تناولت الندوة التى عقدها الصالون الإعلامى بالكويت الاثنين الماضى أهم التطورات التى شهدتها المنطقة العربية، وعلى رأسها الأحداث التى وقعت فى تونس ومصر بمشاركة عدد من الشخصيات المعروفة فى المجتمع الكويتى على المستويين الإعلامى والفكرى، حيث ضمت كلاً من: د. محمد الرميحى الكاتب والإعلامى وأستاذ العلوم السياسية د. غانم النجار ونورية السدانى مستشارة شئون المجتمع المدنى لنائب رئيس مجلس الوزراء للشئون الاقتصادية ود. محمد الوهيب أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت، وعدد من الصحفيين والإعلاميين الكويتيين. ومن جانبه تساءل د. محمد الرميحى فى بداية حديثه عن إمكانية أن تكون الأحداث فى مصر مُعدية وهل يمكن أن تتطور؟ حيث ربط ذلك بالانقلابات العسكرية التى شهدتها المنطقة العربية فى القرن الماضى قائلا: "فى تقديرى الشخصى إن ما يحدث الآن غير مُعد لأن القضايا التى كانت السبب وراء حدوث ذلك داخلية، مضيفا إذا سقط النظام المصرى، فهناك احتمال لانتشار هذه العدوى سياسياً فى بعض دول المنطقة". ثم طرح الرميحى تساؤلاً آخر حول دور الإعلام فى مثل تلك الأزمات، مشيراً إلى ما حدث فى الثورة الإيرانية ودور وسائل الاتصال التى كانت محدودة للغاية فى ذلك الوقت، إلا أنها كان لها أثر كبير على تماسك واستمرار هذه الثورة، لافتا إلى أن ما يحدث فى مصر هو أمر متعلق بالإعلام الجديد ووسائل الاتصال الحديثة مثل الفيس بوك وتويتر. من جانبه أكد أستاذ العلوم السياسية د. غانم النجار على أن هذه المرحلة تشهد أسئلة كثيرة، وأن الإجابات ليست كافية حالياً وربما تحمل الأيام القادمة الكثير من الإجابات، مشيراً إلى أن ما يحدث الآن فى مصر هو ثورة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فالنظام قبل 25 يناير بالقطع لن يكون هو نفسه بعد 25 يناير، وأن هذه الثورة قد أطلق عليها رسمياً ثورة تويتر. وأضاف أن تويتر وفيس بوك صار أقوى بكثير مما يتوقعه البعض لدرجة أن النظام المصرى قد أغلق الإنترنت للحد من هذه الثورة، الأمر الذى يعكس أن الفيس بوك وتويتر أقوى بكثير من قوة السلاح. وأشار النجار إلى أن حرق مبنى الحزب الوطنى فى القاهرة بضخامته بهذه الطريقة دون تدخل عربات الإطفاء أو الشرطة يعكس اتجاهات غير مفهومة إلى حد الآن. وأضاف النجار أنه ليس الفقر هو من حرك الثورة فى مصر لأن الفقراء لا يحدثون ثورات، وأن الطبقة المتوسطة دائماً هى الفيصل والمحرك لمثل هذه الثورات وأن "بو عزيزى" لم يكن ليتخيل أن ما فعله سوف يؤدى إلى ما حدث فى تونس وأن حالة "بو عزيزى" تحتاج إلى الكثير من الكتاب والأدباء للكتابة عنها وعن رمزيتها، ولفت النجار إلى أن معظم الأنظمة العربية إن لم تكن جميعها هى أنظمة تكميلية منتهية الصلاحية، ويجب أن تعيد سياستها بما يخدم ويتوافق مع آمال وتطلعات شعوبها، وأن النظام الذى لا يستطيع أن يتواكب مع هذه التغييرات لابد أن يتغير، وأن المجتمعات هى من يحدد احتياجات المجتمع، وأننا أمام صناعة تاريخ جديد للمنطقة العربية، وأن الحرية والكرامة لهما ثمن تدفعه الشعوب التى تريد أن تحصل على حريتها وأن تحقق كرامتها. أما نورية السدانى مستشارة شئون المجتمع المدنى فقد قالت "لم نكن نتمنى أن تأتى هذه اللحظة علينا وأن نجلس فى الصالون لنناقش هذا الوضع الذى تشهده مصر بالتحديد ولكنه القدر"، مشيرة إلى ما حدث فى خمسينيات القرن العشرين كانت ثورات ضد الاستعمار من أجل إعطاء الحرية للشعوب وإحداث الديمقراطية فيها ولكن هذا لم يحدث، مؤكدة على أن مصر هى حضن العالم العربى ولا يجب أن ننسى أننا تعلمنا فيها وهى بحق أم العالم العربى وما يحدث فيها بالطبع سوف يؤثر كثيراً على مستقبل وحاضر المنطقة العربية. وفى قراءتها لما تشهده مصر من أحداث رأت السدانى أن ما يحدث هو عبارة عن فجوة أجيال، وأنه مرتبط بالصراعات العربية مع القوى الخارجية، وأن هناك فجوة كبرى بين الحكام والمحكومين، وأن الحكام لا يعولون هذه الفجوة وتلك التحولات الاجتماعية التى تشهدها المنطقة العربية والشعوب العربية بأكملها. من جانبه قال أستاذ العلوم السياسية الدكتور شملان العيسى: "اتفق مع سبق ذكره أن المرحلة الحالية تتطلب تساؤلات أكثر من الإجابات". وأوضح العيسى "أن ما يحدث حالياً ثورة شعبية حقيقية، تختلف عن سابقاتها، والتى تمثلت فى انقلابات عسكرية"، مضيفا "أعتقد أن الأزمة المصرية سوف تزداد وسوف تشهد استخدام العنف وإطلاق النيران الحية على المتظاهرين من قبل القناصة، لتخلف المزيد من القتلى". أما المحلل السياسى عايد المناع فيرى من جهته: "إننا أمام أحداث مهمة أبرزها الحراك الشعبى، وأن الحكام العرب اعتقدوا أنهم سوف يظلون فى السلطة إلى يوم أن يبعثوا". وقال "إن الرئيس المصرى حسنى مبارك تأخر كثيراً فى إعلان الإصلاحات الضرورية، ومصر لا تتحمل مثل هذه التوترات، والخسائر ستكون جسيمة". وفند المناع الأسباب المختلفة للتوتر الحالى فى العديد من الدول العربية، وقال إن من أبرزها: "البطالة والفقر، وتحالف المال والسلطة، والتفاوت الطبقى الرهيب، وأخيراً الاستبداد السياسى".