من المعروف أن البدايات تؤدى إلى النتائج فإذا كانت البداية والأساس صحيحًا وسليمًا لا يشوبه شبه نقص أو عيب أو إهمال أدى بالتالى إلى نتائج جيدة وملموسة أما إذا كان العكس فسيؤدى إلى نتائج بالطبع مخيبة للآمال. ونتيجة الثانوية الأزهرية الأخيرة خير دليل على ذلك. فأن تكون نسبة النجاج 28% أى ما يقل عن الثلث فهذه مشكلة كبيرة أو بالأحرى هى مصيبة كبيرة تستدعى من المسئولين عن التعليم الأزهرى وقفة جادة لمحاسبة المقصرين والمسئولين عن هذه النتيجة المخيبة للآمال ففى الوقت الذى ينادى فيه الكثيرون بضرورة إصلاح التعليم الأزهرى تصدمنا هذه النتيجة والتى هى تعد السابقة الأولى فى تاريخ الأزهر الشريف. أن تكون نسبة النجاح بهذا الشكل يجعلنا متأكدين أن هناك كثيرًا من طلاب الثانوية الأزهرية لا يجيدون القراءة والكتابة بشكل جيد وهذا أمر لابد من مراجعته والوقوف عليه من الآن وحتى لا تلحق الأجيال القادمة من التلاميذ بمن سبقهم. سيقول البعض وبالأخص المسئولين فى التعليم الإعدادى والثانوى الأزهرى (مدراء مدارس – موجهين – مدرسين) أن ما حدث مسئولية التعليم الابتدائى وأن التلاميذ تخرج من المرحلة الابتدائية لا تجيد القراءة والكتابة بشكل جيد وأن التعليم ما بعد الابتدائى ليس مطالبًا بأن يدرس مناهج الإعدادى والثانوى وفى نفس الوقت يعلم التلاميذ المهارت الأساسية والتى كان لابد للتعليم الابتدائى من إكسابها للتلميذ. فى رأيى هذا دفن رأس فى الرمال مثل النعام لأن المنظومة بالكامل متصلة ببعضها وليست مجزئة فالتعليم كما هو معروف تراكمى وليس جزءًا بجزء وما هو تالى يلغى ما سابق فهو بناء فوق ما هو موجود وأن المسئولين فى مرحلة تعليمية معينة لهم حق مساءلة وتقييم من هم فى مراحل تعليمية أخرى فأين هم مما حدث. الأمر الآخر والذى يجب أن يلتفت إليه المسئولون أن التعليم الأزهرى بنظامه الحالى لا يعطى المتفوق والمجتهد حقه من التكريم والتقدير بل فى أحيان كثيرة يساوى ما بين المجتهد والمهمل فعلى سبيل المثال لا يوجد بعد المرحلة الإعدادية فى التعليم الأزهرى تعليم فنى لمن حصلوا على مجموع درجات ضعيف لا يؤهلهم لدخول المرحلة الثانوية فنجد أن كل التلاميذ بعد اجتياز الإعدادية الأزهرية يلتحقون بالمرحلة الثانوية مباشرة وكأن المرحلة الإعدادية مرحلة نقل وليست شهادة وعلى هذا تجد تلميذًا حاصلًا على 50% أو ناجحًا فى الدور الثانى فى المرحلة الإعدادية يجلس بجوار تلميذ حاصل على مجموع كبير فهذا بالتالى يؤثر على نفسية واجتهاد التلميذ المتفوق لأنه لا يشعر بأى تقدير أو فرق بينه وبين غيره من زملائه الذين لم يجتهدوا بقدر اجتهاده. الأدهى ما بعد المرحلة الثانوية أن التعليم الأزهرى يؤهلك لدخول كليات مهما كان مجموع درجاتك حتى وإن كنت ناجحًا من الدور الثانى وهذا أيضًا يمثل إهدارًا لحق من اجتهد وتساويه بمن لم يجهد نفسه طوال العام والذى لم يجد داعيًا لأن يرهق نفسه بالمذاكرة لأنه متأكد من أنه سيلتحق بكلية سواء حصل على مجموع كبير أو لم يحدث. أدعو الله سبحانه وتعالى أن يكون ما حدث هو جرس الإنذار الذى كنا ننتظره لإصلاح منظومة التعليم الأزهرى وأن تكون الخطوات القادمة للإصلاح حاسمة حتى لا ياتى علينا يوم لا نجد فيه من يلحق أبناءه بالتعليم الأزهرى من الأساس.