پرنسس بوزيد تكتب من الجزائر: كأسٌ من نبيذ الحرية

لم تكن لتفعل ذلك...لم تكن بهذا الجنون من قبل. لم تكن لِتكسِر حواجز الجدران والأعرافِ والطغيان كيفما فعلتْ الآن.
فى فراغ موجع مُظلم بحجم ظلام قلبها..من زاوية فى غرفتها تنتحب كالبلهاء تبكى بأصوات غريبة على غير عادتها فهى الهادئة فى كل شىء حتى فى النحيب عادةً
تعتصر ثورة وسط كل بعْثرة أحلامٍ توَدُّ تحقيقها ومناصب يريدون هم توَليها
ليس لها حل سوى الاستلقاء على ذلك السرير والالتفاف بتلك البطانية المخملية التى جائتها هدية من والدها عند زيارته اسطنبول والبكاء بصمت "فقط بصمت"
أصوات نحيبها الغريبة تتسارع وتتعالى بطانيتها الثمينة مشقوقةً نصفين..لا أدرى كيف!! وفى ثوانٍ أصبح صوت فيروز من المذياع أعلى من صراخ أبيها القاسى "لا مقارنةَ بالطبعْ".
لم تكن تدرى أنها قوية كفاية قبل هذا اليوم...نسِيَتْ ان لها الحق يوماً فى الصراخ والعناد والخروج عن القطيع احياناً
تمسح بقايا دموع فى جفنها فهى لا تريد أن تكون ضعيفة مستضعفة بعد اليوم
خلعت ثياب الدونية ولبست ثياب الحرية أخيراً..أنها تربطُ شعرها الحريرى برباط لا اناقةَ فيه فلم تعد تهتم بالمظاهر ولا بمن يهتمون بها يال العجب بكامل أناقتها هى !
تفتح باب سجنها المنير لتخرج لحريتها المظلومة.
تتنافسُ كل ذرة من هذا الجسد على التحدُثِ اولاً على الوقوف بثبات امام رجُلها الوحيد التى كانت تنصاع له لكن ليس بعد الان فلا انصياع إلا لأحلامها ورغباتها وحروفها هى لا غير
هى الان تضع قُبلةً باردة على خدِّ والدها وقالت بصوتٍ خافت: عندما يموت العصفور يفقد العالَم لحناً
تسمَّر وارتجف وانقبضت نفسه وصعدت كل كرياته الحمراء إلى وجهه من شدة الغضب.. لم يُسْكِتها ذلك فلطالما عُرفت بالسكوت والصمود امام ضرباتهم الموجعة..و انحنت عليه قليلا بعدْ قائلةً: احلامى قبل أعرافك ومناصبك ليست بقدر طموحى وحروفى قبل رَجُلٍ قبل زوجٍ ولم تكن جريئةً كفاية لتقول قبل ( أبٍ) فاستدار بعد دهشةٍ وكوبَ ماء فلم يجد إلا غبار أوراق دفاترها ونقاط حروفها ورشفةٌ من كأس نبيذ الحرية التى تركته أمامه وذهبت.