية والعملية بمعامل الكيمياء والفيزياء ب"هندسة الشيخ زايد"    تطورات أزمة أرض أكتوبر، هل يستقيل مجلس الزمالك؟    فيتش تشيد بجهود الحكومة المصرية في دعم الرعاية الصحية وتعزيز الحماية للفئات الأكثر احتياجًا    أخبار مصر.. استبدال ضريبة الأرباح الرأسمالية بضريبة دمغة نسبية على تعاملات البورصة    "الوزراء" يستعرض تفاصيل الخطة الحكومية لتطوير المنطقة المحيطة بالقلعة وأهم التحديات    جوجل توقع اتفاقاً للطاقة الشمسية فى ماليزيا ضمن خطتها لتأمين كهرباء نظيفة    ضبط مخزنين بقويسنا والباجور فى المنوفية لحيازتهما مواد غذائية مجهولة المصدر    وزير الخارجية: مصر تدعم الدور المضطلع به البرلمان العربى    "سياحة وفنادق" بني سويف تنظم ندوة توعوية حول التنمر    "فورين أفيرز": واشنطن تعيش وهم الطائرات بدون طيار مما يفقدها تفوقها الضئيل على الصين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15-12-2025 في محافظة قنا    غدًا انطلاق اختبارات اختيار كوادر مدرسة الإمام الطيب لحفظ القرآن الكريم وتجويده    مخالفة للقانون الدولي الإنساني ..قرار عسكري إسرائيلي بهدم 25 مبنى في مخيم نور شمس شرق طولكرم    تراجع سعر الدولار مقابل الجنيه بمنتصف تعاملات اليوم    شيكابالا ينشر فيديو تكريمه من رابطة جماهير الزمالك في قطر    انطلاق اجتماعات الاتحاد الأفريقي لكرة السلة في مصر    كيف أرشد الإسلام لأهمية اختيار الصديق؟.. الأزهر للفتوى يوضح    الأزهر يدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف تجمعًا لأستراليين يهود ويؤكد رفضه الكامل لاستهداف المدنيين    إصابة نجم ريال مدريد تعكر صفو العودة للانتصارات    ثقافة البحيرة تنظم ندوة توعوية عن الأمراض المزمنة    حُسن الخاتمة.. مفتش تموين يلقى ربه ساجدًا في صلاة العشاء بالإسماعيلية    رئيس جامعة القاهرة: تعيين وتجديد تعيين 14 رئيسًا لمجالس الأقسام العلمية بطب قصر العيني    مرشح اليمين المتطرف يفوز بالانتخابات الرئاسية في تشيلي    أسعار البيض اليوم الإثنين 15 ديسمبر    محمد صلاح يوجه رسالة للمصريين من خلال ابنته "كيان" قبل أمم إفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لسانك حصانك!
نشر في اليوم السابع يوم 04 - 03 - 2011

فى بلاد كثيرة من الدنيا، يدرك المسئولون حكمة: (إذا كان الكلام من فضة، فإن السكوت من ذهب).. إلا أن بلادا أخرى كثيرة يأخذ مسئولوها بحكمة رواد سوق الثلاثاء: (خذوهم بالصوت حتى لا يغلبوكم)!.
قد لا يبدو الفارق بين الحكمتين مثيرا لانتباه أحد، أو قد يراه البعض مقارنة لا محل لها فى المقال، إلا أن ذلك ليس كذلك..
الحصافة بلاشك تقتضى الاستخدام البليغ لمفردات الكلام، والبلاغة فى أحد معانيها تعنى باختصار: (ما قل ودل)، وفى تراثنا الدينى من المعلوم أنه: (لا يكب الناس على وجوههم يوم القيامة إلا حصائد ألسنتهم)، وفى تراثنا الشعبى مثل جميل يقول: (لسانك حصانك، إن صنته صانك).. وربما يعنى وصف اللسان بالحصان أن طبيعته الاندفاع والتهور، ويحتاج لقائد ماهر مدرب كى يكبح جماحه ويروضه.
كل ذلك كلام جميل ومفهوم، ولكن لم يمنع أحدا من اطلاق لسانه كألف حصان جامح فى المفيد وغير المفيد، كما أن أحدا لم يبد اهتماما باقتناء (الذهب) الذى هو حصيلة (الصمت)، وتكالب الجميع على (الكلام) الذى هو من معدن أقل.. وفى النهاية يسألك الحاذق الفاهم وهو يصوب سبابته الى مخه: (هو يعنى كان الكلام بفلوس..؟؟) .
فإذا كان ذلك كذلك، وهو كذلك!، فإن القانون الدولى يرى غير ذلك..! فالكلام ليس بفلوس فقط، وإنما فى أحوال كثيرة يساوى ما هو أكثر من الفلوس، مثل وجود أمة أو سيادتها.. وقبل أن ينزعج القارئ ويصاب بالسكتة الكلامية لا قدر الله فإن الكلام المقصود فى القانون الدولى ليس أى كلام لأى مخلوق، وإنما كلام المسئولين الذى يفترض أنه كلام مسئول.
ففى نزاع ما بين النرويج والدنمارك بخصوص منطقة جرين لاند، اعتبرت محكمة العدل الدولية أن تصريحات وزير خارجية الدنمارك التى جاء فيها: (إن حكومة بلاده لن تعارض رغبات النرويج)، اعتبرتها المحكمة بمثابة التزام قانونى على حكومة الدنمارك، وهو ما يسمى فى القانون الدولى التزام من جانب واحد أو تصرف بالإرادة المنفردة.
وحيث إن قاموس المجاملات العربية من أغنى قواميس اللغات قاطبة، فلنا أن نتصور تصريحا علنيا لأحد مسئولى دولة (س) يشير إلى نزاع مع دولة (ص) حول حق من الحقوق أو التزام معين، ثم - ومن باب المجاملة - يذكر فى كرم وأريحية: (ليس لدينا نزاع ولا خصام، فنحن أشقاء).
هذه الجملة البسيطة الجميلة النبيلة، يمكن ترجمتها قانونا بأن الدولة (س) تعلن على لسان مسئول أنها تخلت عن مطالبتها بالحق أو الالتزام، واذا كانت الدولة (ص) على قدر من الخباثة والدهاء، فليس عليها سوى أن تسجل هذا التصريح العنترى الحاتمى انتظارا للحظة التى يعرض فيها النزاع على التحكيم الدولى.
الكلمات فى ميزان العلاقات الدولية يجب أن توزن بميزان الذهب، لأن تلك العلاقات لن يوطدها أو يوترها علو صوت الكلمات أو زيادة حجمها، وكل كلمة لابد أن تحمل مدلولا محددا لا يقبل التأويل، إلا فى الحالات التى تقتضى فيها الحكمة توظيف الغموض.
ولعلنا لا ننسى أن كلمة واحدة Territories قد ملأ تفسيرها مجلدات فى مكتبة الصراع العربى الإسرائيلى لأنها وردت فى قرار مجلس الأمن الشهير 242 خالية من إضافة حرف تعريف، ورغم أن ديباجة نفس القرار اشتملت على مبدأ (عدم شرعية الاستيلاء على أراضى الغير بالقوة) بما يعتبر كافيا لتعريفها، ورغم أن أربع لغات أخرى صدر بها القرار حملت حرف التعريف الملعون، إلا أن عباقرة الصياغات فى إسرائيل تمسكوا باللفظ الوارد فى النص الانجليزى، ولم يقبلوا أى تفسير آخر حتى من اللورد كارادون الذى صاغ القرار بنفسه.
وهناك تصريحات من نوع: (سوف نحرق وندمر..) وتلقى أحيانا من باب الوعيد أو تتسلل من ديوان الفخر والحماسة العربى، وتصبح بعد ذلك سوط عذاب دوليا على من تفوهوا بها، كدليل على وحشيتهم وعدوانيتهم، رغم أن الحقائق على الأرض تنطق بأن من نطقوا بذلك ضحايا ومساكين لا يملكون أن يحرقوا سوى أصابع أيديهم.. والأمثلة بلا حصر!!.
لذلك كله، لا مناص من أن تتضمن دساتير بعض الدول نصا يحرم على بعض البشر المسئول شهوة الكلام، أو أن يتوصل أهل العلم الى علاج أو نوع من الأدوية ضد إسهال الكلام الذى لن يكفيه طن من محلول الجفاف بعد خراب مالطة!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.