أرغمت الأزمة المالية اليونانية دول منطقة اليورو على اعتماد تغييرات جذرية، فى طليعتها إنشاء صندوق نقد خاص بها وإقرار أسس نظام جديد لضبط المالية العامة، غير أن العقبات تبقى كثيرة قبل التوصل إلى قيام حكومة اقتصادية حقيقية. وأعلن رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو الأربعاء "أن على الدول الأعضاء أن تتحلى بالشجاعة لتقول إنها تريد اتحادا اقتصاديا ونقديا أو لا..إنها تقول لا منذ عشرين سنة، لكن الأزمة التى اندلعت بسبب الوضع المدمر للحسابات العامة فى اليونان، استدعت التشديد على عدم انضباط الموازنات فى عدد منها وجعلت من منطقة اليورو أكثر هشاشة مما كانت على الإطلاق". وبصورة عاجلة، وضع الاتحاد بشكل من الأشكال صندوق نقد إقليميا للتمكن من الاضطلاع بدور الإطفائى لمصلحة الدول التى تواجه صعوبات. وقد وضع فى تصرف دول منطقة اليورو حوالى 500 مليار يورو من ضمانات القروض مرفقة ب250 مليار يورو على الأقل من صندوق النقد الدولى، وعرضت المفوضية هذا الأسبوع إجراء رقابة مسبقة على مشاريع الموازنات الوطنية وطلبت مجموعة واسعة جدا من العقوبات للدول المفرطة فى التساهل. وهى مبادرة أثارت المشاعر السيادية بما فى ذلك لدى الأنصار الأكثر حماسة للاندماج الأوروبى. وقال باروزو "إن السياسة الاقتصادية لدولة ما ليست مسألة وطنية وحسب، إنها مسالة اهتمام مشترك"، إلا أن المفوضية الأوروبية لم تجرؤ على مجاراة رئيس صندوق النقد الدولى الفرنسى دومينيك ستروس-كان الذى اقترح على الهيئة التنفيذية فى الاتحاد عمليات "تحويل موازنات فى ما بين الدول الأوروبية"، وهذا ما سيؤدى إلى دفع أوروبا فى اتجاه الاتحاد المالى الذى يرغب فيه أكثر دعاة الاتحادية، مثل رئيس الحكومة الفرنسية السابق، وأزمة الثقة تحمل فى طياتها "عدوى" بسبب حجم العجز فى الاتحاد الأوروبي، كما حذر فى بروكسل مدير صندوق النقد الدولى لأوروبا رئيس الوزراء البولندى السابق ماريك بيلكا المنخرط جدا فى خطة إنقاذ اقتصاديات منطقة اليورو. وتتبنى الحكومات، الواحدة تلو الأخرى، إجراءات تقشف وتستعد لتوترات اجتماعية. بدءا بأسبانيا والبرتغال، الدولتين اللتين يتولى الاشتراكيون فيهما السلطة، وأعلنت الأولى خفضا فى رواتب الموظفين وتجميدا فى معاشات التقاعد، والثانية خفضا متزايدا للنفقات العامة، ويرى الاتحاد النقابى الأوروبى فى ذلك خطر "انزلاق الاقتصاد فى انكماش طويل الأمد يؤدى هكذا إلى زيادة خطيرة فى معدل البطالة"، إلا أن الضائقة المالية لم تردع استونيا، حيث حصلت هذا الأسبوع على الضوء الأخضر لتصبح الدولة السابعة عشرة فى منطقة اليورو فى الأول من يناير 2011، قبل توقف التوسيع حتى 2014.