أكد أستاذ العلوم العربية والإسلامية بجامعة كولومبيا الدكتور جورج صليبة، أن المخطوطات العلمية والشواهد التاريخية تثبت بطريقة علمية مسندة أن العلماء العرب والمسلمين لم يبنوا نظرياتهم فى علم الفلك على النظريات اليونانية، ولكنهم جددوا معايير الفلك، وقدموا حسابات أكثر دقة من الحسابات اليونانية وأن تلك الحسابات هى التى تستخدم حتى يومنا هذا ،مشيرا إلى أن العلماء العرب والمسلمين حددوا نواقص النظريات اليونانية وقدموا نقد للنظريات القديمة وصححوا الخاطئ منها . وأكد المؤرخ العالمى خلال محاضرة "الفلك العربى الإسلامى من المنظور الأوروبى وتعدد الثقافات "فى إطار سلسلة محاضرات المؤتمر العشرين للجمعية الدولية للقباب السماوية- الذى تنظمه حاليا مكتبة الإسكندرية- أن النهضة الأوروبية لم تأت من فراغ، وأن العالم يدين للعلماء العرب والمسلمين بالفضل فى التوصل إلى النهضة العلمية، لافتا إلى أن الإسهامات العربية والإسلامية فى علوم الفلك قدمت لعلماء العالم منهج علمى سليم وحسابات دقيقة وضعها علماء مثل ابن الشاطر والطوسي، وهى الحسابات والنظريات التى ساهمت فى النهضة الأوروبية، ومثلت استمرارية للفكر العلمى العربى الإسلامى الذى ربط بين المشاهدة والملاحظة والقياس. وأوضح صليبة أن مصطلح العلم العربى الإسلامى لا يعنى أن الإسهامات العلمية اقتصرت على العلماء العرب والمسلمين فقط، ولكنها ضمت مشاركات من علماء تجمعوا فى إمبراطورية عظيمة ضمت العرب وغير العرب والمسلمين وغير المسلمين وأوجدت ثقافة كوزموبوليتانية من الصعب تحديدها. وأشار إلى أن مصطلح العلم العربى والإسلامى يأتى من فكرة أن معظم الإسهامات العلمية جاءت انطلاقا من انتشار الثقافة الإسلامية والحاجة التى أوجدتها تلك الثقافة لتطوير نظريات علمية تتوافق مع متطلباتها، كما أن معظم النظريات العلمية كتبت باللغة العربية. وأكد صليبة أنه لا يمكن أن نقول أن العلم محدد وخال من الثقافات، فعند انتقال العلم بين الحدود فإنه يتأثر بالثقافة التى يدخل عليها أو يقوم بتحويل الثقافة نفسها فمن الممكن أن تقوم الثقافة بتطويع العلم لخدمة احتياجاتها، والعكس صحيح ، مشيرا إلى أن الدليل على ذلك هو مدى اهتمام الدين الإسلامى بالعلم، وكيف أن متطلبات الدين الإسلامى قد أدت بالعلماء إلى استكشاف نظريات علمية جديدة ساهمت بشكل كبير فى إرساء قواعد علم الفلك.