أكد الناقد الفلسطينى فيصل دراج أن الأنظمة القمعية التى نشأت فى الستينيات ساهمت فى تطور فن الرواية، ومنحت الأشكال الروائية ولادة جديدة، مشيراً إلى أن ثلاث روايات ظهرت فى الخمسينات تواجه السلطة، باستبدادها، وضرب المثل برواية "أولاد حارتنا" لنجيب محفوظ التى صدرت عام 1959، و"الزينى بركات" لجمال الغيطانى و"نجمة أغسطس" للروائى صنع الله إبراهيم. جاء ذلك خلال الندوة الأولى لملتقى الرواية العربية الرابع، الذى أنطلقت فعالياته صباح اليوم بالمسرح الصغير بدار الأوبرا، وضمت الناقد الكبير إبراهيم فتحى والروائى الجزائرى واسينى الأعرج والناقد محمد شاهين، وأدارها الناقد الدكتور جابر عصفور. وأضاف دراج أن الأنظمة القمعية أسست لبلاغة المقموعين، حيث ظهرت الرواية العربية مدافعة عن كرامة الإنسان، ومتصدية للسلطة المستبدة، مشيرا إلى أن الرواية الآن بدأت تنأى عن مواجهة الحاكم المستبد الباقى فى مقعده إلى الأبد، بفضح الطائفية والعنف وغيرها من الأشياء التى طفت على السطح وشكلت ما سماه دراج بالتسلط الاجتماعى، وشدد على أن الفكر الأصولى المسيطر على المجتمعات، لا يمنع الفن، وإنما يقوض الشروط الواجب توافرها لكتابة الرواية، مشيرا إلى أن الروائى ترك مواجهة السلطة، والتفت إلى آليات الإنسان المغترب. فيما تحدث الناقد إبراهيم فتحى فى مداخلته عن التجريب فى الرواية، موضحا أنه يضفى عليها مرونة، وتجديدا مستمرا، وعرفه بأنه الابتداع فى أساليب إبداعية جديدة، وعقب الدكتور جابر عصفور على كلمة فتحى مشيرا إلى أن الرواية فعل تجريبى بامتياز، مؤكدا على أنه منذ نشأة الرواية لم يكن أمامها إلى أن تُجرب، قائلا: لم تعرف الرواية شكلها الثابت حتى عام 1912، مع رواية "زينب" لهيكل، والتجريب سمة أساسية فى الرواية العربية، ولحسن حظها غير محملة بتراث حديدى مثل ذلك المميز للشعر، مؤكدا على أن الروائى متحرر أكثر من الشاعر الذى يبدأ الكتابة وفى ذهنه عدة قيود ينبغى الالتزام بها. فيما أكد الناقد محمد شاهين على أن الرواية لا تتمتع بالحرية إلا إذا تعاملت مع الواقع، أما الروائى واسينى الأعرج، فحدد عدة معضلات تواجه الرواية العربية فى العصر الحالى، ومنها التاريخ والهوية، مؤكدا على أن الروائى صار عليه أن يعمل مؤرخا، لإعادة الصفحات المنزوعة من التاريخ، إلى مكانها، ويلملم القطع المكسورة من اللوحات التاريخية لاستكمال ما تم تزييفه وتزويره منه، مضيفا أن الأسئلة التى تطرحها الرواية العربية اليوم معقدة وكثيرة، وتنشأ ضمن سلة من المشكلات، أولها أن المجتمع متخلف لم يحقق أى وعد من وعوده، وغارق فى أميته. وقال الأعرج: الكاتب العربى منذ اللحظة الأولى مجرد من أهم أسلحته، وهم عدد قرائه، الذين تصل الأمية فيهم إلى 70%، ويجد نفسه أمام 30% فقط يسيطر عليهم اتجاهات إعلامية وأصولية متعددة.