أكتوبر والسينما

تمر السنوات سريعة جدا على أهم حدث فى التاريخ المصرى المعاصر تتبدل أجيال ويكبر أبناء وأحفاد كانوا وقت حرب أكتوبر المجيده أطفالا لا يعلمون شيئا، ومع الوقت وتغييب التاريخ صاروا أقل علما وأكثر جهلا بحدث وتاريخ يجب أن يكون معروفا ومرصودا فى كل بيت.
هل يعقل أنه خلال سبعة وثلاثين عاما كاملة على حرب أكتوبر لم تقدم السينما المصريه بكل تاريخها سوى ثمانية أفلام بها رائحة الحرب، وهى أبناء الصمت إخراج حسام الدين مصطفى، العمر لحظة إخراج محمد راضى، الوفاء العظيم إخراج حلمى رفله، حتى آخر العمر إخراج أشرف فهمى، بدور إخراج نادر جلال، وحكايات الغريب إخراج إنعام محمد على، أغنية على الممر والطريق إلى إيلات، وهما من إخراج على عبد الخالق.
بينما اهتم ثلاثة من المخرجين الكبار وقدموا ثلاثة أفلاما تسجيلية وثائقية عن حرب أكتوبر هى فيلم "جيوش الشمس" للمخرج شادى عبد السلام، وفيلم "صائد الدبابات" للمخرج خيرى بشارة، وفيلم "جريدة الصباح" للمخرج عاطف الطيب.
وللأسف أغلبها أفلام لا علاقة له بحرب أكتوبر، وإنما هى قصص درامية عادية تظهر فيها الحرب كضيف شرف باستثناء فيلمى أغنية على الممر وأبناء الصمت وفيلم الطريق إلى إيلات الذى يرصد واقعة حربية محددة وهو إنتاج تليفزيونى، فهل هذا منطقى ألا يتم تأريخ أهم حدث مصرى فى عشرات الأعمال السينمائيه التى يمكنها أن تختار من مئات القصص والتفاصيل التى نسجها الأبطال الحقيقيين للحرب.
دعا الرئيس مبارك عدة مرات لتقديم أعمال فنية عن حرب أكتوبر وبعد كل دعوة يطلقها ينتفض المسئولون فى وزارتى الإعلام والثقافة للإعلان عن بدء تنفيذ توجيهات الرئيس، وتمر الأيام ولا يحدث شيئا، فلا هم ينفذون تعليمات الرئيس ولا هم يعنيهم أصلا أن يساهموا فى حفظ أهم لحظات تاريخ الوطن وتقديمه للأجيال الجديدة بصورة لائقة.
فى رمضان الماضى فقط أنفقت وزارة الإعلام مائتى مليون جنيه على الاشتراك فى إنتاج مسلسلات تليفزيونية أغلبها ضعيف فنيا ولا يستحق العرض أو الإنتاج أصلا، وحققت خسائر مادية فادحة، لن يضير التليفزيون شيئا إذا أقدم على الأقل على إنتاج عمل سينمائى واحد سنويا عن أكتوبر حتى لو كان سيخسر ماليا، ولكنه بالتأكيد سيربح الكثير وربما تغفر له أعمال أكتوبر خطايا مسلسلات رمضان.