(الحب) هو أجمل شىء فى الوجود على الإطلاق، فبالحب نعيش فى عالمين أحدهما واقعى، والآخر افتراضى خيالى، وهو نفسه الذى يجعلك تُحلّق عاليًا ويجعلك أيضًا شارد التفكير، تسبح بُمخيلتك فى بحور من تحب، وتتمنى رؤيته أمامك، ولو كنت معه قبل قليل، وينتابنا سؤال، لماذا نشتاق لمن نحبه بمجرد اختفائه من أمامنا لبضع دقائق؟ ولماذا تنزعج لعدم سماع صوت حبيبك إذا مر عليك يوم واحد؟ بلْ يتكدر خاطرك فى اليوم التالى، حتى توشك على الانهيار الكلى، وتخور قواك بمجرد وصول أنباء غير سعيدة عن ذلك الحبيب. أقولها لك ولى: إن الحب يمزج مشاعرك ومشاعرها سويًا، ويخلطهما خلطًا، حتى يجعله شعورًا واحدًا، فعندما أهاتف حبيبتى تقول لى: "أنا برن عليك دلوقت"، فقلت ذلك صدفة، فاستعنت بأحد المحبين سائلاً، هل تجد ما أجد؟ قال: نعم وأكثر من ذلك، قلت كيف؟ قال أتصل بها فأجد هاتفها مشغول، وقبل أن يصل هاتفى إلى جيبى، أجدها تتصل بى، وتقسم بأنها تتصل بى فى ذات الوقت، لمْ أقتنع بذلك وقلت هذه صدفة أيضًا، وكما يقول المثل الشعبى (التالتة تابته) سألت أحد المحبين القُدامى ممن له تاريخ عريق، وقصص حافلة، فى هذا المجال، فقال عجبًا عجاب، قال: أحلم بها الساعة الثالثة ليلاً فأجدها تكلمنى، وتقول: بحلم بيك وأنت قلتلى كلمينى، فاعتلتنى الدهشة، وقلت ذلك ضربًا من ضروب البدع والهذيان، ورغم أننا لسنا قريبين بعهد ألف ليلة وليلة، إلا أنها تخيم على العاشقين. من هنا يأتى (دفء المشاعر) الذى نحاول أنْ نمسك بأطرافه وخيوطه عبر حكايات الآخرين، لا يمكن لى وصف ذلك الشعور، طالما أنك لم تحب، ولابد أن تحب قبل أن تفارق هذه الحياة الكئيبة، خاصة مع عزوف الناس عن الانتخابات البرلمانية، وغرق عشرات السكندريين غرقًا وصعقًا بالكهرباء. الحب (جنة) من نوع آخر، و(دفء المشاعر) أسمى درجات هذه الجنة، لأنك تشعر به دون أن تستطيع وصفه، وإذا سألك أحد عن توضيحه ستنظر إلى الفراغ، وتسكسك مرتين أو ثلاث، وفى بعض الروايات أربع سكسكات وتنهيده طويلة، مما يجعل السائل ينظر اليك بعين الشفقة؛ قائلاً: هون عليك لا داعى لوصف ذلك. ما كان لى أن أكتب مثل هذه الكلمات، دون المرور بتلك المشاعر الجياشة، وتاريخنا القديم والحديث ملىء بالحكايات والنوادر، فنسمع عن "عنتر" يغامر بحياته من أجل عيون "عبلة"، مُلقيًا بنفسه فى مراعى "الملك النعمان"، يحاول أن يأخذ ألف ناقة، مهرها المشروط لزواجها منه، ويحارب جيشًا كبيرًا، لا يهاب الموت، ويسترخصه فى سبيل من أحب، أمَّا قيس وليلى، وتامر وشوقية، وعمر وسلمى، فحكاياتهم معروفة. ورغم أنَّ الحياة صعبة، وقد ينظر إلينا البعض على أننا نعيش فى أحلام وردية، إلا أنها محاولة تنجينا من واقعنا الأليم.