نهاية مايو الجارى قد تحمل مفاجأة للمصريين، فمن المحتمل أن نشهد انتهاء عصر قانون الطوارئ الذى تعيش مصر فى ظله منذ ما يزيد عن 27 سنة. هذا القانون الذى بموجبه تمتلك السلطة التنفيذية سلطات واسعة تضع الكثير من القيود على حرية الأشخاص فى الاجتماع والانتقال والإقامة والقبض على المشتبه فيهم والخطرين على الأمن واعتقالهم وتفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية، وربما تكون المفاجأة أن تنتقل مصر لمرحلة أكثر صعوبة وهى قانون الإرهاب، أما المفاجأة السارة التى يتمناها السياسيون والحقوقيون هى أن "ترتاح مصر من الاثنين معاً وهذا احتمال مستبعد". د.سمير فياض النائب الأول لرئيس حزب التجمع قال إننا لسنا فى حاجة لمد قانون الطوارئ ولا قانون الإرهاب "اللى ألعن منه"، وقال إن حزب التجمع رافض لأى قوانين استثنائية، أما عن وسائل الاحتجاج التى ستعبر عن رد فعل التجمع لرفض ما سيحدث نهاية مايو الجارى فقال "حنعلن رفضنا وسنحتج وسنعقد ندوات لفضح النظام" وبسؤاله حول مدى جدوى هذه الوسائل الاحتجاجية التى لم تستطيع وقف العمل بقانون الطوارئ طوال ال 27 عاماً الماضية رد قائلاً " ما فيش فى أيدنا حاجة تانية أمال حنعمل إيه ؟ حنشيل سلاح ضد الحكومة". جمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، قال إن موقف منظمات المجتمع المدنى المهتمة بحقوق الإنسان وعلى رأسها الشبكة العربية، واضح منذ بدأت نشاطها فى المجتمع وهو أن مصر ليست فى حاجة لقانون الإرهاب أو الطوارئ. وأضاف أنه يطالب الحكومة بأن تجرب الحياة من غير قوانين استثنائية وقال إن المواطن المصرى "انكوا بنار الطوارئ". ورفض عيد أن يقع عبء مواجهة مد قانون الطوارئ على منظمات حقوق الإنسان والأحزاب فقط، وقال إنها عليها دور لكن لابد من دعم مجتمعى لمواجهة القوانين المقيدة للحريات وأوضح أنه يوجد الكثير من الوسائل السلمية القانونية لمواجهة مد حالة الطوارئ أو الإرهاب مثل فضح النظام الحاكم وقوانينه التى تنتهك الحريات و الإضراب و تقديم شكاوى للمنظمات الدولية حيث توجد عقود شراكة مع الاتحاد الأوروبى واتفاقيات حقوق إنسان وقعت عليها مصر كلها تتعارض مع قانون الطوارئ الذى أسفر عن التوسع فى حالات التعذيب ومنح سلطات واسعة للجهات الأمنية. الدكتور محمود عزت عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين أكبر المضارين من مد قانون الطوارئ على حد قوله - قال إن استمرار العمل بقانون الطوارئ أو إصدار قانون الإرهاب الجديد يعد شراً على المجتمع المصرى وأضاف أن الجماعة لم تضع خطة محددة حتى الآن لمواجهة ما سيسفر عنه نهاية مايو لكنه أكد أن هناك رأياً عاماً داخل مكتب الإرشاد على أن مواجهة ذلك لا يمكن أن يقوم بها الإخوان وحدهم لكن لابد من تكاتف الشعب لمواجهة ذلك لأن الجميع مضار منه لأن الجماعة لن تضرر منه كثيراً فهى تعمل منذ عام 1981 فى ظل قانون الطوارئ وستستمر فى مسيرة الإصلاح، وقال إن هناك الكثير من وسائل الاحتجاج وكافة الوسائل السلمية مطروحة بشرط ألا تؤدى إلى فوضى لكنه حتى الآن لم يتفق على وسيلة احتجاجية محددة. منير فخرى عبد النور سكرتير عام حزب الوفد قال إن الوفد أول من أعلن رفضه لمد العمل بقانون الطوارئ بعد أن ناقشت الهيئة العليا للحزب يوم الجمعة الماضى موضوع مد العمل بقانون الطوارئ نهاية مايو الجارى. ويرى عبد النور أن أحكام قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية كافية لمواجهة أى تهديد لأمن واستقرار الوطن سواء من الداخل أو الخارج. أحمد حسن الأمين العام للحزب الناصرى، قال إن استمرار العمل بقانون الطوارئ منذ عام 1981 وحتى الآن يعد فضيحة للنظام، وأكد على أن الحزب ضد العمل بقانون الطوارئ وأنه طوال هذه السنوات كان يطالب بوقف العمل به لعدم وجود مبرر لاستمراره حيث لا توجد حالة حرب أو خطر خارجى يهدد أمن مصر واستقرارها. أما عن الخطوة التى سيتخذها الحزب فى حالة مد حالة الطوارئ فقال "لسه مش عارفين" وأكد على أنه بعد أن يعرف الحزب مصير حالة الطوارئ سواء تم مدها أو تمرير قانون الإرهاب ستعقد قيادات الحزب اجتماعاً لبحث الإجراءات التى سيتخذها الناصرى للتصدى لخطوة الحكومة، ودعا حسن إلى تنسيق بين جميع الأحزاب ومنظمات المجتمع المدنى. مشيراً إلى أن قوانين مثل الطوارئ والإرهاب ستؤدى إلى "تطفيش المستثمرين الأجانب" لأنها ستجعلهم يشعرون أن مصر بلد غير أمن أو مستقر. وهذا ما يستبعده الخبير الاقتصادى بمركز الأهرام للدراسات السياسية و الاستراتيجية مجدى صبحى الذى رأى أن تأثير قانون الطوارئ طوال ال 27 عاماً الماضية لم يكن سلبياً ويستشهد بارتفاع معدلات الاستثمار الأجنبية فى 2007 ، وقال إن تأثير القوانين الاستثنائية سيكون سلبياً بالنسبة لجماعات المعارضة فقط، بل على العكس سيطمئن المستثمرين الأجانب إلى أن مصر يوجد بها قوانين تحمى من الإرهاب.