البداية من جديد إنها أسوأ البدايات. فقد تجد أن بداية فعل شىء لم تفعله من قبل أمر عادى فلو لم تستمر به فلن تخسر شيئاً وكأنه لم يحدث. أما أن تبدأ شيئاً ويدوم لفترة وقد أكسبتك السقطات والأخطاء شيئاً من الخبرة فيما اعتدت أن تفعله ثم يأتى أحد الحمقى وبكل بساطة يقرر أن يهدم كل ما لديك وكل ما حققته سواء كان فشلاً أو نجاحاً يمحو وجودك بكل بساطة. ويبادر إلى ذهنك على الفور السؤال المٌعتاد "ياترى أنا بيحصلى كدا ليه" والإجابة المعتادة هى أن الذى كان سبباً فى أن يمحو إنجازك وأحلامك كان يملك السلطة فأنت تعيش فى مٌلكِه الأوحد أنت موجود فى وجوده. هذا الكيان الذى يحيط بك هو من صنعه وإن لم يكن هو من صنعه فهناك أولاً من يقنعه ويقنعك بأنه هو الصانع وثانياً وبغض النظر عن أحقية أيكم فى المملكة فإنه فى كل الأحوال حاكمها وصاحب سلطتها والمسيطر على أمورها. وبعد تلك الرحلة القصيرة فى توضيح معنى البداية من جديد وبعض التلميحات التى قد تٌفهم لدى البعض (بالخطأ لا سمح الله) أن لها صلة بما يحدث فى الوطن. إليكم الحقيقة المرة. عندما توجهت إلى منطقتى المفضلة فى هذا الوطن الافتراضى وهى ال Notes. ولا أعلم فى الحقيقة بماذا يمكن أن أترجمها للعربية. ولكن ليست هذه قضيتنا الآن. تذكرت أننى كان لى بالماضى بعض المحاولات فى كتابة ما يجول بخاطرى. محاولات شعرية أو أدبية أو هزلية أو محاولات خنفشارية ليس لها أى صلة بأى شىء. لا أذكرها جميعاً ولا أذكر إلى أى مدىً قد ارتفع مستوى الأداء التعبيرى لدى ولكن ما أذكره أنها كانت تشكل جزءاً من تاريخ حياتى داخل هذا الوطن الافتراضى. كانت تحمل معانى صادقة قد لا تهم أحداً سواى ولا يكترث بها الناس وقد كان من الممكن أن يقول البعض (ماتفوكك يا عم) أو (إيه الهبل دا) لم يكن يعلم البعض أن هذا الهبل هو سلوك بشرى طبيعى ولكن لا يختص به إلا البسطاء هؤلاء الذين حياتهم أقل تعقيداً. فهؤلاء هم الأقدر والأجدر والأحق بأن يعبروا عن أنفسهم بكل بساطة بدون أى داعِ للتصنع أو التجميل. ومن الجائز أن نرى فى بعض تعبيراتهم شيئا من الهبل. ولكن على أى حال وفى يوم وليلة كان القرار من صاحب السلطة بإقصائى خارج حدود وطنى الافتراضى الذى كنت اعتدت على أهله وألفت العيش فيه ووجدت لنفسى مكاناً نائياً على أراضيه لأستمتع بحق من الحقوق التى مٌنحت إياها من خلال دستور هذا الوطن. ذلك كان قراراً بمحو ذاكرة الوطن الافتراضى من أى أثرِ يحمل اسمى أى كلمة قلتها مهما كانت تافهة أى قول أو فعل. وماذا أستطيع أن أفعل وأنا لا أملك الملك ولا السلطة ولا أملك الضر إلا لنفسى. فكان ولابد من بداية جديدة تتثاقل معها الأنفاس قبل خطوات الأقدام وإبداع العقل. استمر التثاقل كثيراً لكنه لم يدٌم وكان لابد وأن يأتى يوماً لبداية جديدة. فإن لم يكن فى وطنى ما أفضله وما أشتاق إليه لما كانت البداية الجديدة أمر حتمى. فما أكثر الأوطان فى هذه الأيام. ولكن وطنى وطنى. لا أرى فى وطن آخر صفاته وملامحه ولا تحمل رائحة كرائحة أرضه ولا تحمل أصدقاء ولا أهل ولا أناس كأناسه. وإن تعددت الصعوبات والمٌغريات ولكل هذه الأسباب كانت بدايتى الجديدة حتمية. مهما استطاع الحمقى أن يمحوا آثارى لن يستطيعوا أن يٌسكتوا لسانى. فطالما هناك ما يدعونى للعودة إلى الوطن ستكون هناك دائما بداية جديدة. وعما قريب سيأتى يوماً تعود الحقوق إلى أصحابها ويُرد الملك إلى مالكه. ولعلٌى فى يوم من الأيام أصبح رئيساً لوطنى الافتراضى الفيس بوك.