امتلأت جمعية التنوير التى أسسها فرج فودة عن آخرها بجمهور غفير أغلبه من الشباب، احتفلوا بالذكرى السادسة عشرة لرحيله واضطر بعضهم للوقوف خارج القاعة للاستماع إلى الحديث عن المساهمات الفكرية لفودة، وتقييم موقف الحكومة من الدولة المدنية، وما قام به المثقفون لتثبيت أركانها والدعوة لها. المدون الشاب شريف سامى اختصر الأمر بقوله إن مصر ليس بها مثقفون بل أنصاف مثقفين، وليس بها علمانيون، بل أشباه علمانيين؛ لأنهم ببساطة لم يدافعوا عن قضيتهم باستماتة مثلما فعل فرج فودة. وقال الدكتور سيد القمنى إن المواطن المسيحى لا يزال يخشى الإفصاح عن اسمه خشية الامتهان والانتقاص منه، رغم أنه من أبناء الوطن، ليس عميلاً ولم يتم تصنيعه فى تايوان. وتساءل القمنى عن مصير الجمعية المسماة "جبهة علماء الأزهر" والتى أصدرت بياناً فى التسعينيات يدعو لإهدار دم فرج فودة. وأضاف "من أفتى لا يزال يفتى ويجلس على كرسيه حتى اليوم دون أن يرفع محامٍ واحد قضية ضده باعتبار أن الجمعية حرضت على قتله". وقال الكاتب نبيل زكى، ممثل حزب التجمع فى الاحتفالية، إن "فرج" تنبأ بأن إيران ستسوق بضاعتها الفكرية للعالم العربى، وستقوم بتفعيل وجودها وتقسم صفوف العرب فى لبنان من خلال حزب الله وفى فلسطين من خلال حماس، وهو ما حدث بالفعل. وانتقد استخدام الدين فى السياسة متسائلاً: من الذى يملك أن يستقل بالإسلام ويحوله إلى قطاع خاص تحتكره جماعته دون غيرها؟ وذكر نبيل زكى عدداً من المبادئ التى حاول فرج فودة أن يرسيها، مثل تحكيم العقل والتحاور بدلاً من "الفبركة" الدينية التى كانت ومازالت سائدة، وهو ما دعا " فودة " لرفع شعار "الحوار هو الحل" ، فى مواجهة ما كان يردده الإسلاميون ويمارسونه فى المساجد والشوارع من ردة فكرية غير مسبوقة. وقال حسين منصور، ممثل حزب الوفد فى الاحتفالية، إننا بحاجة لاسترجاع آراء فرج فودة فى ظل هجمة الآراء النفطية الوافدة من الخليج، والتى جعلت من مصر كياناً متطرفاً كبيراً. وعرض سامى حرك تجربة عدد من الشباب الذين عبروا عن آرائهم المستمدة من فكر فرج فودة على الإنترنت من خلال مجموعات "الفيس بوك" قائلاً إنهم نجحوا فى استخلاص "الكلام الكبير" الذى نردده فى الصالونات والندوات وأذابوه بلغة جميلة سهلة استجاب لها مئات الآلاف من الشباب على الفيس بوك. وقال مينا رزق الله، مؤسس مجموعة "الحرب على الوهابية" أنه قام بتنفيذ هذه المجموعة بعدما دخل على أحد المنتديات السلفية، مشاركاً فى محاورة حول أهرامات الجيزة، وكيف اقترح البعض هدم "أبو الهول" والأهرامات لتوسعة المنطقة، واقترحت فتاة تحت اسم مستعار "الوردة الجريجة" استثمار مساحة الأهرامات فى بناء الحدائق العامة.. مما جعله يؤسس لمجموعته ليقاوم المد الطائفى الذى نعيش فيه. وقالت المدونة الطبيبة منال فهمى: حين اغتيل فرج فودة لم نكن نعرفه جيداً، ولكننى اكتشفت بعد ذلك أنه كان وحيداً وقت ازدهار الجماعات الإسلامية وفرض سطوتها على المجتمع المصرى كله.