هو ثالث مصرى يشارك فى لجنة تحكيم رسمية فى مهرجان "كان"، بعد يوسف وهبى فى 1946، ويوسف شاهين فى منتصف الثمانينيات (تم ترشيحه ولم يشارك فعليا)، ويسرى نصر الله. كل العوامل ساهمت فى اختيار الناقد السينمائى بجريدة الأهرام إبدو ممثلا لمصر بعد غيابها كل هذه السنوات عن هذه التظاهرة السينمائية الأولى فى العالم. وجاء هذا الحوار فى محاولة لتثبيت هذه "اللقطة" من شريط حياته فى كلمات، لن يضاهيها لحظات سعادة أخرى. لماذا ياسر محب بالذات؟ لا أعلم بالتحديد لماذا تم اختيارى. إدارة المهرجان لا تصرح بالمعايير التى يتم على أساسها اختيار الأعضاء. ولكن عندما تلقيت الاتصال الهاتفى من كريستين إيميه، مسئولة الإعلام فى مهرجان كان، وجينيفايف بون كايو المسئولة عن مسابقة "نظرة خاصة"، أخبرتانى أن إدارة مهرجان "كان" كانت ترصد أعمالى الصحفية والنقدية منذ فترة. كانتا تتابعان مقالاتى وقامتا بترجمة ما كتب منها باللغة العربية، وأبدتا لى أنهم أعجبوا بطريقة عملى وأسلوب طرح أفكارى.. قد تكون هناك أسباب أخرى لا أعلمها، ولكن بالنسبة لى كانت النتيجة هى الأهم، وهى اقتناعهم بى، فيكفينى فخرا أن يكون المعيار الوحيد لاختيارى هو عملى دون أى اعتبارات أخرى. ما هو قسم "نظرة خاصة"، وما هو اختلافه عن المسابقة الرسمية؟ قسم "نظرة خاصة" هو المسابقة الرسمية الثانية، ولكنه ذو توجه خاص، حيث يقوم بالتركيز على الجانب السينمائى التقنى فى الأفلام التى تتميز عادة بمواصفات فنية مرتفعة. فى حين أن الأفلام التى تعرض فى المسابقة الرسمية عادة ما قد يدخل عليها اعتبارات أخرى. وقد كان دائما ولا يزال رأيى هو: "لو عاوز تشوف أفلام بجد، هتشوفها فى قسم نظرة خاصة".. كيف تقوم بالتحضير لحضور هذه الدورة من المهرجان؟ أحاول جمع أكبر قدر من المعلومات عن الأفلام المشاركة وقراءة ما بين السطور فيها، ومعرفة طبيعة السينما التى تنتمى إليها. أحاول أيضا التعرف على باقى أعضاء لجنة التحكيم التى يرأسها هذا العام المخرج الألمانى والتركى الأصل فاتح أكين. وأعتقد أن ذلك سيسهل التفاهم فيما بيننا، خاصة أن عددهم خمسة فقط. ولعلمك قد جرت العادة أن يكون عدد أعضاء لجنة المشاهدة فردياً، لضمان استحالة حدوث تساو فى عدد الأصوات. في النهاية، على أن أكون مستعدا ودارسا لهذا الحدث الفنى الضخم. قل لنا بصراحة: هل سعيت أنت لهذا الاختيار؟ إن عضوية لجنة تحكيم مسابقة رسمية فى مهرجان مثل "كان" لا يتم السعى إليها بأى وسيلة، وإنما يتم اختيار أعضاء لجان التحكيم بناء على تقييمات إدارة المهرجان التى لا يعرفها أحد. غير ذلك تصبح أشبه بمسابقة عادية تتحمل انطباق شروط ومعايير على العضو ليتقدم ويحوز الترشيح. وهو ما ليس موجودا فى المهرجانات الدولية الكبرى.. لكنى أؤمن بأن محاولات الاجتهاد المستمرة فى العمل قد تقود لمثل هذه الاختيارات، دون أن يسعى إليها الإنسان. هل كنت تتوقع هذا الاختيار؟ بالطبع لا. هل كنت تحلم به؟ ومن لا يراوده هذا الحلم بتمثيل بلاده فى أهم مهرجان سينمائى فى العالم؟! لم يكن هذا الأمر ضمن مخططاتى أو أحلامى، على الأقل فى الفترة الحالية. ولهذا كان بحق مفاجأة من أجمل المفاجآت التى حدثت لى فى حياتى. ما الذى يمثله لك هذا الاختيار؟ هذا الاختيار هو تكليف وتشريف فى الوقت ذاته. إنه لشرف حقيقى لى أن أقوم بتمثيل مصر والسينما المصرية بكل تاريخها، وأن يأتى اسمى بعد أسماء علامات فنية مثل يوسف وهبى ويوسف شاهين ويسرى نصر الله الذين شاركوا من قبلى كمحكمين فى كان. وهو الأمر الذى يلقى بالتالى على عاتقى بمسؤلية كبيرة، أتمنى أن أكون على قدرها. وسواء كان هذا الاختيار وقع على أو على أى مصرى آخر، فالأهم أنه اختيار لمصر ليتم تمثيلها فى لجنة تحكيم رسمية فى مهرجان كان بعد غياب سنين طويلة. ووصلنى طمعى إلى أننى تمنيت لو كان هناك فيلم مصرى يتنافس فى المسابقة. لماذا لم يتم اختيار أسماء مصرية أخرى لامعة ذات خبرة أطول فى مجال النقد للمشاركة فى التحكيم؟ كما ذكرت من قبل، إن معايير الاختيار لا يتم إعلانها بشكل كامل. وعلى الرغم من كونى أول ناقد مصرى وعربى يشترك فى لجان تحكيم مسابقة "نظرة خاصة" فى كان، إلا أن ذلك لا يعنى بالمرة أننى أفضلهم. فهناك قامات نقدية فى مصر لا شك أنها أكثر وأفضل خبرة منى. وعموما، هناك اتجاه عالمى جديد فى كل المجالات نحو ما يسمى "بخبرة الشباب"، إذ لم يعد الشباب مجرد متلقين، وإنما قد يكونون محظوظين أن يحصلوا على خبرة من سبقوهم، ويجتهدوا فى الإضافة إليها، وإعادة تقديمها برؤيتهم الخاصة، وهذا بالضبط ما أحاول فعله. كيف كان صدى خبر اختيارك فى مجال عملك فى الوسط النقدى والصحفى؟ اعترف أننى سعدت بردود أفعال أساتذتى وزملائى من النقاد والصحفيين، حيث شعرت بمدى وصدق فرحتهم، مثل الأساتذة سمير فريد ويوسف شريف رزق الله وأحمد صالح وطارق الشناوى وناهد عز العرب ونعمة الله حسين، ومن زملائى الناقد والمخرج أحمد عاطف، حيث أبدوا جميعا ثقتهم فىّ مؤكدين: "اختيارك اختيار لينا كلنا". وهو ما أفخر به بحق. عادة ما يمثل مهرجان كان المحطة الأخيرة التى يسعى كل من يعمل فى المجال السينمائى للوصول إليها. فماذا تمثل لك وهى تأتى فى مرحلة مبكرة من مشوارك الفنى؟ أعتبر نفسى محظوظا بالحصول على هذه الفرصة. وهى مكافأة كبيرة بالنسبة لى على حبى للسينما وحبى للنقد وفخرى بانتمائى لهما. أنا فى منتهى السعادة أن هذه الخطوة جاءت مبكرة فى مشوارى المهنى لتعطينى دفعة إلى الأمام فى الطريق الذى اخترته. "ويكفى إن حد ما يعرفكش غير من خلال شغلك ويختارك.. ده كأنه بيقولك برافو".