حمل خبراء ومثقفون الحكومة المصرية مسئولية تصاعد الأزمة مع دول حوض النيل، وطالبوا بالمسارعة إلى تحويل منطقة حوض النيل إلى منظمة إقليمية تقوم على التنمية المتكاملة وتتبادل دولها المنافع على مختلف المستويات خاصة الاإقتصادية، محذرين من أن التباطؤ فى تحقيق ذلك من شأنه تهديد وجود الدولة المصرية وأمنها القومى والمائى. وقال حلمى شعراوى مدير مركز البحوث العربية والإفريقية حسب موقع "أفريقيا اليوم" فى ندوة حول أزمة مياه النيل، أن فترة الستينيات شهدت اقترابا حقيقيا وجادا من قبل مصر تجاه محيطها الأفريقى منتقدا ما حدث فى الفترات التالية من تقارب مع الولاياتالمتحدة وإسرائيل على حساب العلاقات مع القارة الأفريقية وتحت دعاوى مساندة الولاياتالمتحدة فى مطاردتها للوجود الشيوعى فى القارة . ودعا شعراوى إلى الاهتمام بدول مثل أثيوبيا وأريتريا وغيرها من دول القارة فى مناهج التعليم مشيرا إلى أن مصر ترتبط بمصير مشترك مع هذه الدول، مشيرا إلى ضرورة أن تسارع مصر إلى التحرك فى منطقة الحوض وتحويلها إلى تجمع إقليمى يقوم على التنمية المتكاملة فى الاستثمارات والأحواض وتشجيع المستثمرين العرب على إقامة المشروعات فى تلك المنطقة لزيادة التواجد العربى بها. وشن السيد فليفل العميد السابق لمعهد الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة هجوما حادا على ما وصفه بالخلل فى إدارة الحكومات المصرية لملف العلاقات مع دول حوض النيل وقال إن مصر من أكثر دول العالم تقدما فى مجال السيطرة على الأنهار وأنها كان يجب عليها أن تسعى لإفادة بقية دول الحوض فى هذا الشأن، مشيرا إلى أن السياسات الحكومية أدت إلى تقزيم دور مصر وتقليصه فى محيطها الأفريقى والعربى. وقال فليفل إن الاتفاقيات الخاصة بمياه نهر النيل تنقسم إلى اتفاقيات أبرمت فى عهد الاستعمار وهى الخاصة بترسيم وتقسيم الحدود بين دول المنطقة مثل اتفاقية 1891 واتفاقيات عقدتها مصر بصفتها دولة مستقلة بشكل ثنائى مع دول أفريقية مستقلة أيضا ومنها اتفاقية عام 1929 والاتفاق مع أوغندا عام 1990 ومع الكونغو 1991 ومع أثيوبيا 1993 مشيرا إلى أن جميع هذه الاتفاقيات ملزمة لأطرافها بحسب القانون الدولى، وأن مبررات التراجع عنها بدعوى توقيع غالبيتها أيام الاستعمار غير صحيحة. من جانبه أكد السفير محمد رفاعة مساعد وزير الخارجية السابق الطهطاوى عضو مجلس الشئون الخارجية أن الاتفاقيات الموقعة مع دول حوض النيل ملزمة قانونا، لافتا إلى أن هناك فارقا فى الوضع الراهن خاصة "إذا كانت القوة غير مصاحبة للحقوق القانونية"، مؤكدا أن هناك دورا خارجيا واضحا وكبيرا فى حوض النيل وقال إنه ليس من قبيل المصادفة أن الدور الأكبر فى تلك المنطقة هو للبنك الدولى الذى يعد فى النهاية "مؤسسة أمريكية". ولفت هانى رسلان رئيس وحدة دراسات السودان بمركز الأهرام للدرسات السياسية والإستراتيجية إلى أن نصيب المواطن المصرى من المياه آخذ فى التناقص ومهدد بالانزلاق إلى حيز الفقر المائى مشيرا إلى أن مصر مهددة بالعجز الشديد فى المياه فى عام 2017 حيث ستكون الاحتياجات نحو 86 مليار متر مكعب من المياه فيما لن يزيد المتوفر منها عن 71 مليار. وانتقد رسلان دعاوى دول منابع حوض النيل بضرورة وجود عدالة فى توزيع المياه وقال إن دولة مثل مصر تعتمد على مياه النيل فى تغطية نحو 95% من احتياجاتها، فيما لا تحتاجه مناطق أخرى لاعتمادها على مياه الأمطار، مضيفا أن دول المنابع تتحدث عن توزيع المياه فى مجرى النيل رغم أن هناك كميات هائلة من الأمطار تسقط على دول المنابع ولا تصل مصر والسودان منها معا سوى 5% من هذه الكميات، محذرا من انتشار دعاوى "بيع مياه النيل" التى تروج لها بعض دول المنابع بدعم خارجى مشيرا إلى أن نهر النيل يعد من أكثر أنهار العالم شحا فى المياه ، مؤكدا ضرورة أن ترفض مصر ذلك وأن ترفض أيضا نقل المياه إلى خارج دول الحوض.