ما سأذكره لكم هو حدث رأيته بعينى، لم يبلغنى بهِ أحد، أو لم يكن خبرا قرأته على صفحات الجرائد، أو شاهدته على شاشة التلفزيون. فمنذ بضعة أعوام وعند اقتراب موعد عيد الأضحى المبارك وازدهار موسم تجارة اللحوم خلال هذا الشهر، تزدهر أيضاً تجارة ملازمة لها، وهى تجارة الخرفان الفطيس. ومعناه هو: عندما يموت الخروف أو يكون على وشك الموت نتيجة عمليات النقل وخلافه، يتجمع الناس فى مكان بالعامرية بالإسكندرية لبيع هذه الخرفان الميتة فى وضح النهار دون مساءلة من أحد، وكما ذكرت، هذه العادة القبيحة والتجارة المحرمة تجرى فى وضح النهار وعلى الطريق السريع نفسه، وفى مكان معروف ومعلوم للجميع وبالطبع ستذهب هذه اللحوم لتباع بسعر اللحوم الصحيحة فى هذا الموسم المزدهر بالنسبة للجزارين، وسيكسب أصحابها أضعاف ما دفعوه فيها. فهنا أود أن أذكر، أن بائعى هذه الخراف ومشتريها يرتكبون ظلما عظيما، لأنهم يبيعون ويشترون بضاعة حرمها الله سبحانه وتعالى (حرم عليكم أكل الميتة والدم ولحم الخنزير) صدق الله العظيم. فمثلهم فى ذلك مثل من يذبح حماراً ليبيع لحومه للناس على أنه لحم بقرى أو جاموسى، بل هم أشد جرماً لخداعهم الناس من ناحية، ولضررهم بصحة من يشترى تلك اللحوم من ناحية أخرى. ولكن ما يثيرنى ويغضبنى فى هذا الموضوع، كما ذكرت فى البداية أنه يجرى فى وضح النهار وفى مكان ثابت والكل يعلم به، كأنه سوق رسمى، ومعروف لعامة الناس منذ سنوات طويلة. ولكن لا يتحرك أحد من السادة المسئولين الكرام لمواجهة هذه الجريمة، ومع أن قسم العامرية قريب من تلك المنطقة، وكذلك الحى ملاصق له. ألا تستحق هذه الجريمة التى تضر بصحة الناس أن يقبضوا على من يشترك فيها، كما أنى أحزن بشدة عندما أجد سلبية الناس إزاء ما يحدث أمام أعينهم فى سوق الفطيس. فهم يرون ويصمتون خوفاً من بطش هؤلاء الجزارين، العامرية وبالتحديد عند السوق، كانت مشهورة سابقاً بذبح الحمير وبيع لحومها للناس، ولها أكثر من قصة مشهورة فى الجرائد. والآن أصبحت مشهورة بسوق الفطيس، والذى يباع ويشترى فيه الخرفان الميتة علناً أمام الجميع دون مساءلة من أحد منذ عدة سنوات. فعيون الداخلية والصحة غفلت عنهم رغم قرب المسافة بينها وبينهم، فيبدو أن السلبية التى نعانى منها لا تقتصر على المواطن وحده، ولكن اكتسبها من السادة المسئولين الكرام. الذين يغضّون البصر عمداً عن ما يجرى، ويتركون هؤلاء الذين سولّت لهم أنفسهم فعل تلك الجريمة أن يفلتوا من عقاب جريمتهم، بل ويكرروها فى نفس الموعد من كل عام. لنتبادل المواقع، لتصبح ضحية العيد هو الإنسان وليس الخرفان!!