بمناسبة يوم الصحفي..نقابةالصحفيين تقود حملة للإفراج عن الصحفيين في سجون السيسي    وزير العمل يلتقى نظيره السويسري لتعزيز التعاون في الملفات المشتركة    خبراء عسكريون: الجمهورية الجديدة حاربت الإرهاب فكريًا وعسكريًا ونجحت فى مشروعات التنمية الشاملة    وزير النقل يوجه بخفض تأخيرات القطارات    صندوق النقد الدولى: قرار توحيد سعر الصرف حسن الأوضاع المالية فى مصر    وزير المالية: أسعار التعاقد في التأمين الصحي الشامل جاذبة، والقطاع الخاص يشارك في التسعير    إشادات صينية بتطور النقل البحري والسكك الحديدية في مصر    أسعار الأسماك اليوم 7 يونيو بسوق العبور    ارتفاع حجم التجارة الخارجية للصين بواقع 6.3% في أول 5 أشهر من 2024    أمريكا تحذر إسرائيل من شن حرب على لبنان: ستدفعون إيران للتدخل    الإعلامية قصواء الخلالي ترد على حملة الاستهداف الممنهج ضدها من جانب جماعات أمريكية داعمة لإسرائيل.. إلى متى الصمت؟    البرهان: الجيش السوداني مستمر في معركته ضد الميليشيات المتمردة    مداهمات واقتحامات ليلية من الاحتلال الإسرائيلي لمختلف مناطق الضفة الغربية    اختلاف في الرأي داخل الناتو بشأن تسمية مشروع دعم جديد لأوكرانيا بسبب معارضة ألمانيا    خطأ فادح ل«ميلر» بشأن استهداف مدرسة في غزة.. و«الخارجية الأمريكية» توضح    أخبار الأهلي : ابراهيم حسن يكشف سر عدم الدفع بشوبير أساسيا مع المنتخب    جيل رياضى قادر على تحقيق طموحات الجمهورية الجديدة    إجراء جديد ضد مسجل خطر قتل عشيقته في الخليفة    لطلاب الثانوية العامة 2024.. شاهد المراجعة النهائية لمادة اللغة الانجليزية    صحة شمال سيناء تشن حملة رقابية مكثفة استعداداً لعيد الأضحى المبارك    العثور على جثة شاب مذبوح وملقى في بحر الحجايزة بالدقهلية    «الغرف السياحية»: انطلاق رحلات الحج السياحي 5 نجوم اليوم.. ولا مبيت في منى    المتحف المصري يعرض تمثالا فريدا لصاحب أول معاهدة سلام بالتاريخ    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 7 يونيو 2024.. ترقيه جديدة ل«الحمل» و«السرطان»يستقبل مولودًا جديدًا    مرسى جميل عزيز l ملك الحروف .. و موسيقار الكلمات    في ذكرى ميلاد محمود مرسي.. قصة حب «فيلسوف الفن» وسيدة المسرح    «أفضل أعمال العشر الأول من ذي الحجة» موضوع خطبة الجمعة بمساجد شمال سيناء    «الرقابة الصحية»: 3 ملايين مريض يموتون سنويًا بالدول منخفضة الدخل بسبب «غياب الجودة»    ماكرون: الوقت ليس مناسبا للاعتراف بدولة فلسطين    منتخب السودان يتصدر مجموعة تصفيات كأس العالم على حساب السنغال    الأخضر بكامِ ؟.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري في تعاملات اليوم الجمعة 7 يونيو 2024    هل يشترط صيام العشر من ذي الحجة أم يكفي يومان.. دار الإفتاء توضح    عبر الموقع الرسمي.. نتيجة الصف الثالث الإعدادي برقم الجلوس 2024 (رابط مباشر)    تفشي سلالة من إنفلونزا الطيور في مزرعة دواجن خامسة بأستراليا    السيطرة على حريق شب في محل حلويات بحلوان    افتتاح المهرجان الختامي لفرق الأقاليم ال46 بمسرح السامر بالعجوزة غدًا    مفاجأة.. دولة عربية تعلن إجازة عيد الأضحى يومين فقط    سيد معوض: هناك لاعبين لعبوا المباراة بقوة وبعد نصف ساعة كانوا بعيدين تمامًا    الأوقاف تفتتح 25 مساجد.. اليوم الجمعة    رغم الفوز.. نبيل الحلفاوي ينتقد مبارة مصر وبوركينا فاسو .. ماذا قال؟    الصيادلة: الدواء المصري حتى بعد الزيادة الأرخص في العالم    بعد جدل أفشة.. تركي آل شيخ يعلن عن مفاجأة في برنامج إبراهيم فايق    موعد مباراة كوت ديفوار والجابون في تصفيات إفريقيا المؤهلة لكأس العالم    ما قانونية المكالمات الهاتفية لشركات التسويق العقاري؟ خبير يجيب (فيديو)    إنفوجراف لكلمة مصر نيابة عن «المجموعة العربية» في مؤتمر العمل الدولي بجنيف    عيد الأضحى 2024| أحكام الأضحية في 17 سؤال    ساتر لجميع جسدها.. الإفتاء توضح الزي الشرعي للمرأة أثناء الحج    أمين الفتوى: إعداد الزوجة للطعام فضل منها وليس واجبا    «صلاة الجمعة».. مواقيت الصلاة اليوم في محافظات مصر    خالد جلال ينعي المخرج محمد لبيب مدير دار عرض مسرح الطليعة    مجلس الزمالك يلبي طلب الطفل الفلسطيني خليل سامح    غانا تعاقب مالي في الوقت القاتل بتصفيات كأس العالم 2026    حسين حمودة بعد حصوله على جائزة الدولة في الأدب: "حاسس إن في حاجة أقدر أقدمها لبنتي"    حظ عاثر للأهلي.. إصابة ثنائي دولي في ساعات    في عيد تأسيسها الأول.. الأنبا مرقس يكرس إيبارشية القوصية لقلب يسوع الأقدس    عضو اتحاد المنتجين: استقرار في أسعار الدواجن خلال 10 أيام    بمكون سحري وفي دقيقة واحدة .. طريقة تنظيف الممبار استعدادًا ل عيد الأضحى    نجاح أول تجربة لعلاج جيني يعمل على إعادة السمع للأطفال.. النتائج مبشرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"اليوم السابع" يرصد معاناة المصريين مع وسائل المواصلات.. المضطر يركب "قطار المناشى" والعربية "الصندوق.. و"الأتوبيس" أفضل من المترو.. معدية "عم شعبان" تحمل 11 مواطناً ووسائل الأمان بها 3 عوامات
نشر في اليوم السابع يوم 09 - 08 - 2015

للضرورة أحكام، من بينها اعتلاء سطح قطار مزدحم عن آخره، أو استقلال سيارة نصف نقل من المفترض أن تحمل المواشى، أو ركوب معدية مر على وجودها عشرات السنين دون صيانة أو أدوات إنقاذ حال وقوع مكروه، وقد تستقل أتوبيس نقل عام، «تنحشر» بين ركابه ك«سردينة»، وسط زحام القاهرة من شرقها إلى غربها، كل ذلك من أجل الوصول إلى منزلك أو قضاء أحد المشاوير.
البسطاء فقط هم من اضطرتهم الظروف لاستقلال وسائل مواصلات غير آدمية، هانوا على الدولة، فهانت عليهم أنفسهم.. معاناة يومية يمر بها سكان «الكُنيِّسة» بالهرم، والمنيب، والمناشى، والحسانين، وقرى كثيرة ممن يستقل أهلها قطار المناشى المتجه من محطه مصر إلى إيتاى البارود.
فى جولة ميدانية رصدت «اليوم السابع» أغرب وسائل المواصلات، وأسباب استقلال المواطنين لها، ومطالبهم، والأخطار التى يتعرضون لها بسبب تلك الوسائل.
معديات الموت
ستينى لا تفارق ثغره الابتسامة، وقف بخفة ثلاثينى يجذب سلسلة حديدية ممتدة بطرفى النيل يتم من خلالها التحكم بمعديته، ونقلها إلى الجهة المقابلة والعكس، رغم أن الكلام معه يهدد مصدر رزقه الوحيد، ومعديته التى يستقلها العشرات يوميًا، فإنه لم يبخل بأى معلومة عن مهنته الشاقة والخطيرة، بل زاد الأمر حد مطالبته الدولة بعمل كوبرى لتسهيل الحياة على المواطنين الذين تضطرهم الظروف للركوب معه.
أطفال وتلاميذ وموظفون وفلاحون وطلاب جامعة بل وحيوانات أحيانًا، جميعم، وكما قال العم «شعبان» بمنطقة المناشى، يضطرون إلى الركوب معه، حيث إن المعدية توفر لهم الوقت والمال، ففى الوقت الذى يدفع فيه «الزبون» نصف جنيه، ويشترك الطالب شهريًا بخمسة جنيهات، فإن البديل للمعدية يستلزم دفع جنيهين ثمنًا لمواصلتين، تستغرق كل منهما خمس عشرة دقيقة.
وعن وسائل الأمان المتوفرة بمعديته، قال العم «شعبان»: لدينا عوامات، وأشار إلى ثلاث منها معلقة داخل المعدية، متابعًا: «لا تزيد الحمولة على خمسة عشر فردًا بأى حال، وأعمل عليها منذ عشرات السنين ولم تحدث حادثة واحدة».
تنتشر معديات نقل الركاب والسيارات بمختلف أنواعها بالترع والرياحات فى فرعى النيل، دمياط ورشيد، بأنحاء محافظة المنوفية، خاصة بفرع رشيد، والتى يبلغ عدد المعديات بها نحو 18 معدية بمركز أشمون وحده، وتربط بين المنوفية ومحافظتى البحيرة والجيزة، وتعمل تلك المعديات بدون تراخيص، ومراسيها لا تتوافر فيها عوامل السلامة والأمان حتى أطلق عليها «معديات الموت»، لما تشكله من خطر على حياة الركاب الذين يضطرون إلى استخدامها كوسيلة نقل اختصارًا للوقت والجهد والتكلفة.
وعن أهمية المعديات قال محمد صابر من قرية «بهرمس»: «المعديات النيلية تسهل حياتنا وإن كانت خطورتها كبيرة، من غيرها سنتأخر على أعمالنا، لأنها توفر لنا الوقت والمجهود»، مسترسلًا: «منذ خمسة عشر عامًا وأنا أستقل تلك المعدية منذ كنت طالبًا، فى البداية كنت أخشاها لأن الشط غير مهيأ لنزول الركاب وصعودهم، وكل يوم نسمع عن غريق، إلا أننا مضطرون لذلك».
بمحبة غير معتادة غمر ركاب المعدية «عم شعبان»، ويبدو أن الأمر طبيعى، فالرجل الذى يؤثر مصلحة الآخر على لقمة عيشه الوحيدة، لابد أن يحظى بتلك المحبة.. الركاب الذين تنوعوا بين عامل وموظف وطالب ورجل وامرأة، بل ودراجة تحمل ورودًا، تشجعوا كثيرًا على ركوب الموت فى صورة معدية قد لا تصل إلى البر الآخر من النهر، كما حدث مع غيرها.
المشهد السابق يبرز لماذا لا يمر عام إلا وتقع حوادث غرق لبعض هذه المعديات، مما يسفر عن مصرع العشرات من ركابها غرقى، كما حدث فى عام 2001 حيث غرق 21 طفلًا وعاملًا زراعيًا من قريتى «زاوية رازين» مركز منوف، و«دمشلى» بكوم حمادة، محافظة البحيرة، كانوا يستقلون سيارة نقل، متجهين إلى مزارع بدر بمديرية التحرير بالبحيرة، واتخذ السائق طريقه إلى معدية بقرية «علقام» هربًا من المرور، وقبل عبور السيارة المعدية سقطت فى الرياح بمن فيها.
وفى عامى 2012 و2013 شهدت قريتا «صنطفط» و«إبراهيم» بمركز منوف مأساة إنسانية مروعة إثر مصرع 12 شابًا وفتاة فى مياه الرياح عقب غرق إحدى سيارات التراحيل القادمة من منطقة التحرير بالبحيرة، نتيجة اختلال عجلة القيادة فى يد السائق خلال وجوده على متن معدية تربط بين محافظتى البحيرة والمنوفية.
العلبة دى فيها إيه؟
إذا أردت الذهاب إلى منطقة الكُنيِّسة المتفرعة من شارع الهرم ستجد أن وسيلة المواصلات الوحيدة سيارة نصف نقل، مغطاة من أعلاها لتشكل أشبه ما يكون بصندوق وضعت بداخله «كنبة» حديدية، يتراص عليها الركاب جنبًا إلى جنب كما لو كانوا حائطًا من طوب وأسمنت.
حالة غير آدمية يحدث معها كثير من المشاكل الصحية، تؤكد ذلك «أم محمد»، ربة منزل، قائلة: «الحوامل بيركبوها يسقطوا، حصل كذا مرة إحنا تعبنا منها، كيف تتركنا الدولة هكذا دون توفير ميكروباص يقلنا إلى منازلنا بطريقة آدمية».
ويضيف محمد رجب، طالب: على الرغم من أن تلك السيارة تقف مباشرة على شارع الهرم الرئيسى، ومن المفترض أن الشارع يحيط به الأمن من كل الجهات، ويمنع وجودها لأنها غير مرخصة، ولا يُسمح قانونًا باستخدامها فى نقل المواطنين، فإنها وسيلتنا الوحيدة فى الذهاب إلى جامعتنا، فلا بديل عنها سوى «التوك توك»، وهذه مأساة بما تحمله الكلمة من معنى، مسترسلًا: «حدث وإن كان اليوم الأول لدراستى الجامعية وكنت أرتدى لبسى المفضل وبمجرد جلوسى على مقعد تلك السيارة مزق بنطالى بسبب مسمار فى أحد المقاعد، وما كان منى إلا أن سرت «للخلف در» ولم أذهب للجامعة فى ذلك اليوم.
عم محسن عبدالله، 45 سنة، يشكو الحالة التى تضطره إلى استقلال تلك النوعية من المواصلات، قائلًا: «السيارة عبارة عن صندوق حديدى بيشيلنا ويهبدنا طول الطريق، وأنا عندى غضروف»
وجهة نظر أخرى يطرحها سائق السيارة نفسه، يشرحها بقوله: «جميعنا فى هذت البلد مضطرون للعمل بهذه الطريقة، ليس المواطن وحده من يضطر لركوب سيارة غير آدمية، نحن نعانى من بطالة شديدة وورانا أطفال يذهبون إلى المدارس ويحتاجون مأكلًا وملبسًا». وتابع: أعانى من البلطجية الذين يفرضون علينا «إتاوات» كبيرة دون وجود رادع يردعهم عنا، لا أعمل برخصة على تلك السيارة، ولكنى مضطر مثل المواطن الذى يركبها تمامًا، وأطالب بتوفير مواصلة آدمية كالمواطن تمامًا، لماذا لا تفعل الحكومة ذلك؟، متابعًا: بالمناسبة هناك مناطق كثيرة غيرنا وسيلتها الوحيدة تلك السيارة، أناشد الرئيس عبدالفتاح السيسى بتوفير مواصلة آدمية، وتوفير فرص عمل للسائقين الغلابة.
الأمر يبدو مرعبًا حينما ترى طفلًا ذا سنوات قليلة يقف على «الاكصدام» الخلفى للسيارة متشبثًا بحديدة، متلفتًا يمينًا ويسارًا، تكاد تقتلعه مطبات الطريق من عليها لترميه أمام أقرب سيارة له. لم تكن تلك مجرد صورة تخيلية، بل هذا ما حدث وسرده محمد عرفة قائلًا: كنت عائدًا لبيتى كعادتى، وركبت تلك السيارة، فإذا بى أشاهد منظرًا مأساويًا، حيث وقع طفل كان يستقل السيارة معنا أمام سيارة خلفنا ودهسته، لا أعلم إذا كان حيًا يرزق أم غير ذلك، فقد حمله البعض إلى المستشفى فيما عدت إلى بيتى، ما أستطيع قوله، إن ما يحدث ليس آدميًا بالمرة.
الجميع فى المصيدة
هذه الوسيلة من المواصلات ليست كسابقتها، فأينما كنت تعيش، ومهما كنت تحظى به من برستيج اجتماعى فحذار أيها المواطن، أنت مضطر لركوب «القطار» وهو فى مصرنا وكما هو الحال مزدحم، تتدلى منه أرجل المسافرين خارجه، يضطر بعضهم للوقوف على الباب، أو الجلوس فى الأرض، ولا يستطيع المسافر أخذ قسط من الراحة بسبب الباعة الجائلين والمتسولين المارين بطرقاته طوال الوقت، لا تختلف فى قليل أو كثير الدرجة الأولى عن المميزة.
قطار المناشى نموذج يجسد مأساة المواطن، يسرد ذلك أحد ركابه ويدعى محمود خميس الصيفى موظف 55 سنة، قائلا: «بداية أستقل هذا القطار منذ سنوات عديدة، وهو لا يصلح بأى حال ركوبه، نظرا لحالته السيئة بداية من شرفاته وزجاجه المكسور وأبوابه المخلوعة من الأساس، مرورا برائحته الكريهة، وانتهاء بما أتعرض له من مضايقات الركاب».
يقاطعه فؤاد سامى 25 عاما، خريج كلية التجارة جامعة القاهرة قرية القطا، قائلا: «لا تستغرب إذا رأيت معزة واقفة بجوارك تستقل نفس العربة، تقف أنت وهى على أرض واحدة تلتصق بك كظلك، وإياك وحذار أن تحاول إبداء أى اعتراض، متابعا: تحدث هنا مشاكل كثيرة بسبب تلك الأمور الآدمية».
جزء من المشاكل يتعلق بترك الأمر «سداح مداح»، على حد وصف منة الله فاروق طالبة بكلية الصيدلة جامعة القاهرة، قائلة: «نعانى من عدم تنظيم، فأى أحد يركب فى أى مكان، ليس هناك درجات، فالقطار كله درجة عاشرة بالطبع، يحدث أن أتلقى ضربة قوية من حجارة يتقاذفها الأطفال بمحطة إمبابة وبشتيل، هذا أمر عادى وحدث معى ومع صديقاتى، كان من الممكن تفادى تلك الأمور من خلال إصلاح الشرفات والأبواب، لماذا لا تهتم الدولة بتلك الوسيلة رغم أهميتها واستخدام نسبة كبيرة من الشعب لها».
الأمر اضطرارى، جملة يشرحها أحد الركاب الذى وقف بالعربة الأخيرة للقطار يدلى ساقيه منه لعدم وجود أماكن فارغة قائلا: أنا من إيتاى البارود، وهى سفر طويل، كيف سأذهب إلى جامعتى وأعود منها إلى أهلى مرة ثانية، لا توجد وسيلة مواصلات أسرع منه ولا أوفر من الناحية المادية من هذا القطار رغم حالته السيئة.
مواصلة الغلابة
لازال الأتوبيس رغم أى شىء الوسيلة الأكثر شهرة بين الطبقة الكادحة، رغم عيوبه الكثيرة، فإنه الأفضل إذا ما تمت المقارنة بينه وبين المترو، عبارة قالها سبعينى يدعى خالد مصطفى وحرمه بموقف أتوبيس مدينة المنيب، يوضحها قائلا: «المترو زحمة وناس على بعضها، وأحيانا بيعطل، وبتحصل فيه حوادث، أما الأتوبيس فإذا تعطل سأنزل منه وسأركب غيره».
وتواصل زوجته حديثها قائلة: «هو رغم زحمته فإن الركاب بمجرد رؤيتنا واقفين يقومون بالقيام لنا وإجلاسنا بدلا منهم، لم نعد نرى تحرشات كسابق عهده إلا أن سعر تذكرته تناسبنا».
هناء منير طالبة بجامعة القاهرة تقول: «أذهب إلى جامعتى كثيرا بالأتوبيس، رغم حالات التحرش التى تحدث به فإننى آخذ احتياطاتى بأن أكون أول الركوب أو أستأذن أحد الركاب ليجلسنى بدلا منه، وهذا بسبب التحرشات التى تحدث بعربات المترو حتى السيارة الخاصة بالسيدات، إلى جانب الرائحة الكريهة والكتمة التى تسبب لى دوارا أكاد أفقد وعيى بسببه».
وجهة نظر أخرى يطرحها أحد الركاب بقوله: «الأتوبيس لم يعد كسابق عهده فى السوء بل هناك تطورات بضخ مجموعة جديدة من الأتوبيسات بالشارع، جعلت من الأتوبيس مواصلة تتميز عن المترو فائق السرعة ذو السعر المقارب له تقريبا».
المشكلة والحل
قال إبراهيم مبروك أستاذ هندسة السكك الحديدية بجامعة الأزهر: «المشكلة عامة سواء أكانت فى النقل البرى أو النهرى، لابد حلها من خلال منظومة متكاملة تشمل جميع أطرافها، دون حل جزء وترك آخر، مضيفا: نحتاج عمل تجهيزات بحيث يطور ويجهز بلافتات مرورية وأعمدة إنارة وإشارات، أيضا نحتاج إلى مجرى ملاحى متكامل وتجهيزات هندسية.
وتابع: «لابد لحل المشكلة من خطوات على رأسها عمل توعية للسائقين على أعلى مستوى، مثال ليس لدينا فى مصر مدرسة مرور، وإنما مدارس تعليم قيادة، المرور يعلمنا علم الإشارات، ولا أسير عكس الاتجاه، وكذلك الأمر بالنسبة للمراكب، أغلب من معه رخصة لم يتعلم فى مدرسة مرور له قواعد، ليس هناك قواعد مرور لدى سائق الميكروباص والمركب والمعدية وغير ذلك».
وأضاف: «أيضا لابد من وجود رادع، ويستلزم ذلك انتشار الشرطة بجميع الشوارع والمسطحات المائية، ولابد أن يكون الردع قاسيا، بفرض عقوبات كبيرة ومخالفات قاسية، وتطبيق القانون على كل أفراد المجتمع، وكذلك إلغاء الاستثناءات فى القوانين، لأنها السبب الرئيسى فى تدهور حال النقل فى مصر».
اتفق معه أحمد الحكيم أستاذ هندسة النقل والمرور بجامعة الأزهر، قائلا: «الكارثة ليست مفاجأة، هى مشكلة منذ أزمنة، إلا أن حلها يحتاج لوقت وهناك مجهودات مبذولة مثل تجربة إحلال التاكسى الأبيض والأسود بغيره، كذلك السكة الحديد، وهناك تصنيع عربات وتحليل للأسطول القديم وهذا يأخذ وقتا».
وأضاف: «ما أستطيع تقديمه فرض رقابة صارمة، أستطيع التحكم فى السيطرة على السائق حتى لا يتعاطى مخدرات، والتأكد من عمل المزلقانات بشكل صحيح، كذلك لابد من توافر عوامل الأمان بجميع الوسائل، التشديد على عمليات إخراج التراخيص وإعطاء الرخص، الرقابة مثلا على اللنشات القابعة أمام ماسبيرو».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.