وزير الصحة: الدولة ملتزمة بالاستثمار في رأس المال البشري وتعزيز البحث العلمي    مصروفات المدارس الخاصة صداع في رأس أولياء الأمور.. والتعليم تحذر وتحدد نسبة الزيادة    محافظ شمال سيناء يتفقد أعمال تطوير بوابة العريش وبفتتح مقراة الصالحين لتحفيظ القران الكريم (صور)    ارتفاع أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم 18سبتمبر 2025    اسعار الفاكهة اليوم الخميس 18 سبتمبر فى سوق العبور للجملة    الرئيس السيسي يُوافق على بروتوكول اتفاق لتجنب الازدواج الضريبي مع الإمارات    المشاط: اتفاقية الشراكة من أجل التنمية تضع أساسًا للتعاون المستدام بين مصر وإسبانيا    ارتفاع تأخيرات القطارات على الوجهين البحري والقبلي    الإقليمي للأغذية والأعلاف يختتم البرنامج التدريبي الصيفي لطلاب الجامعات المصرية    صادرات الصين من المعادن النادرة تسجل أعلى مستوى منذ 2012    لليوم الثاني على التوالي.. انقطاع الإنترنت والاتصالات عن مدينة غزة    وزير الخارجية بالرياض للتشاور والتنسيق حول ملفات التعاون المشترك    بعد قليل.. بدء منتدى رجال الأعمال المصرى الإسبانى بحضور الملك ورئيس الوزراء    ملف إنساني يتجاوز خطوط النار.. تقرير أمريكي يتهم روسيا بتجنيد الأطفال    القناة 12 العبرية: لقاء ويتكوف وديرمر في لندن محاولة أخيرة لإحياء مفاوضات غزة    مودرن سبورت "الجريح" يصطدم بصحوة إنبي في الدوري    نيوكاسل يستضيف برشلونة في دوري أبطال أوروبا    تفاصيل مواد الصف الثالث الثانوي العام 2025 وفق القرار الوزاري الجديد    مواعيد القطارات المكيفة والروسية بين القاهرة والإسكندرية وطرق الحجز    الحالة المرورية اليوم، تباطؤ في حركة سير السيارات بمحاور القاهرة والجيزة    بعد ساعات من هربه.. القبض على قاتل زوجته بمساكن الأمل في ضواحي بورسعيد    مستشفى قنا تستقبل ضحايا مشاجرة دامية داخل قرية الحجيرات    نشرة مرور "الفجر ".. زحام بميادين القاهرة والجيزة    28 سبتمبر محاكمة عاطلين في حيازة أسلحة نارية ومخدرات بعين شمس    بالفيديو.. ناقد فني يكشف عن 6 أفلام مصرية تتألق بمهرجان الجونة 2025    وفاة الإعلامية اللبنانية يمنى شري عن 55 عامًا بعد صراع مع المرض    خواكين فينيكس وخافير بارديم وإيليش يدعمون الحفل الخيرى لدعم فلسطين    تبدأ ب 5500 جنيه.. ليلة موسيقية ساحرة لعمر خيرت في قصر عابدين    الضيقة وبداية الطريق    القائمة الكاملة لأفلام مهرجان الجونة السينمائي 2025 (صور)    حكم تعديل صور المتوفين باستخدام الذكاء الاصطناعي.. دار الإفتاء توضح    «متحدث الصحة»: نقص الكوادر الطبية مشكلة عالمية    قبل بدايته| استشاري مناعة توضح أهم المشروبات الساخنة في الشتاء    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18سبتمبر2025 في المنيا    شديد الحرارة.. حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    الرئيس السيسي يصدر 3 قرارات جمهورية جديدة.. تعرف عليها    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 للموظفين حسب أجندة العطلات الرسمية للرئاسة    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الخميس 18 سبتمبر 2025    موقف نسائي محرج خلال زيارة دونالد ترامب وزوجته ميلانيا إلى بريطانيا    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الخميس 18/9/2025 على الصعيد المهني والعاطفي والصحي    سيميوني: تمت إهانتي طيلة 90 دقيقة.. لكن عليّ أن أتحلى بالهدوء    محمود وفا حكما لمباراة الأهلي وسيراميكا.. وطارق مجدي للفيديو    هنيئًا لقلوب سجدت لربها فجرًا    غزل المحلة يحتج على حكم مباراته أمام المصري: لن نخوض مواجهة حكمها محمود بسيوني    التاريخ يكرر نفسه.. تورام يعيد ما فعله كريسبو منذ 23 عاما ويقود إنتر للتفوق على أياكس    بعد تعرضه لوعكة صحية.. محافظ الإسماعيلية يزور رئيس مركز ومدينة القصاصين الجديدة    جمال شعبان ل إمام عاشور: الأعراض صعبة والاستجابة سريعة.. و«بطل أكل الشارع»    مسلسل حلم أشرف الموسم الثاني.. موعد عرض الحلقة الثانية والقنوات الناقلة    فائدة 100% للمرة الأولى.. أفضل شهادة إدخار بأعلى عائد تراكمي في البنوك اليوم بعد قرار المركزي    صراع شرس لحسم المرشحين والتحالفات| الأحزاب على خط النار استعدادًا ل«سباق البرلمان»    "سندي وأمان أولادي".. أول تعليق من زوجة إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    ب 3 طرق مش هتسود منك.. اكتشفي سر تخزين البامية ل عام كامل    مواقف وطرائف ل"جلال علام" على نايل لايف في رمضان المقبل    الشرع: السلام والتطبيع مع إسرائيل ليسا على الطاولة في الوقت الراهن    حكم مباراة الأهلي وسيراميكا كليوباترا في الدوري المصري    "أصحاحات متخصصة" (1).. "المحبة" سلسلة جديدة في اجتماع الأربعاء    «يورتشيتش» يعلن قائمة بيراميدز لمواجهة زد في دوري نايل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قم يا مصرى
نشر في اليوم السابع يوم 25 - 06 - 2008

هل الشعب المصرى خانع؟ هل أصابته المشاكل التى يعانى منها بحالة فقدان اتزان؟ هل أصبح يتميز باللامبالاة؟ هل فقد إحساسه بالحياة لدرجة أنه أصبح يفضل الموت عن الحياة؟ هل تغيرت الشخصية المصرية وأصبحت أكثر سلبية؟ هل أصبح الشعب المصرى شخصية غير مفهومة لخبراء الاجتماع وعلم النفس؟ حقيقة أنا أرفض كافة تلك الاتهامات الموجهة للشعب المصرى. هذا الشعب صاحب أكبر موروث اجتماعى وثقافى كان ولا يزال يستوعب الثقافات المختلفة ويهضمها ويستوعبها، ثم يفرز ثقافته الخاصة به.
تحرك الشعب المصرى مؤخرا فى موقفين تحركاً رائعاً وحضارياً بشكل أجبر الأعداء قبل الأصدقاء على احترامه واحترام رغبته وتنفيذها..
الموقف الأول كان عند مطالبة العاملين فى الضرائب العقارية التابعين للمحليات بضمهم إلى وزارة المالية ومساواتهم ماليا بزملائهم فى مصلحة الضرائب العقارية التابعة للوزارة، وكان مطلبهم فى الحقيقة من المطالب العادلة، والتى كسبوا خلالها تعاطف المجتمع المصرى بجميع فئاته.
وعلى الرغم من محاولة وزير المالية تسويف وتمييع مطالبهم، بل وهددهم أنه لن يستجيب إلى تلك المطالب التى اعتبر أنه ليس من حقهم فى الأساس مجرد المطالبة بها، فما كان من أصحاب المطالب المظلومين إلا أن اعتصموا اعتصاما صامتا أمام مجلس الوزراء دون ترديد أى شعارات أو هتافات أو تهديدات، ورفعوا جميعا شعارا واحدا "المساواة فى الحقوق بين أصحاب المهنة والعمل الواحد"، وظلوا قابعين فى الشارع وسط الأجواء الباردة فى الشتاء دون كلل أو ملل وكلهم إيمان بقضيتهم، فمن غير المنطقى أن يحصل موظف فى مصلحة الضرائب العقارية التابعة لوزارة المالية فى القاهرة على مرتب لا يقل عن 2000 جنية شهريا، وزميله الذى يقوم بنفس العمل فى المحليات والمحافظات الأخرى يحصل على مرتب 200 جنيه شهريا فقط.
استمروا فى اعتصامهم يوما بعد يوم، وفشلت كافة محاولات التهدئة، والتزموا بهدوئهم وقوة مطلبهم حتى تحقق لهم ما أرادوا وخضع وزير المالية لمطالبهم، وتمت بالفعل مساواتهم بزملائهم وكسبوا حقوقهم واحترام المجتمع واحترام الجميع. الموقف الثانى والأهم، كان موقف شعب دمياط من مصنع "أجريوم" الكندى لإنتاج الأسمدة والبتروكيماويات، والذى كان من المقرر أن يقام بالقرب من مدينة رأس البر الساحلية، والتى تعتبر المتنفس الصيفى لسكان دمياط والمحافظات القريبة منها.
وكان أهالى دمياط رافضين لإقامة هذا المصنع الملوث للبيئة والذى كان سيؤدى إلى إصابة أجيال كاملة بالسرطان نظرا للتلوث الشديد الذى ينتج منه، فى الوقت الذى كان يصر فيه مسئولو الشركة الكندية على إقامة هذا المصنع فى تلك المنطقة العبقرية، حيث تحتاج إقامة مثل هذه المصانع إلى مياه نقية من النيل ومياه عميقة للصرف فيها فى البحر المتوسط وميناء للتصدير، وكان ميناء دمياط، بالإضافة إلى غاز طبيعى لتلبية احتياجاته من الطاقة. وعلى مدى عامين من الدراسات والأبحاث على مستوى منطقة الشرق الأوسط وليس مصر فقط استقروا على تلك المنطقة التى تلبى كافة احتياجاتهم الفنية والطبيعية وأيضا البشرية، ولذلك كانت هناك استماتة من جانبهم وتمسك بهذا الموقع، إلا أن أهالى دمياط كانوا أكثر استماتة بعدم إقامة هذا المصنع فى أرض محافظتهم.
وهذا التحرك الحضارى، أقل ما يوصف به أنه عهد جديد للتحرك الجماعى المصرى لنيل الحقوق الضائعة أو المسلوبة، وتعبئة الرأى العام ومواجهه سطوة رأس المال وقوة السلطان التى كانت تقف وتؤيد هذا المشروع، والفساد الذى استشرى فى عروق هذا المجتمع دون خجل أو تفكير فى صحة الأجيال القادمة، تلك الأجيال التى قهرت هذا الفساد من خلال اللافتات التى كتبوها على حقائب مدارسهم الصغيرة " لا لن نصمت".. لا لأجريوم.. لا للتلوث"، علاوة على السواد الذى اتشحت به منازل الشعب الدمياطى واللافتات التى ملأت الشوارع "نرفض أجريوم فى دمياط".. "لا للمصنع القاتل".. "لا لمصنع الموت".. "من أجل أطفالنا لا لمصنع أجريوم".. "لا للتلويث.. لا للأمراض".. "شعب دمياط يد واحدة ضد سرطان أجريوم".. ونجحت تلك الحملات الشعبية المنظمة، ووقفت ضد الحملات الطاغية التى حاولت شركة أجريوم القيام بها من خلال الإعلانات المدفوعة الأجر والمؤتمرات الصحفية للتأثير على الرأى العام لإقامة المصنع فى موقعه، وأخيرا أوصى مجلس الشعب بنقل المصنع من محافظة دمياط وإقامته فى موقع آخر.
هذا هو الشعب المصرى البسيط الذى ينهض ويهب على قلب رجل واحد وبشكل حضارى منظم ودون قيادة توجهه، سوى ما يمس مستقبله وصحته وقوت يومه أو عقيدته. هذه هى فلسفة الشعب المصرى التى احتار فيها الخبراء والمحللون متى يهب ومتى يستكين وماذا يحرك مشاعره ويلهب أحاسيسه.. شعب عظيم يحتاج فقط إلى إزالة الأتربة للكشف عن معدنه الأصيل. فلنجعل من "أجريوم" نقطة انطلاقه لتطوير حياتنا اليومية ومحاربة الفساد والوقوف ضد السلبية واللامبالاة وضد المحتكرين والمتاجرين فى قوت الشعب وصحته والغشاشين ومستغلى النفوذ والمرتشين.. فلنقف جميعا ضد الدروس الخصوصية والفساد التعليمى.. نريد مستقبلا أكثر إشراقا لأولادنا والأجيال القادمة ولنتمسك بالأمل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.