بلورت دار الإفتاء استراتيجيتها الخاصة لمواجهة التطرف والعنف والأفكار التكفيرية فى المرحلة المقبلة عبر عدد من الأطر والبرامج والخطوات التى يتم العمل بها وتطبيقها بشكل دقيق ومتوازن، وأبرز ملامح تلك الاستراتيجية قيام دار الإفتاء بإطلاق مشروع "تشريح دورة بناء الإرهابي" وهو المشروع الذى يهدف إلى تشريح عقلية المتطرف ونفسيته والتداخل مع المؤثرات التى يتعرض لها ويتأثر بها، سعيًا لوقف تسلسل تلك المراحل التى تؤدى بالمتطرف إلى التحول إلى عنصرإرهابى يسعى بكل قوة وعزيمة إلى الإضرار بالغير، إضرارًا ماديًّا ومعنويًّا، وذلك من خلال عقد جلسات العصف الذهنى لخبراء فى مجالات علم النفس والعلوم الشرعية وخبراء الأمن والمتخصصين فى شئون الجماعات الإرهابية والراديكالية، إضافة إلى عدد من المتخصصين فى تحليل السياقات السياسية والاقتصادية لدورة تشكيل الإرهابى، للخروج بدليل إرشادى يحتوى على إجابات محددة وواضحة فيما يتعلق بكيفية تشكيل العناصر الإرهابية وتكوينها، والمراحل التى يمر بهاالمتطرف بداية من التشدد وصولًا إلى العنف والتفجير، وكيف يمكن وقف تلك المراحل، والأدوات الضرورية للتصدى لكل مرحلة، والخيارات المطروحة للتعامل مع المتطرفين والتكفيريين. ولا يتأتى القيام بهذا الدور وتلك الوظيفة فى تشريح دورة بناء الإرهابى دون بناء وتكوين مكتبة إلكترونية ضخمة عن التطرف والإرهاب باللغتين العربية والإنجليزية، تضم أحدث الإصدارات والكتب والدوريات وتقارير مراكز البحث الأجنبى المختصة بمعالجة التطرف والإرهاب، كما تضم المكتبة كافة الإصدارات والكتب والمقالات والمواد الصوتية والفيديوهات الصادرة عن الجماعات المتطرفة والإرهابية فى مصر وخارجها، لتكون عونًا على فهم التطرف فكرًا وسلوكًا، ومن ثم التعاطى البنَّاء والصحيح معه. وفى هذا الإطار، أنجزت دار الإفتاء المصرية موسوعة لقضايا التكفير باللغتين العربية والإنجليزية تتناول كافة المواضع والقضايا والشبهات التى تستند إليها الجماعات المتطرفة، وترد عليها بأسلوب علمى وشرعى رصين، وسوف تطبع منتصف شهر يوليو الجارى، وسيتم إتاحتها لكل المتخصصين والمفكرين وصناع القرار. وفى سبيل تحديث تكتيكات مواجهة التطرف وتطويرها لمواكبة تطوراته المتلاحقة، أنشأت دار الإفتاء المصرية، بقرار من فضيلة الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، وحدةً تكنولوجية متخصصة لإنتاج أفلام رسوم متحركة وقصيرة لبلورة ردود قصيرة على دعاة التطرُّف والإرهاب فى قوالب تكنولوجية حديثة تمكنها من الوصول إلى الشرائح المتعددة، خاصة فئات الشباب، وترد على الدعاية المضادة والمضللة من جانب الجماعات المتطرفة التى تنشط فى مجالات التكنولوجيا والتصوير. ولم تقتصر استراتيجية الدار فى مواجهة التطرف على الداخل فقط، بل تخطته لتصل إلى الخارج وإلى غير الناطقين بالعربية، سواء المسلمون أو غير المسلمين، فأصدرت الدار ثمانية أعداد من مجلة(Insight) للرد على مجلتَى "دابق"و"رومية"، التى يصدرهما تنظم "داعش" الإرهابى باللغة الإنجليزية، وتتناول ردودًا علمية وتفنيدًا شرعيًّا لكافة الشبهات الواردة فى إصدارات تنظيم "داعش". كما ترتكز استراتيجية الدار على الإغراق الإلكترونى للرسائل المضادة للمتطرفين ومخاطبة وسائل الإعلام العالمية والتعاطى البناء معها لنشر مقالات وحوارات ولقاءات لفضيلة المفتى، لإزالة اللبس الذى علق بأذهان الرأى العام العالمى فيمايتعلق بالإسلام والمسلمين وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الجهاد والخلافة وتطبيق الشريعة وعلاقة المسلم بغير المسلم، بل والقيم العليا والحاكمة فى الإسلام، التى تنظم علاقة الإنسان بأخيه الإنسان، وتقديم الرؤية الوسطية للتعامل فى التطرففكرًا وشخوصًا.