منذ زمن ليس ببعيد كانت مظاهر الاحترام أكثر ثباتًا ووضوحا بين الكبير والصغير وبين الرئيس والمرؤوس وبين الطالب والمعلم بل وبين الزوجة وزوجها، وكان من النادر أن ترى شيخا كبيرا- أو امرأة حامل- واقفًا فى الأتوبيس أو المترو، واليوم اختلفت الأحوال فالشباب فى أغلبه حاليًا "غرقان لشوشته" فى ألعاب الإنترنت والدردشة عبر الإنترنت والانغماس فى مواقع التواصل الاجتماعى ولا وقت لمراعاة تلك المشاعر التى أحدثكم عنها. وفى ظل سيطرة الدروس الخصوصية على العملية التعليمية لم يعد هناك تعامل يومى بين مدرس المدرسة والطالب ولم تجد المدارس الفرصة لكى تحقق التربية لأولادنا قبل التعليم. وأصبحت العلاقة بين المدرس والطالب تقوم على المصلحة المتبادلة، فالطالب الذى يملك المال يستطيع أن يستدعى المدرس إلى منزله فى الدرس الخاص أو الذهاب إليه مع دفع المعلوم مسبقا. أما عن علاقة الرئيس بالمرؤوس فباتت الرؤوس متساوية فى أغلب الأحوال فى ظل نصوص تنظيمية ضعيفة لا تحقق الردع لهواة الفوضى والإهمال فى المنظومة الوظيفية. وإذا نظرنا إلى علاقة الزوج بزوجته فى أفلام زمان سنجد أروع المثل فى الاحترام والتضحية وتقدير الزوج، أما الآن فقد وضعت المسلسلات والأفلام ثقافة جديدة جعلت العلاقات العائلية فى عمومها على حافة الخطر. وفى ظل هذه الأوضاع المتردية يجب أن نستحث الشباب على التمسك بفضائل الأخلاق والمبادئ التربوية واحترام الكبير لأن الخطر قد وصل إلى بيوتنا، ولا علاقة بين حرية الرأى والحرص على طاعة واحترام الكبير عندما يطلب يد العون والمساعدة. وقد أفادت الإحصاءات الرسمية الصادرة من الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء ارتفاع نسبة الطلاق بين حديثى الزواج عن المعدلات الطبيعية وهو ما يؤكد على الخلل الناشئ عن الثقافة الجديدة التى تغلغلت بين أولادنا، وإذا دار النقاش بين الكبار والشباب تجد الرد الشائع بأن الأجيال بتختلف، وأن الكبار لا يدركون حجم التغييرات التى سادت المجتمع، وأنا أقولها بكل صراحة بئس التطور والتغيير الذى يعصف بالاحترام الواجب بين الناس. ورغم ذلك فلا يمكن أن نغفل هؤلاء الشباب الذين نلتقيهم فى حياتنا وقد رفضوا كل مظاهر التراجع عن المبادئ الراسخة والاحترام المتبادل بين الكبار والشباب.