هل يعنى إعادة انتخاب عمر البشير رئيسا للسودان عودة لتأهله على الساحة الدولية، خاصة فى ظل تعرضه لمذكرة إيقاف دولية بتهمة ارتكابه لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، يبدو الأمر صعبا، كما ترى صحيفة "لوموند" التى طرحت عدة تساؤلات تتصور من خلالها الوضع بعد وصول البشير من جديد إلى رئاسة السودان. أشارت الصحيفة إلى أن البشير كان يأمل فى أن تعمل إعادة انتخابه على التسريع من عملية انتقال صورته كضابط سابق وصل إلى السلطة فى انقلاب 1989 إلى رئيس شرعى لدولة سودانية جديدة، إلا أن هذا الأمر قد يبدو صعبا الآن، فبعد أن قام عمر البشير بتظيم حركة مقاومة بمساعدة الاتحاد الأفريقى والجامعة العربية وبعض الدول الصديقة ضد مذكرة التوقيف الدولية الصادرة بحقه من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكابه جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب فى دارفور، ترفض اليوم بعض الدول المشاركة فى دعمه مثل بوتسوانا وأوغندا، بالإضافة إلى أن البشير قد بات مصدرا للحرج بالنسبة لجامعة الدول العربية والدول الصديقة، وأصبحت المساندة التى كان يعتمد عليها مهددة بالانهيار. وترى الصحيفة أن الرئيس السودانى كان يعتمد على انتخابه لتعزيز وضعه على رأس البلاد، ومع ذلك حتى إذا استمر فى الحصول على دعم الجيش ودوائر الأعمال النابعة من الحركة الإسلامية، فهو يواجه اليوم معارضة من بعض قادة الحزب الحاكم وبعض أجهزة الاستخبارات، وبالتالى فمن المرجح أنه سيمر بمرحلة جديدة صعبة مع اقتراب الموعد النهائى لاستفتاء تقرير المصير فى جنوب السودان فى 2011. تشير الصحيفة إلى أنه من المقرر إجراء هذا الاستفتاء بموجب اتفاق السلام الشامل الموقع بين الشمال والجنوب فى 2005، وأن أكثر من 90 ٪ من الجنوبيين يريدون الانفصال، وفقا لاستطلاع للرأى أجراه المعهد الوطنى الديمقراطى، ولكن على الرغم من أن البشير كرر عدة مرات خلال الأشهر الأخيرة أنه لن يعارض الانفصال، إلا أن عدة اتجاهات داخل الحكومة تعتبر الاحتفاظ بالجنوب أمرا حيويا، لاسيما وأنه يضم معظم الاحتياطيات النفطية للبلاد. وتعتقد الصحيفة أن احتمال معارضة قادة الشمال لنتائج استفتاء تقرير المصير فى الجنوب قد يدفع المتمردين السابقين فى الجنوب لإعلان الاستقلال من جانب واحد، مما قد يشعل نيران الحرب من جديد، ولذلك يناقش قادة الشمال والجنوب، بشكل موازى شروط الانفصال على نحو سلس وهادئ، حيث يمكن تصدير النفط من الجنوب من خلال خط أنابيب الشمال، ويمكن للخرطوم الحصول على عائدات من هذا الأمر.