كل من يذكر أمامى اسم مجلس الشعب أتخيل أن هذا المكان أعد خصيصا ليجلس فيه الشعب.. وأعنى بالشعب المواطن الفقير.. والغنى أيضا، أتخيل أن الشعب بكامله يجلس أمام رئيس المجلس ليملى كل منهم طلباته المعيشية الضرورية اللازمة للحياة.. فعقلى المحدود فى التفكير لم يكن ليصل لأكثر من أنه مكان يتاح لكل الشعب أن يعبر عن نفسه بحرية كاملة ويختار ما يناسبه وما لا يلائمه فهو صاحب المجلس وطبعا تلك الأفكار البائسة المتواضعة التى تنم عن الغباء العقلى لصاحبها كانت تلاحقنى دوما إلى أن جاء اليوم المشهود.. الذى رأيت فيه بعينى رأسى ما هو مجلس الشعب.. وما هى طبيعة كراسى المجلس التى تخيلت أنها متواضعة لتتفق مع أفكارى المتواضعة والمشكلة التى تمكن وتختبئ تحت تلك الكراسى بوصفها يمكن أن تدارى ملايين النبيهات هى قوت الشعب وأن من يستطيع الجلوس على هذا الكرسى كمن يحصل على مصباح علاء الدين وكل ما عليه أن يتمنى أن يصفق.. فيتحرك المارد ويظهر ليطلب منه ويملى عليه ويستجيب المارد طالما أن صاحبه يجلس على هذا الكرسى.. فهناك علاقة وتيدة بين قصص ألف ليلة وليلة ومجلس الشعب وخاصة قصة علاء الدين والشاطر حسن.. وسندريلا.. وست الحسن والجمال فكل منهم أتفق مع المجلس فى علاقة خاصة تربطه ولك أن تتخيل تلك العلاقة التى دامت آلاف السنين، ولكن يبدو أنها ظاهرة وراثية فعلاء الدين كان يصفق للمصباح ليظهر له المارد يلبى كل ما فى خياله من أشياء تبدو مستحيلة.. وأعضاء المجلس يصفقون على قراراته فتفتح لهم أبواب كل شئ ماداموا مصفقين ومؤدبين وتلبى لهم الحكومة(أعنى الوزراء) كل ما فى خيالهم.. والشاطر حسن كان يمتطى جواده ويسير فى خيلاء يتباهى بما هو فيه كذلك أعضاء المجلس يركبون سياراتهم الفارهة ويسيرون فى خيلاء يتباهون بما أضافوه من معاناة الأفراد والشعب ضاربين عرض الحائط بكل القوانين والأعراف.. فهل هذا المكان يصلح لأن يكون مجلسا للشعب أم هو مجلس مصالح فردية فالشعب لم يعد له مجلس وتحول من رعية إلى رعاع أما أعضاء المجلس فقد تحولوا إلى شئ خيالى.. إلى مبعوثى العناية الإلهية الذين طال انتظار الشعب لهم لينقذوهم ويخلصوهم فهل سيخلصوا شعبهم أم سيخلصوا منه؟