رحلة الكعبة فى قلوب المؤمنين

◄◄ مليار مسلم يحجون إليها بأفئدتهم.. «أصلها ثابت وفرعها فى السماء» ولم يؤثر فيها زلزال أو تقدر عليها السيول أو تنل منها الحوادث
انظر إليها بقلبك، وحج إليها بروحك، ونادها بوجدانك، وتعلق بأستارها كما يتعلق الوليد بوجه أمه، هنا كعبة الحجاج، وأمل الطالبين، وملاذ المؤمنين، وجنة المتقين، وفرحة الصابرين الشاكرين الحامدين، تاريخ طويل مر على بنائها، مر عليها الكثير من التقلبات وتعرضت للعديد من التغيرات، لكنها بهية فى كل حين، وبهجة للناظرين، سميت «كعبة» لارتفاعها وعلو مكانتها، وبرغم أن الأماكن العالية كثيرة لكنها وحدها احتكرت الاسم، فصار كما لو كان محرما على غيرها، وكيف لا وهى التى بناها الملائكة، وزارها الأنبياء، وحفظها الرحمن، فأى شرف هى فيه.. وأى شرف حبانا به الله حينما أنعم علينا بها.
ثلاثة ملايين مسلم يحجون إليها كل عام، لكن الحقيقة غير هذا، فما من مسلم على وجه الأرض إلا ويطوف حولها بقلبه وجوارحه.. لبيك اللهم لبيك.. هتاف نسمعه كل عام فتنتفض الروح ويخشع القلب ويهتز العصاة ويأمن المؤمنون، خفافا خفافا يهيم حجاج بيت الله إليها تراهم يلبسون ملابس الإحرام ليغادروا كل شىء من متاع الدنيا للبقاء تحت عين الله شاكرين حامدين مهللين، يقلمون أظفارهم ليتخلصوا من موبقات الدنيا، ويحلقون رؤوسهم كتعبير عن ترك الرياسة والأحقاد والآلام وما عاداها من أحلام، فهنا حلم واحد، أن يتحد الخلق بالخالق فيصير الكون كله «أحد أحد».
بنتها الملائكة، ثم عمَّرها نبى الله إبراهيم داعياً «ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم» وحينما مر الزمان وسكنت القبائل العربية بجوارها كان العرب يتولون رعايتها ويتوارثونها واجبا مقدسا، وقبل بعثة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بخمس سنوات أعادت قبيلة قريش عمارتها، وأعقب هذا التعمير اهتمام بالغ ببيت الله الحرام بعد ظهور الإسلام وهذه الصور التى ربما تراها اليوم لأول مرة، تصف لك كعبة الله الحرام على مر السنين، تأملها لتتأكد من أن ما يحفظه الله لا تقدر عليه النوائب، شامخة عالية مقدسة ومطهرة وطاهرة، هى كلمة الله على الأرض، أصلها ثابت وفرعها فى السماء، لم يؤثر فيها زلزال، ولم تقدر عليها السيول.