هل المواطن المصرى عندما يتقدم به العمر يصل به الحال إلى هذا الحد من المهانة والإذلال؟! أليس من حق هذا المواطن عندما يصل إلى هذه المرحلة من العمر أن يحصل على حياة كريمة مثله كباقى شعوب العالم؟! ففى أحد مكاتب البريد بالإسكندرية قبل أيام وقف كبار السن من أصحاب المعاشات من الساعة السابعة صباحًا فى تزاحم شديد حتى يحصلوا على معاشهم الشهرى الذين هم فى أمس الحاجة إليه كل حسب حاجته، ومن المعروف أن الغالبية العظمى من هذه الشريحة تنفق مبلغ المعاش على الأدوية والعلاجات المختلفة. أيضًا عدد لا بأس به من الأرامل المكبلات بمسئولية أبنائهن الذين بدورهم فى حاجه إلى تعليم، وزواج وغير ذلك من تبعات الحياة الصعبة التى تعانيها هذه الفئة. أخد الطابور فى التزايد00وعملية الصرف تسير ببطء شديد وفى الوقت نفسه إنه يوم خميس بما يعنى أن اليوم الذى يليه هو يوم جمعة أى عطلة رسمية.. وكل يضع يده على قلبه، وقد حدث بالفعل ما لا يحمد عقباه!.. الساعة بلغت الرابعة وتجاوزتها ببضع دقائق ففوجئ الجميع بالموظفة المسئولة عن عملية الصرف تغلق الدفتر الذى أمامها معلنة (أن الفلوس خلصت(. واستشاط أحد كبار السن غضبًا وألمًا من كثرة الوقوف وسط الزحام وفى الحر الشديد علاوة على ألم العوز والحاجة، وقد انتظر طويلاً أن يأتى دوره فى صرف المعاش _ وضرب بيده على الزجاج الذى يفصل بينه وبين الموظفة المسئولة صائحًا: لازم تصرفوا لنا معاشنا النهاردة يعنى إيه الفلوس خلصت وأنا واقف من صباحية ربنا على رجلى مستنى دورى!؟ وقابل ذلك مدير مكتب البريد مرددًا: "أعملكم إيه الفلوس خلصت، والإزاز اللى بتخبط عليه ده لو اتكسر هادفعك ثمنه، روح اعمل محضر" صمت الرجل أو ربما تراجع عما كان يفعله رافعًا يده إلى السماء راجيًا الله عز وجل أن يرحمه طالما أن العباد لا ترحم شيبته. وهنا أتساءل أين وعود وزارة التضامن الاجتماعى فى توفير سبل الراحة لأصحاب المعاشات؟ ولماذا لا تصل المعاشات إلى أصحابها فى منازلهم ولو استقطع مبلغ صغير كرسوم مقابل ذلك، أو على الأقل يُنتدب موظف لفترة أخرى مسائية لمواصلة صرف معاش المسنين غير القادرين؟ ويتم معاملتهم بطريقة تليق بهذه المرحلة العمرية والنفسية، أى لابد وأن تتخذ تدابير لمدة ثلاثة أو أربعة أيام وهى فترة صرف المعاشات كمعالجة لحالة إذا جاز التعبير "طوارئ شهرية". لابد من نظرة عطف ورحمة لهؤلاء الضعفاء الذين ترتسم ملامح الغلب على وجوههم، وتنطبع فى ملامحهم المجهدة.