النجاح له دائما ألف أب وألف باب، ومن يهلل ومن يشيد ومن يعلى فى صاحبه ومن ينسب إليه ومن ينسب عليه، ولكن الفشل دائما له أب واحد وسبب واحد وضحية واحدة، وله أيضا مبررات كثيرة وشماعات أكثر. ولكن هناك فى بعض البلاد شماعة للفشل، شماعة لسوء التخطيط، شماعة التخبط، شماعة العشوائية، شماعة الازدواجية، شماعة عدم تحمل المسئولية، شماعة المسئولين، وأغلب من يتقن هذا الفن المصريون سواء كانوا حكاما أو محكومين. لن أطلب منك سوى استرجاع بعض الذكريات المؤلمة لبعض الحوادث أو حتى بعض النكبات سواء كانت سياسية، إعلامية، رياضية، أو حتى فنية، ستجد دائما أن هناك شماعة لكل حادثة. فعلى الصعيد السياسى تجد مثلا أغلب الحوادث العامة والتى تشغل الرأى العام، ستجد فيها الشماعة عنصرا أساسيا، بل العنصر المهم فى تعليل السبب بغض النظر عن التقصير، فمثلا دعنى أبدأ معك بآخر الأحداث، وليكن حادث انتحار المواطن المصرى بحرق نفسه أمام مجلس الشعب لعدم توفير بعض الخبز لمطعمه، كانت الشماعة الفورية هى المرض النفسى، وكان هو نفس العامل المشترك لمرتكب حادث سمالوط، وهو كذلك لمذبحة بنى مزار، وكأن الشعب كله أصبح مصابا بالمرض النفسى، وكأن كل مواطن لديه سجل فى خزائن الدولة جاهزة لتبرز على الملأ ما يثبت بأنه مثلا كان يتردد على الخانكة أو على بعض الأطباء النفسيين. فبدلا من البحث عن المقصر أو سبب التقصير سريعا ما اتجهت عيونهم إلى الشماعة المناسبة، ولكنها أصبحت حجة باهته، بل ومملة، وسئمنا منها، فأنصح المسئولين بالبحث عن شماعة جديدة غير تلك المتعلقة بالمرض النفسى وبأن المريض كان يتعاطى حبوبا للصداع من 10 سنوات وثبت ذلك. وعلى الصعيد الإعلامى، مثلا، تجد من يبرر فشل برنامجه أو فيلمه أو حتى مسلسله لسوء التوقيت وعدم الدعاية المناسبة، ومنهم من يقول الناس بطلت تتفرج على التليفزيون وكلها شماعات. وعلى الصعيد الرياضى تجد من يبرر إخفاقه لحالة الملعب أو الطقس ودائما شماعة كل إخفاق الحكام، غالباً لم أجد من يلوم نفسه أو يلوم تقصيره أو يعلن تحمله المسئولية لحادث سياسى أو لسقطة إعلاميه أو لكبوة فنية، حتى على الصعيد الشعبى تجدنا نقوم بنفس الفعل فتجد الشماعة موجودة فى حياتنا وبكثرة. فمثلا ذات مرة تشمع أخى أنه لم يحضر امتحان أعمال سنة مهم فى المدرسة بحجة أن والدتى طلبت منه قضاء حاجة لها وعندما عاتبته على ذلك كانت شماعته هى أمى، فسألته: هل كانت تعلم بالامتحان؟ فقال: لا. فقلت: لماذا لم تخبرها بذلك وتؤجل قضاء حاجتها وتذهب لامتحانك؟ فكان رده صمتا.