حملة لتوفير أجهزة كمبيوتر.. دعوات لتأهيل المدارس لتعليم التكنولوجيا | تفاصيل    تراجعت على العربات وبالمحال الصغيرة.. مساعٍ حكومية لخفض أسعار سندوتشات الفول والطعمية    وفقا لوزارة التخطيط.. «صيدلة كفر الشيخ» تحصد المركز الأول في التميز الإداري    الجيش الأوكراني: 96 اشتباكا قتاليا ضد القوات الروسية في يوم واحد    طائرات جيش الاحتلال تشن غارات جوية على بلدة الخيام في لبنان    3 ملايين دولار سددها الزمالك غرامات بقضايا.. عضو مجلس الإدارة يوضح|فيديو    كرة سلة - ال11 على التوالي.. الجندي يخطف ل الأهلي التأهل لنهائي الكأس أمام الجزيرة    المقاولون العرب يضمن بقاءه في الدوري الممتاز لكرة القدم النسائية بعد فوزه على سموحة بثلاثية    تصريح مثير للجدل من نجم آرسنال عن ليفربول    السجن 15 سنة لسائق ضبط بحوزته 120 طربة حشيش في الإسكندرية    إصابة أب ونجله سقطا داخل بالوعة صرف صحي بالعياط    خناقة شوارع بين طلاب وبلطجية داخل مدرسة بالهرم في الجيزة |شاهد    برومو حلقة ياسمين عبدالعزيز مع "صاحبة السعادة" تريند رقم واحد على يوتيوب    رئيس وزراء بيلاروسيا يزور متحف الحضارة وأهرامات الجيزة    بفستان سواريه.. زوجة ماجد المصري تستعرض جمالها بإطلالة أنيقة عبر إنستجرام|شاهد    ما حكم الكسب من بيع التدخين؟.. أزهري يجيب    الصحة: فائدة اللقاح ضد كورونا أعلى بكثير من مخاطره |فيديو    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    بديل اليمون في الصيف.. طريقة عمل عصير برتقال بالنعناع    سبب غياب طارق مصطفى عن مران البنك الأهلي قبل مواجهة الزمالك    شيحة: مصر قادرة على دفع الأطراف في غزة واسرائيل للوصول إلى هدنة    صحة الشيوخ توصي بتلبية احتياجات المستشفيات الجامعية من المستهلكات والمستلزمات الطبية    رئيس جهاز الشروق يقود حملة مكبرة ويحرر 12 محضر إشغالات    أمين عام الجامعة العربية ينوه بالتكامل الاقتصادي والتاريخي بين المنطقة العربية ودول آسيا الوسطى وأذربيجان    سفيرة مصر بكمبوديا تقدم أوراق اعتمادها للملك نوردوم سيهانوم    مسقط تستضيف الدورة 15 من مهرجان المسرح العربي    فيلم المتنافسون يزيح حرب أهلية من صدارة إيرادات السينما العالمية    إسرائيل تهدد ب«احتلال مناطق واسعة» في جنوب لبنان    «تحيا مصر» يوضح تفاصيل إطلاق القافلة الخامسة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة    وزير الرياضة يتابع مستجدات سير الأعمال الجارية لإنشاء استاد بورسعيد الجديد    الاتحاد الأوروبي يحيي الذكرى ال20 للتوسع شرقا مع استمرار حرب أوكرانيا    مقتل 6 أشخاص في هجوم على مسجد غربي أفغانستان    بالفيديو.. خالد الجندي: القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه ولا أنواره الساطعات على القلب    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    جامعة طنطا تُناقش أعداد الطلاب المقبولين بالكليات النظرية    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    مصرع طفل وإصابة آخر سقطا من أعلى شجرة التوت بالسنطة    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: القطاع الخاص لعب دورا فعالا في أزمة كورونا    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    مجهولون يلقون حقيبة فئران داخل اعتصام دعم غزة بجامعة كاليفورنيا (فيديو)    حملات مكثفة بأحياء الإسكندرية لضبط السلع الفاسدة وإزالة الإشغالات    «الداخلية»: تحرير 495 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1433 رخصة خلال 24 ساعة    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    عبدالجليل: سامسون لا يصلح للزمالك.. ووسام أبوعلي أثبت جدارته مع الأهلي    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النموذج الأذربيحانى للتحول السياسى والاقتصادى

فى الثامن عشر من أكتوبر لعام 1991، عُقدت الجلسة التاريخية للمجلس الأعلى لجمهورية أذربيجان، تلك الجلسة التى عكست تطلعات الشعب الآذرى نحو الحرية التى طال انتظارها، والذى دل عليها الاعتماد بالإجماع للقانون الدستورى "حول استقلال جمهورية أذربيجان". إن الاختيار الواعى لشعب أذربيجان بالتحرر عن الاتحاد السوفيتى، قد مهد الطريق نحو استعادة استقلال جمهورية أذربيجان، باعتبارها الخليف الشرعى لجمهورية أذربيجان الديمقراطية، التى كانت- رغم قصر فترة وجودها الذى استمر خلال الأعوام من 1918 حتى 1920- أول جمهورية ديمقراطية فى الشرق الأوسط بأسره.
ومضت الجمهورية نحو الاستقلال عبر الدرب الشائك، وتصاعد خطورة القضايا الداخلية والخارجية، والضغوط القمعية للقادة السوفيت، وتفاقم المصاعب الاقتصادية المصاحبة للتضخم، والانهيار الكامل للاقتصاد، وكان أبرز تلك القضايا الادعاءات الإقليمية الأرمينية ضد أذربيجان، والتى تصاعدت حتى وصلت إلى حرب شاملة النطاق والعدوان ضدها، ولم تستطع هذه الحرب من قِبل الدولة الأرمينية أن توقف تعطش شعب أذربيجان وتصميمه لنيل استقلاله وحريته وتقرير مصيره.
وفى إطار من الأوهام القائمة تحت ضغط المشاكل المتأصلة فى الأيام الأولى لاستقلال أذربيجان، وبدرجة بدت معقولة للغاية، تبنى البعض وجهة النظر التى تشكك فى قدرة أذربيجان على تجاوز المشاكل الجيوبولوتيكية الإقليمية المعقدة بنجاح، وترسيخ الاستقرار الداخلى، وحل قضية الانكماش المالى والاقتصادى، وتجاوز عواقب العدوان الأرمينى. ولكن أذربيجان استطاعت أن تثبت خطأ المشككين فى قدراتها، وأيضًا تجاوزها لتحديات الأمن القومى الكبرى، والنجاح فى الحفاظ على الاستقلال الذى جرى نيله بصعوبة، وذلك من خلال ضمانات الاستقرار السياسى والتطور الديمقراطى وتحقيق الرفاهية والازدهار الاجتماعى، على الرغم من الفترة الزمنية القصيرة للغاية لتلك المرحلة.
وانطلاقًا من الإرداة والرغبة الشعبية، وباعتبارها مهمة ذات أولوية، فإن أذربيجان قد مضت فى مسار من التطور الديمقراطى لا رجعة فيه، وذلك من خلال التأكيد الصريح على قواعد القانون، وإتاحة حرية التعبير وغيره من الحقوق الأساسية الأخرى، وزيادة قدرات المؤسسات الديمقراطية، والمساحة الفاعلة للمجتمع المدنى منذ منتصف التسعينيات.
ومن خلال التكامل فى المحيط الأوروبى الشرعى، فقد صارت أذربيجان عضوًا كامل العضوية فى منظمة الأمن والتعاون الأوروبية، وبالتالى عضوًا فى المجلس الأوروبى، وتظل متمسكة بالتزاماتها نحو القيم والأسس التى تتبناها تلك الهيئات.
ومن الجدير بالذكر أن ترشيح عضوية المجلس الأوروبى لا يتم قبوله بصورة آلية، بل يقوم ويرتكز إلى الأداء القائم على أساس معايير احترام حقوق الإنسان، والتزام الدولة الديمقراطية الراسخ بتلك المعايير بالنسبة للدولة المرشحة لنيل العضوية. وهكذا، فإن أذربيجان لم تضمن لها موقعًا ضمن أسرة المجلس الأوروربى إلا بفضل الأداء والإنجازات الكبيرة التى حققتها الدولة فى مجال عملية الدمقرطة وحماية حقوق الإنسان.
وبالتوازى مع الإصلاحات الديمقراطية، فقد تم قطع خطوات واسعة للتحول الاقتصادى الهائل نحو اقتصاد السوق، وتطوير السياسات الإستراتيجية النفطية الجديدة لأذربيجان. وترتكز السياسات الإستراتيجية النفطية الجديدة إلى الشراكة المستدامة، والمصداقية، والتنوع، والشفافية والمصارحة، والتى بلغت ذروتها بالتوقيع على "عقد القرن" الذى بلغ قيمته المليارات، وذلك بين جمهورية أذربيجان وشركات النفط العالمية فى عام 1994. وحاليًا، فإن أذربيجان بخطوط أنابيبها السبعة العاملة للنفط والغاز، تقدم إسهامها الملموس فى توفير الأمن والتنوع لأسواق الطاقة العالمية.
وطبقًا لرؤية حيدر علييف الزعيم القومى لأذربيجان، والقائلة إن "النفط باعتباره ثروة هائلة لأذربيجان، لا يعود إلى الأجيال الحالية فقط، بل للأجيال اللاحقة أيضًا"، فقد أولت حكومة أذربيجان أهمية بالغة نحو الشفافية والإدارة الماهرة لعوائد النفط والغاز. وفى سبيل تحقيق هذه الغاية، فقد تأسس صندوق النفط الحكومى لجمهورية أذربيجان لتوفير الشفافية حول عوائد النفط والمساواة فى المنفعة بين الأجيال فيما يتعلق بالثروة النفطية للبلاد، وذلك مع تحسين الرفاهية الاقتصادية للسكان فى الوقت الحالى بالتوازى مع حماية الأمن الاقتصادى للأجيال اللاحقة. وفى إطار الاستمرار المنطقى لتطبيق هذه السياسة، فإن أذربيجان أيضًا تدعم بفاعلية مبادرة شفافية الصناعات الاستخراجية ضمن منظمة الأمم المتحدة.
إن موقع أذربيجان الإستراتيجى عند تقاطع طرق التجارة الكبرى الممتدة بين الغرب والشرق، وممرات النقل والطاقة بين الشمال والجنوب توفر أصولاً مهمة لتحويل البلاد إلى محور للبنية التحتية والطاقة. وفى هذا الإطار، وحين تصبح مشاركًا فاعلاً مع البلدان المجاورة، تقوم أذربيجان بتطوير مكونات الهواء والأرض، وطرق السكك الحديدية والبحرية الخاصة بطريق الحرير القديم. إن البنية التحتية لطرق السكك الحديدية الإقليمية الممتدة بين أذربيجان وجورجيا وتركيا، سوف توفر فرصا هائلة لتقديم كل أنواع عمليات شحن البضائع بين آسيا وأوروبا.
ونتيجة لعملية الدمقرطة الثابتة والإصلاحات الاقتصادية المتواصلة، والإدارة الحكيمة لعوائد النفط والغاز، فقد تحولت أذربيجان بعد مرور ثلاث وعشرين عامًا من الاستقلال من دولة متلقية للمعونات إلى دولة مانحة، كما تجاوز الاحتياطى النقدى الأجنبى 55 مليار دولارا أمريكيا وما زال طامحًا للزيادة، واستقر الاقتصاد الأذربيجانى فى المركز ال40 حسب مؤشر التنافسية العالمية فى تقرير المنتدى الاقتصادى العالمى. وتضع الحكومة نصب أعينها الوصول إلى مرتبة الدول المتطورة فى منتصف عام 2020، باعتباره هدفًا واقعيًا لتحقيقه. ويكفى أن نذكر أنه خلال الخمس سنوات السابقة فقط استطاعت أذربيجان زيادة الناتج المحلى الإجمالى إلى ثلاثة أضعافه تقريبًا، وتقليص معدلات الفقر من 49% فى عام 2003 إلى 5% عام 2012، كما بلغ حساب الميزان الاقتصادى الخارجى 80% من إجمالى اقتصاد منطقة القزوين بأكملها. والأمر الذى أدى إلى تقليل نسبة البطالة إلى 5%، كما تم توفير مليون وأربعمائة ألف فرصة عمل (ومنها نحو 60 ألف فرصة عمل فقط خلال ست أشهر، لعام 2015) خلال السنوات الاثنتى العشرة الماضية.
وخلال الفترة من عام 1995 حتى عام 2015، جرى استثمار تقريبًا 200 مليار دولارا أمريكيا فى الاقتصاد المحلى للبلاد.
وبينما ازداد الاستثمار النشط فى الرعاية الصحية والعلوم والتعليم والتنمية البشرية وتحديث البنية التحتية، وضعت أذربيجان نصب أعينها هدفًا إستراتيجيًا تمثل فى ضمان تنوع الاقتصاد، حيث يتم التركيز بوجه خاص على تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتطور الصناعى والسياحة الزراعة والنقل. وتم إطلاق أول قمر صناعى أذربيجانى فى عام 2013، ووضع القمر الثانى فى مداره عام 2015، مما يعزز قدرة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فى أذربيجان.
ورغم انخفاض أسعار النفط فى السوق العالمية إلا أن أذربيجان حققت بعض تطورات خلال ست أشهر للعام الجارى-2015، حيث ارتفع الناتج المحلى للبلاد 5.7% خلال ستة أشهر. فإن نمو إجمالى الناتج المحلى فى القطاع غير النفطى قد تجاوز 9.2% خلال هذه الفترة.
وحجم التضخم فى أذربيجان يشكل 3.5%، وإيرادات الناس النقدية ازدادت 6.2%، وإيرادات الناس النقدية تزيد على حجم التضخم الموجود. وقطاع الزراعة شاهد نموا أكثر من 7%، وحجم الاستثمارات فى البلاد خلال ست أشهر 12.7 مليار دولار. وكل هذه المؤشرات تدل على أن جمهورية أذربيجان تتطور رغم الأزمة الاقتصادية التى تعيشها العالم فى هذه السنوات.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن توحيد التطور الديمقراطى الراسخ مع الاقتصاد القوى قد مثل القوى الدافعة لأذربيجان النشطة، التى تتبنى سياسة خارجية مستقلة واثقة، تقوم على أساس من الالتزام بالقانون والعدالة الدوليين.
وبما أنها قد صارت من الساعين إلى الأمن، فإن أذربيجان اليوم تقوم بتصدير السلم والأمان والاستقرار والتسامح إلى المنطقة، وتسعى عبر الحوار إلى التفاعل والتعاون. بالإضافة إلى أن الشريك البناء والموثوق به هو القادر على القيام بدور هام فى تحديد معالم التعاون الإقليمى المثمر.
كما أن أذربيجان أيضًا عضو فعال فى العديد من المنظمات الإقليمية والدولية، والتى تمتد من منظمة الأمم المتحدة وحركة عدم الانحياز، ومنظمة التعاون الإسلامى، إلى منظمة الأمن والتعاون الأوروبية ومنظمة التعاون الاقتصادى، والمجلس الأوروبى وغيرها. وفى كل الأحوال فنحن نتطلع دومًا نحو السبل التى تزيد من فاعلية هذه المنظمات، ونقدم العديد من المبادرات فى هذا السبيل. وكان انتخاب أذربيجان فى المقعد غير الدائم لمجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة فى دورته من عام 2012 إلى 2013 بتأييد 155 دولة، والدعوة الموجهة إلى أذربيجان للمشاركة فى المنتدى الاقتصادى العالمى G20 لوزراء الدول الأجنبية، إنما يعود إلى قيمة أذربيجان العالية وتأثيرها المتنامى على الصعيد الدولى.
وبوصفها دولة مانحة يافعة ومستثمرة، فقد عرضت أذربيجان الدعم الكامل والاستعداد لبذل الجهود المستمرة لتعزيز التنمية المستدامة والازدهار العالمى للجميع، وتوجيه الاهتمام الخاص نحو الاحتياجات الخاصة للبلدان الأقل نموًا. وفى سبيل توسيع حدود الأمن والسلام، فإن أذربيجان تقوم بإسهامات ملموسة فى عمليات حفظ السلام الدولية التى تجرى فى الكثير من مختلف أنحاء العالم.
كانت أذربيجان دائمًا موطنًا للتعايش والتسامح بين مختلف الأديان والعقائد والمجموعات العرقية المختلفة. وبوصفها عضوًا فعالاً فى جماعة أصدقاء تحالف الحضارات، تساهم أذربيجان فى تعزيز الحوار بين الديانات والثقافات القائم على أساس من الاحترام والتفاهم المتبادلين. وفى جميع الأحوال لا يمكننا سوى التعبير مرة أخرى عن قلقنا العميق إزاء التصعيد الأخير الذى أثارته الأفعال المهينة ضد الإسلام. ونحن نشجب بقوة جميع الإساءات نحو الأديان.
إن أذربيجان باعتبارها تاريخيًا جزءًا من العالم الإسلامى، وشريكًا فى التراث التقدمى والقيم الروحية للحضارة الإسلامية، لا تدخر جهدًا فى سبيل تعزيز العمل المشترك لأعضاء دول منظمة التعاون الإسلامى لتدعيم الحوار العالمى والتعاون من أجل سيادة التسامح والسلم والتفاهم الأفضل بين البلدان والثقافات والحضارات، والقضاء على عناصر "الإسلام فوبيا".
وبعيدًا عن هذا الأمر، وعلى ضوء التغيرات الجارية فى المنطقة، فإن أواصر العلاقات التاريخية مع العالم العربى الإسلامى والتى تتمتع بطبيعة الحال بالأولوية فى إطار السياسة الخارجية لأذربيجان، تفتح أمامنا فرصًا جديدة لتعزيز آليات الشراكة القوية مع بلدان المنطقة، ومع مصر على وجه الخصوص. وخلال الحياة التى عشتها أثناء الفترة الإنتقالية ومن خلال تجربة بلدى، فلدى جميع الأسباب التى تجعلنى أكثر من متفائل حول قدرة مصر على النجاح فى تخطى المصاعب الحالية، وتبوأ مكانتها الجديرة فى منظومة العلاقات الدولية. وعلى الصعيد السياسى، فإن أذربيجان تتبنى مواقف مماثلة إزاء كل القضايا الدولية الرئيسية، مثل الموقف من الإرهاب الدولى، والنزاع فى الشرق الأوسط ونزع السلاح، والإصلاح فى الأمم المتحدة وغيرها من القضايا الأخرى للعالم العربى الإسلامى. ومن خلال الآليات الجديدة لتعزيز التعاون، والحوار الاستراتيجى بين جامعة الدول العربية ودول آسيا الوسطى وأذربيجان، وفى إطار عملية تشكيل محددة، سوف نصبح قادرين على الارتقاء نوعيا إلى مستوى جديد من التعاون السياسى والاقتصادى والإنسانى.
وفيما يتعلق بالنزاع الاسرائيلى الفلسطينى فى الشرق الأوسط، فلا بد أن أكرر ثانية أن أذربيجان تشارك المجتمع الدولى قلقه إزاء الأنشطة الاستيطانية التى تقوم بها اسرائيل فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، مما يوقع عبئا هائلا على المدنيين، ويخلق تهديدات خطيرة نحو عملية السلام، وتهدد بصورة أخطر مسألة حل الدولتين، وظهور دولة فلسطينية قابلة للحياة. وسوف تواصل أذربيجان دعمها لطلب فلسطين بالحصول على عضوية منظمة الأمم المتحدة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، وعاصمتها القدس الشرقية.
إن أذربيجان بوصفها دولة عانت احتلال أراضيها، وتهجير مئات الآلاف من مواطنيها بالقوة، لا يمكنها التراجع عن مواقفها الثابتة إزاء الانتهاكات الممنهجة للمعايير الأساسية لقواعد القانون الدولى. فما زال هناك حالات استخدام القوة من خلال الوسائل القديمة ضد وحدة الأراضى والاستقلال السياسى للدول، والتى تستخدم فى سبيل تحقيق المكاسب التوسعية فى الأراضى.
وفى هذا الصدد، فإن النزاع المستمر بين أرمينيا وأذربيجان ما زال مستمرًا، ليمثل تهديدًا وتحديًا خطيرًا للسلم والأمن على الصعيدين الإقليمى والدولى، كما يعيق تحقيق التطور الإقليمى بكامل قدراته فى جنوب القزوين. وقد أسفر النزاع عن احتلال حوالى عشرين بالمائة من أراضى أذربيجان، وتحول أكثر من مليون فرد فى البلاد إلى نازح داخلى أو لاجئ. وأدت الحرب إلى مقتل وجرح الآلاف من الآذريين بمن فيهم النساء والشيوخ والأطفال. ولم يسلم أثر تاريخى أو ثقافى أذربيجانى؛ بما فيها المواقع الإسلامية التراثية؛ من التخريب أو الدمار، كما لم يسلم موقع مقدس من التدنيس فى الأراضى سواء فى الأراضى التى احتلتها أرمينيا أو فى الأراضى الأرمينية نفسها.
ونحن على يقين راسخ بأنه لا يوجد بديل عن السلم والاستقرار والتعاون الإقليمى ذو المنفعة المتبادلة. ذلك دون المساس بالحقوق المنصوص عليها فى ميثاق الأمم المتحدة، لا سيما تلك المنصوص عليها فى المادة 51، فإن أذربيجان كانت وما زالت ملتزمة بإيجاد تسوية إزاء عملية النزاع، وهى على ثقة بأن هدفها هو وضع حد للاحتلال الأرمينى غير الشرعى واستعادة سيادة ووحدة أراضى أذربيجان، وضمان عودة النازحين -الذين طُردوا بالقوة- إلى بيوتهم، وأيضًا ضمان التعايش السلمى بين المجتمع الأرمينى والآذرى فى إقليم قاراباغ الجبلى الواقع ضمن حدود جمهورية أذربيجان.
وعلى النقيض تمامًا، فإن محاولات الجانب الأرمينى لتحريف معايير ومبادئ القانون الدولى وإصراره على تحقيق أغراضه التوسعية وضم الأراضى الأذربيجانية على نحو غير واقعى، لن تقبلها أذربيجان أبدا، وفى الحديث حول النوايا الحقيقية للقيادة الأرمينية يتكشف تحديها العلنى لعملية تسوية النزاع، بما يمثله من تهديد خطير للسلم والأمن على الصعيدين الإقليمى والدولى.
وفى انتهاك صارخ لميثاق الأمم المتحدة، تواصل أرمينيا استخدام القوة للإبقاء على احتلالها لإقليم قاراباغ الجبلى وسبع مناطق أذربيجانية أخرى، ولمنع المهجرين الآذريين داخليا من العودة إلى منازلهم. كما تبذل جهودها الرامية إلى تغيير التوازن السكانى فى الأراضى المحتلة، ومحو كافة رموز الثقافة الأذربيجانية والجذور التاريخية الآذرية.
وينبغى أن تدرك أرمينيا أخيرًا أن السياسة الاستفزازية غير المسئولة التى تنتهجها لتحقيق أغراضها التوسعية، وإبداء مشاعر العداء والكراهية إزاء الدول والشعوب المجاورة لها، والقائمة على أساس التعصب التاريخى والثقافى والعرقى والدينى، لا يمكن لها النجاح.
منذ أوائل التسعينيات، شهدت المنطقة تغيرات جذرية تمثلت فى النمو غير المسبوق والتطور المطرد لأذربيجان، وتغير التوازن الإستراتيجى بصورة مطلقة لصالح أذربيجان. بينما تظل أرمينيا ضمن فئات الدول الفاشلة، وتعانى من التراجع الاقتصادى بوتائر سريعة، ومن معدلات الهجرة الكارثية إلى الخارج، بما لا يتطابق ولا يقارن بأى حال من الأحوال مع القدرات السياسية والاقتصادية والدفاعية لأذربيجان. وسوف تؤدى هذه النزعة فقط إلى زيادة الهوة الفاصلة بين البلدين واتساعها مع مرور السنوات القادمة. ولكن، لو كان الحال مع دولة مجاورة أخرى، لمضت أذربيجان ساعية بتصميم إلى تعزيز الازدهار الإقليمى، وذلك من خلال الاستثمارات والمنافع الاقتصادية المتبادلة والتعاون التجارى القائم على أساس علاقات الجيرة الحسنة، والتى يمكن أن تستفيد أرمينيا من خلالها.
وكلما استطاعت أرمينيا أن تعى هذا الواقع مبكرا، لاستطاع بلدانا التوصل إلى التفاهم المشترك والتمتع بالسلام والاستقرار والتعاون فيما بينهما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.