"اعرف هتقبض إمتى".. متى يتم صرف مرتبات شهر مايو 2024؟    الجيش الأمريكي يعلن تدمير 3 مسيرات حوثية فوق البحر الأحمر    قفزت من بلكونة إلى بلكونة، لحظة نجاة فتاة بأعجوبة بعد محاصرة النيران لها بالأميرية (فيديو)    أستراليا تشكل لجنة لمراقبة تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على المجتمع    رئيس اليمن الأسبق: نحيي مصر حكومة وشعبًا لدعم القضايا العربية | حوار    وزير الرياضة يفتتح أعمال تطوير المدينة الشبابية الدولية بالأقصر    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأحد 12 مايو    محمود الليثى ورضا البحراوى يتألقان فى حفل زفاف ابنة مصطفى كامل    عيار 21 يسجل الآن رقمًا جديدًا.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الأحد 12 مايو بالصاغة    القنوات الناقلة لمباراة الزمالك ونهضة بركان اليوم في ذهاب نهائي الكونفدرالية الإفريقية    بعد انخفاضها.. أسعار الدواجن والبيض اليوم الأحد 12 مايو بالبورصة والأسواق    الهدنة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية قد تبدأ خلال ساعات بشرط وحيد    نشاط مكثف وحضور جماهيرى كبير فى الأوبرا    تثاءبت فظل فمها مفتوحًا.. شابة أمريكية تعرضت لحالة غريبة (فيديو)    مفاجأة صادمة.. سيخ الشاورما في الصيف قد يؤدي إلى إصابات بالتسمم    روما يواجه أتلانتا.. مواعيد مباريات اليوم الأحد 12-5- 2024 في الدوري الإيطالي والقنوات الناقلة    الحكومة: تعميق توطين الصناعة ورفع نسبة المكون المحلى    طلاب الصف الثاني الثانوي بالجيزة يؤدون اليوم الامتحانات في 3 مواد    «آمنة»: خطة لرفع قدرات الصف الثانى من الموظفين الشباب    البحرية المغربية تنقذ 59 شخصا حاولوا الهجرة بطريقة غير شرعية    خبير تحكيمي يكشف مفاجأة بشأن قرار خطأ في مباراة الأهلي وبلدية المحلة    بطولة العالم للإسكواش 2024| تأهل 4 لاعبين مصريين للجولة الثالثة    ما التحديات والخطورة من زيادة الوزن والسمنة؟    عمرو أديب ل إسلام بحيري: الناس تثق في كلام إبراهيم عيسى أم محمد حسان؟    الآلاف يتظاهرون في مدريد دعما للفلسطينيين ورفضا للحرب في غزة    عاجل.. غليان في تل أبيب.. اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين واعتقالات بالجملة    إسلام بحيري عن "زجاجة البيرة" في مؤتمر "تكوين": لا نلتفت للتفاهات    الصحة تعلق على قرار أسترازينيكا بسحب لقاحاتها من مصر    يسرا: عادل إمام أسطورة فنية.. وأشعر وأنا معه كأنني احتضن العالم    "حشيش وترامادول".. النيابة تأمر بضبط عصام صاصا بعد ظهور نتائج التحليل    «بلدية المحلة» يحسم مصير أحمد عبدالرؤوف بعد الخسارة أمام الأهلي    أبو مسلم: العلاقة بين كولر وبيرسي تاو وصلت لطريق مسدود    تفاصيل صادمة.. يكتشف أن عروسته رجلاً بعد 12 يوماً من الزواج    "الأوقاف" تكشف أسباب قرار منع تصوير الجنازات    اعرف سعره في السوق السوداء والبنوك الرسمية.. بكم الدولار اليوم؟    أرخص السيارات العائلية في مصر 2024    وزير الخارجية التونسي يُشيد بتوفر فرص حقيقية لإرساء شراكات جديدة مع العراق    يا مرحب بالعيد.. كم يوم باقي على عيد الاضحى 2024    أستاذ لغات وترجمة: إسرائيل تستخدم أفكارا مثلية خلال الرسوم المتحركة للأطفال    أطول عطلة رسمية.. عدد أيام إجازة عيد الاضحى 2024 ووقفة عرفات للموظفين في مصر    خطأ هالة وهند.. إسلام بحيري: تصيد لا يؤثر فينا.. هل الحل نمشي وراء الغوغاء!    حبس سائق السيارة النقل المتسبب في حادث الطريق الدائري 4 أيام على ذمة التحقيقات    إصابة 7 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بمدينة 6 أكتوبر    ملف رياضة مصراوي.. مذكرة احتجاج الأهلي.. تصريحات مدرب الزمالك.. وفوز الأحمر المثير    رئيس بلدية رفح الفلسطينية يوجه رسالة للعالم    بعيداً عن شربها.. تعرف على استخدامات القهوة المختلفة    حظك اليوم برج العذراء الأحد 12-5-2024 مهنيا وعاطفيا    «التعليم» تعلن حاجتها لتعيين أكثر من 18 ألف معلم بجميع المحافظات (الشروط والمستندات المطلوبة)    4 قضايا تلاحق "مجدي شطة".. ومحاميه: جاري التصالح (فيديو)    علي الدين هلال: الحرب من أصعب القرارات وهي فكرة متأخرة نلجأ لها حال التهديد المباشر للأمن المصري    خلال تدشين كنيسة الرحاب.. البابا تواضروس يكرم هشام طلعت مصطفى    وزارة الأوقاف تقرر منع تصوير الجنازات داخل وخارج المساجد    تيسيرًا على الوافدين.. «الإسكندرية الأزهرية» تستحدث نظام الاستمارة الإلكترونية للطلاب    رمضان عبد المعز: لن يهلك مع الدعاء أحد والله لا يتخلى عن عباده    الرقابة الإدارية تستقبل وفد مفتشية الحكومة الفيتنامية    رئيس"المهندسين" بالإسكندرية يشارك في افتتاح الملتقى الهندسي للأعمال والوظائف لعام 2024    نقيب الأطباء يشكر السيسي لرعايته حفل يوم الطبيب: وجه بتحسين أحوال الأطباء عدة مرات    ما حكمُ من مات غنيًّا ولم يؤدِّ فريضةَ الحج؟ الإفتاء تُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نهاية العزلة
نشر في اليوم السابع يوم 15 - 12 - 2010

فى أوائل العام الحالى، صدر قرار من النيابة العامة باستلام المجوهرات الملكية من البنك المركزى لصالح المجلس الأعلى للآثار، وشكلنا لجنة من الآثار ومن وزارة المالية ومصلحة الدمغة والموازين والبنك المركزى وقد يبدو الأمر روتينيا للبعض وأن هذا الإجراء سوف يستغرق سنوات أخرى باعتبار أن الإجراءات الحكومية واللجان المتشعبة مغلفة دائماً بالتعقيدات الإدارية ومشاكل التسليم والتسلم وعلى من تقع مسئولية العهدة ...الخ.
إلا أننا اتبعنا أسلوباً جديداً وسهلاً هذه المرة بالتنسيق مع البنك المركزى وأعضاء اللجنة من الجهات الأخرى، بحيث يقتصر دور اللجنة على استلام الصناديق فقط دون جرد جديد وعلى أن تفتح بمعرفة المجلس الأعلى للآثار ويثبت محتواها فى حضور أعضاء الجهات الأخرى، هذا الإجراء جعل جميع أعضاء اللجنة فى حالة اطمئنان كامل فلا مسئولية عن عهدة قديمة ولا وجود لإجراءات إدارية معقدة فى التسليم والتسلم.. كان الأمر أشبه بالكشف الأثرى فى باطن الأرض وإجراءات التنقيب عنه حتى تسجيله وعرضه متحفيا.. والحقيقة أننى استوحيت هذا الإجراء من تلك الفكرة على أساس أن تفتح الصناديق ويسجل ما بها فوراً ويرمم أيضا بواسطة المرممين الذين اقترحت ضمهم للجنة فى الموعد المحدد للاستلام تحركت عشر سيارات مصفحة بداخلها صناديق تؤمها سيارات من شرطة الأمن العام ودخلت إلى المتحف المصرى قرب الفجر حيث استقرت.
فى اليوم التالى مباشرة، بدأت اللجنة فتح الصناديق وكان عددها 45 صندوقاً كبيراً، بالإضافة إلى ثمانية صناديق أخرى متوسطة الحجم تحوى مستندات الجرد وتم فتح كل صندوق على حدة وإنهاء جميع إجراءات فحصه وترميمه ثم يتم البدء فى الصندوق التالى وهكذا على ألا يستغرق الصندوق الواحد فى الفحص أكثر من خمسة أيام وقد كان بالفعل.
واكتشفنا من خلال المستندات التاريخية التى وجدناها أن البنك الأهلى استلم المجوهرات والمقتنيات الملكية فى 21/12/1954 بموجب إيصالات على أنها أحراز غير معروفة المحتويات، وفقاً لقرار محكمة الثورة التى أمرت بمصادرتها، وفى يونيو 1957 تم استلام الأحراز باسم إدارة تصفية الأموال المصادرة بموجب إيصالات مدون عليها عبارة "محتويات غير معروفة"! وبعد تأسيس البنك المركزى المصرى فى يناير 1967 تم إيداعها به وتم تغيير اسم الإدارة المودعة بها من إدارة تصفية الأموال المصادرة إلى إدارة متابعة الأموال المستردة.
ووجدنا مستندا مؤرخا فى 3/4/1962 يفيد نقل حيازة عدد من الأحراز – غير محدد – إلى وزارة الثقافة والإرشاد القومى دون مبرر، ومستنداً آخر مؤرخ فى 1/9/1970 يفيد أن البنك المركزى استلم من وزارة الثقافة صندوقين مجهولى المحتويات ومدون عليهما عبارة "بصفة أمانة" ولم تذكر المستندات لنا من خان هذه الأمانة بعد ذلك؟؟
ووجدنا محاضر الجرد أو إن شئت الدقة التجريد لمحتويات الصناديق وكيف كانت اللجنة تستمر لسنوات فى مباشرة عملها وكيف صنفت المقتنيات بأنها أشياء مجهولة القيمة وقامت بحصرها عددياً دون وصف.. كان الأمر أقرب لمسرح العبث.. وخرجت من المتحف المصرى بعد أن شاهدت صناديق المستندات وأنا لا أكاد أصدق ما رأيت من هول ما قرأت ومع ذلك زادنى الأمر تصميما على إنهاء عزلة المقتنيات والمجوهرات الملكية إلى الأبد..
كانت اللحظة التى انتظرتها كثيرا هى لحظة فتح صناديق المقتنيات وكان لدى إحساس قوى بأننا سنجد مقتنيات تاريخية ذات قيمة كبيرة وقد تولد لدى هذا الانطباع من قراءة مستندات الجرد وتحقيقات القضية، فكان من السهل على معرفة أن من سرقوا بعض محتويات الصناديق وعبثوا بها لم يكونوا على دراية أو خبرة بقيمتها التاريخية ومن البديهى أن تتوجه أعينهم إلى ما يلمع من الذهب فهم لا يعرفون غيره وقد صدق ظنى، وعندما وصلنا إلى الصندوق العاشر كان لدينا أكثر من ألف قطعة تحكى تاريخ أسرة محمد على ومقتنياتها الشخصية، وكان كل صندوق به مقتنيات أجمل مما سبقه وكأنها مرتبة تصاعديا مجوهرات وساعات وأدوات شخصية ورتب عسكرية وبنادق صيد وحلى ولعب أطفال ونياشين وأوسمة وتماثيل.. تشعر مع كل قطعة أنك تتأمل جانبا من تاريخ مصر تعود بك المقتنيات إلى عصر الأمراء والملوك والقصور وينتابك شعور داخلى بأنك تنتقل من الزمن الذى تعيش فيه إلى زمن جميل مضى.. ويطلق لخيالك العنان فى تصور ملوك مصر وحكامها وطريقة استخدامهم لتلك المقتنيات تستوقفك دقة الصناعة ويدهشك الاهتمام بالتفاصيل وجمال القطعة ومظهرها البديع.. تحلق بك روعة المقتنيات فى آفاق بعيدة تملأ روحك بالحنين للماضى وتشعر بعبق التاريخ وتذهب بمخيلتك إلى منطقة فريدة تشعر وكأن أحدا لم يطرقها من قبلك لا تعود منها إلا على أصوات الضوضاء التى تحدثها أعمال تطوير الجانب الغربى من المتحف المصرى.
ظل العمل يجرى على قدم وساق ببدروم المتحف واستحق جميع أعضاء اللجنة ورئيس قطاع المتاحف وسام التقدير لهذا الجهد العظيم حتى عرضها فى متحف المجوهرات الملكية والآن نستطيع أن نقول إن هيئة الآثار حافظت على ما تبقى من مقتنيات ومجوهرات أسرة محمد على وأنقذتها من التجريد..
"فما لا يدرك كله لا يترك كله"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.