اختار عمدة لندن الجديد "بوريس جونسون" التأكيد بأنه أكثر راديكالية من سلفه "كين ليفينجستون", المحسوب على اليسار البريطانى, بينما هو يُصنف ضمن اليمين. وعندما فاز بمنصب "العمودية" أكد أنه سيعمل لكل سكان "لندن" دون تفريق أو تمييز. وتفرض قيادة العاصمة الالتزام بمصالح الجميع لتحقيق المنفعة لمواطنيها, حيث تُعد المركز المالى الأول فى أوروبا، وتستقطب الاهتمام من كافة أرجاء العالم. وكانت بعض الادعاءات حاصرت "بوريس" خلال حملته الانتخابية, بأنه سيهمل "الأقليات" ولن يتعاطف معهم. وقد قام أحد التجمعات الإسلامية بالدعاية للعمدة السابق بسبب دفاعه عن المسلمين واستقباله الشيخ يوسف القرضاوى فى مبنى بلدية العاصمة. ونزل "بوريس" إلى ساحة الطرف الآخر لمشاركة عدة طوائف أعيادها الدينية، للتأكيد بأنه غير عنصرى, وهو ما يتوافق مع منصب العمودية الذى يحتم عليه إسقاط الولاءات الفكرية إن كانت موجودة والانحياز لكل اللندنيين. وعلى الرغم من انتمائه لحزب المحافظين المعارض, فإن خطاب العمدة الجديد يؤكد على مصالح لندن وأمن مواطنيها أولاً, ولا يذكر اسم زعيم الحزب الذى ينتمى إليه "ديفيد كاميرون", الذى وقف خلفه, لأن "بوريس" إذا نجح فى مهمته بالعمل والاجتهاد وليس بالتصريحات, فإنه سيدعم مصداقية المحافظين والتأكيد على وجود برنامجهم القادر على حل المشكلات بطرق واقعية. وبوريس جونسون، صحفى وكاتب وتولى رئاسة تحرير مجلة مهمة, ووصل إلى "العمودية" نتيجة قدرته على الإقناع, وفاز بالمنصب عبر انتخابات حرة مباشرة, وتمكن من إقناع الناخبين بأنه الأفضل، ويعبر عن موجة تجديدية تريد تغيير شكل القيادة والأداء وضخ حماس الشباب فى شرايين المجتمع. ويبلغ العمدة الجديد (42 سنة)، وهو من عُمر زعيم حزب المحافظين ديفيد كاميرون، ويتطلع بدوره إلى زعامة بريطانيا كلها وتولى رئاسة الوزراء, وأغلب شخصيات الحكم والمعارضة فى البلاد ينتمون إلى هذه المرحلة العمرية, ويطرحون الأفكار الجريئة لتحريك المجتمع وقبول السياسات التغيرية التى تسعى لإعادة صوغ لندن وبريطانيا كلها لقبول تحديات العصر والتفاعل معه. ويذهب بوريس إلى عمله ومكتبه فى بلدية لندن بدراجة, كموقف لحماية البيئة, ويفعل الأمر نفسه زعيم المحافظين ديفيد كاميرون. وأصبح منظر العمدة الجديد بشعره "المنكوش" ودراجته موضة داخل شوارع لندن, فهذه موجة جديدة تعتمد على البساطة ومحبة البيئة ورفض التلوث والعمل فى أطر مغايرة لنهج قديم, لتجديد عاصمة عتيقة, لكنها تزدهر دائماً بأفكار وتطلعات ومناظر تضخ فى شرايين الحياة الشابة. وتحت يد بوريس جونسون أكثر من 12 مليار جنيه استرلينى, موازنة لندن, ينفقها على التجديد الكامل ورعاية التعليم والابتكار وتوفير الأمن والصحة ومحاربة التلوث وجعل العاصمة آمنة ومزدهرة وتفتح ذراعيها للجميع. وقد حطم بوريس "الشك" حول أفكاره, وأثبت أنه ليس مهماً ما تعتقد؟ وإنما ما تفعل. وهو يتحرك الآن لجذب المسلمين إليه وإزالة بعض الحساسيات التى طرحت نفسها خلال الحملة الانتخابية. وأشار إلى أن العاصمة تحيا بهذا التنوع والاختلاف الذى يصب فى تيار النمو ويجعل كل زهور الحياة تتفتح بألوان الإبداع الجميل. وكانت أفكار "بوريس" السابق تصدم البعض, نتيجة جرأتها, لكن سكان لندن اختاروه محبة فى التغيير والتجديد, لأن الشعوب لا تعطى لحكامها تصريحاً بالبقاء على رأس السلطة لسنوات طويلة. وسكان العاصمة أحبوا عمدتها السابق كين ليفينجستون, لكن قانون التغيير المدهش جعلهم يتخلون عنه لإفساح الطريق أمام شاب متحمس, حتى يستفيدوا من جرأته وابتكاراته السياسية وطريقة حياته البسيطة، وتنقلاته فى شوارع العاصمة بدراجته وتعامله مع الناس, ليس باعتباره "العمدة" وإنما كمواطن عادى بدون حراسة أو "بودى جارد". وسكان لندن يرحبون ببوريس جونسون ويتعاملون مع رياح جديدة للتغير استطاعت عبر التصويت الديمقراطى أن تدفع بالصحفى والكاتب والمشاغب إلى منصب عمدة لندن، وبالموازنة الكبيرة التى يتحكم وتصل إلى 12 مليار جنيه استرلينى.