هكذا يعتقد المسئولون لدينا، فهم يرون أن الشعب المصرى لم ينل حقه من الحريه طوال تاريخه، فقد ظل هذا الشعب لسنوات طويلة محاصرا ومقيدا بسلسلة من الحكام والولاة لا يهتمون بأمره، إلى أن جاء ( محمد على بك ) وأراد أن يجعل مصر دولة حديثة ومتطورة، ولكن فى العلوم فقط. فهو أول من زرع الملكية وتوريث الحكم لأبنائه وعائلته ، ولم يترك لعامة المصريين الاختيار، مع أنه لو ترك لهم الاختيار لاختاروه بمحض إرادتهم ، لما شاهدوه فى عصره من تطور وتقدم فى كافة المجالات. وتوالت عائلة ( محمد على ) على الحكم إلى أن جاء الملك فاروق الشاب اليافع ، الذى نظر له المصريين على أنه طوق النجاه من الاحتلال الإنجليزى وفساد الطبقات الموالية له، ولكن دائماً تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن ، فقد انتشر الفساد فى عهده. تأتى ثورة يوليو بمجموعة من شباب الجيش المصرى المتحمسين لمصر، والذين يحلمون بتغيير هذا الوضع السىء التى أصبحت عليه مصر فى هذه الحقبه من الزمان، ومع كل عظمة الرئيس عبد الناصر ، إلا أن له سقطات فى الديمقراطية كتحديد إقامة المشير عبد الحكيم عامر حتى انتحاره ، وكذلك تحديد إقامة محمد نجيب أول رئيس لمصر بعد الثورة، والعديد من معارضيه الذين امتلأت بهم المعتقلات. وبعد رحيل الرئيس جمال عبد الناصر وظهور الرئيس السادات على الساحة، أول ما واجهه هو بقايا رجال ناصر المعروفين فى هذا الوقت ( بمراكز القوة ) فتخلص منهم، أولاً بقبول استقالتهم الجماعية، ثم وضعهم فى المعتقلات. ونأتى للحديث عن عصرنا هذا الذى نعيشه ، فقد منحنا النظام الحاكم حرية فى التعبير أكثر بكثير من أى نظام سابق قبله، كل هذا لم يكن بغرض إعطاء الحرية للمواطنين والإعلاميين وغيرهم، ،ولكن تم تحت وطأة الضغط الخارجى على مصر التى تتزعمه الولاياتالمتحدة، فهذه الحرية لا تؤدى إلى شىء سوى التنفيس عن النفس، وفك الغضب من خلال بعض الكلمات فهم مؤمنون بأن المصريين لم يتعلموا الديمقراطية منذ نعومة أظافرهم ، فليس من حقهم أن يمارسوها الآن وينتظرون حتى يأتى جيل آخر يتعلمها ويتربى عليها ، ليأتى من بينهم حاكم جديد يعى جيداً قيمة الديمقراطية ويمنح حرية التعبير السلمية التى تؤدى إلى الصالح العام، ولكن هل سيأتى هذا اليوم ؟!