فى ندوة «اليوم السابع» الأسبوع الماضى والتى كان ضيفها الفنان خالد النبوى، سأله أحد قراء «اليوم السابع» عن انتمائه السياسى، فأجاب بدبلوماسية ملفته أنه يفضل أن يعلن عن انتمائه الإنسانى، فهو ينتمى إنسانيا إلى ثورة 25 يناير، لأنه ينتمى إنسانيا للعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية. وينتمى إنسانيا أيضا إلى ثورة 30 يونيو لأنه ينتمى إنسانيا إلى الهوية المصرية الوطنية وسيظل مدافعا عنها. وهنا من الصعب أن تجد من يختلف سياسيا مع الإنسانية. فإذا كنت تصف نفسك إنسانا ستجد نفسك منتميا إلى الثورتين معا. لا تهاجم أحداهما بدعوى مصلحة ضاعت أو منصب فقد أو مالا رد. فنجد أن الصراع المختلق بين الثورتين هو صراع أنشأه أصحاب المصالح والنفوذ والكراسى والأموال ودفع نتيجته أصحاب القيم والمبادئ. رجوعا إلى عنوان المقال، فكم سعدت وقدرت جدا إجابة الفنان خالد النبوى، وأؤمن أن الفن هو ملك للجميع مهما اختلفت الإيديولوجيات السياسية وأن الأفضل لأى فنان أن ينأى بنفسه بشكل أو بآخر عن الصراع السياسى فهو فى حاجة إلى جمهور يوصل له رسالة فنه وليس فى حاجة إلى جمهور يختلف معه سياسيا فلا تصل له الرسالة لمجرد اختلاف لا يجوز أن يكون معيارا أبدا فى تقييم الفن والفنان. ولكن للآسف ما يحدث الآن من معظم الفنانين فى مختلف المجالات الفنية هو إعلان واضح وصريح عن الانتماء السياسى ومنهم للأسف لا يكتفى بذلك بل ينسى ويتناسى عن قصد أنه فنان ويسب ويقذف ويتهم من يختلف معه ثورة كانت أو إنسانا. فيتحول من فنان إلى عدو، فنه لا يتذوقه من يختلف معهم ويتذوقه فقط من يتفق معهم. فضاعت وتاهت معايير الجودة الفنية والتقييم الإبداعى وحل محلها «أنت لو مش معايا تبقى عدوى». يجوز أن يكون ما يحدث من تصريحات سياسية واضحة صارخة من كثير من الفنانين هو انعكاس للحالة السياسية والانقسام المجتمعى الحاد المتواجد الآن، فالقليل الذى استطاع أن ينأى بنفسه من تلك الحالة، والكثير من سقط فيها للأسف. ولكن السؤال هل هناك مجالا أن يعود الفن ليصبح رسالة مجردة بعيدة عن الأهواء والمصالح والإيديولوجيات السياسية؟ حتى وإن كانت هذه الرسالة تتضمن بشكل غير مباشر اتجاها فكريا لكنها بالتأكيد ستكون أفضل بكثير من تصريحات إعلامية صارخة تهد وتفرق أكثر من أى شىء آخر. لا أعتقد أن الفن فى الماضى كان مبتذلا بتأييد أعمى أو معارضة جوفاء ولكن كان دائما يعلن عن تواجده برقى فى مواقف وطنية واضحة لا يختلف عليها أحد. عودوا لزمن الفن الجميل