ونحن نعيش هذه اللحظة الحرجة والصفحة التاريخية الجديدة التى طويت قبلها صفحة بخيرها وشرها ينبغى لنا أن نسمو بأنفسنا تجاه هذا الوطن وأن نساهم فى بنائه على النحو الذى يرضى الجميع فتعلوا بنا القيم وتسموا بسمو الهدف فإذا كانت الأهداف سامية فإن هناك أخلاقاً وآداباً ومبادئ وقيماً ينبغى أن تتساوى فى السمو مع تلك الأهداف. فإذا كانت ثورة الشباب قامت على أوضاع سادت منها ماهو سياسى كطلب إصلاحات دستورية وإجراء انتخابات نيابية حرة ونزيهة وتعزيز فرص المشاركة السياسية لكل فئات الشعب وإطلاق الحريات الواعية التى تقف عند حدود حرية الآخرين فى كل مناحى الحياة لكى يتم بناء مستقبل أفضل يتبعها إصلاحات اقتصادية كتحسين مستوى الدخل وإتاحة فرص العمل بمنطق الكفاءة والاحتياجات تكون الواسطة فيها للتميز ومحسوبيتها القدرة على العطاء وآليتها الشفافية والعدالة فى إتاحة الفرصة لكل من يثبت قدرته على العمل الهادف والتفاعل السريع مع كافة المعطيات التى تحقق عدالة التوزيع مع إصلاحات اجتماعية تقوم على التكافل والبعد عن حب الذات لمصلحة المجموع. مع رحابة كل هذه المعانى التى قام بها شباب الثورة نجد أن هناك من يضيق أفقه بالتزامن مع الثورة وسلامة أهدافها والسمو الذى بدأت به فينظر تحت قدميه ويدخل فى حب ذاته ليس إلا مغتنما الفرصة السانحة التى واتت له فى تلك الأثناء فتجد فئات من الشعب خرجت لتستغل تلك الثورة للوصول إلى تكوين جماعات ضغط بصورة أو بأخرى للحصول على مكاسب خاصة تريد أن ترقى ولا ترتقى بمطالبها إلى سقف مناسب فى هذه الفترة الحرجة التى لابد أن يتم فيها ترشيد المطالب وعدم طرح كل شىء وأى شىء على عاتق الحكومة التى تقوم على تسيير الأعمال الأساسية للبلاد لأن تلك المطالب لا ينبغى أن تؤخذ بسيف الحياء فى تلك المرحلة لتشكل وسيلة ضغط جانبية وغير مسئولة ولكن حينما يتم وضع اللبنات الأولى وخاصة الإصلاحات السياسية فإن ما يتم طلبه سوف يأتى بتلقائية دون حاجة إلى ممارسة ضغوط على المسئولين لأن الإصلاح بدأ وسوف يبدأ من صندوق الانتخاب الذى سيفرز الإرادة الشعبية المحركة والدافعة لمزيد من العمل لتحقيق تلك المطالب وإتمام البناء على أكمل وجه. فلايمكن أن تقطف الثمرة قبل أن تمهد الأرض لزراعتها وإلقاء البذور فيها فإن جنى الثمار يأتى دوماً بعد العمل والجهد وبعد وضع اللبنات التى نحن الآن فى مرحلتها الأولى وكما قال أمير الشعراء: ومانيل المطالب بالتمنى ولكن تؤخذ الدنيا غلابا وما استعصى على قومٍ منال إذا كان لهم ركابا لأن الدنيا على العموم يجب ألا نسعى إلى تحقيق مطالبنا فيها بمجرد التمنى ولكن يجب أخذها بالمشقة والعمل والاجتهاد ولو أن كل واحد فينا عمل لوطنه قبل نفسه وحمل هموم وأعباء المجموع واسترشد بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال: (من أصبح منكم آمناً فى سربه (أى بيته) معافى فى جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها) حيث يؤسس مدلول القناعة فى النفوس وأنها الكنز الذى لا يفنى لأن فى تحقيق حد الكفاية فى المعيشة مع الصحة والأمان غاية يأملها كل إنسان فلا ينبغى أن يأخذنا الطمع إلى أن نؤثر أنفسنا ونستأثر بها ونقتلها بمنعها من أن تسموا بالمعانى والقيم التى لابد أن ترسخ فى نفوسنا وتجرى فى عروقنا لكى يتم البناء ويطول البقاء لهذا الوطن بسواعد أبنائه الذين استظلوا بسمائه وارتووا من مائه ومشوا على أرضه ونعمائه ولم يرضوا عنه بديلاً فعلينا بترشيد المطالب وتحديد وقتها المناسب فإن ذلك من الواجب فعلى كل مصرى يترقب هذا المولود الجديد أن يساهم فى إصلاح هذا البناء العتيد لأن معاول الهدم لابد أن يتزامن معها إعداد حجارة البناء. عضو مجلس الشعب السابق