منذ كنتُ صغيرًة، كنت أراقب القمر فى ليالى ظهوره بدرًا وأتأمل نوره وشكله طويلًا، كنت أرى وجهًا مرسومًا عليه دائمًا، حتى ظننت أنه كائن حى يراقبنا من السماء، كنت فى بعض الأحيان أراه حزينًا، يبكى...فأحزن وأتحدث اليه..لا تحزن يا قمر لا تبكى أنا هنا! وفى بعض الأحيان أراه مبتسمًا ابتسامة مريحة كأنما يقول لى اطمئنى..لا بأس لا أعرف هل كانت رؤيتى تعكس حالتى النفسية..أم كان القمر يبكى ويضحك على حال البشر فى الأرض..كبرت وتعلمت فى مدرستى أن القمر ما هو إلا حجر يستمد نوره من الشمس.. وهو فى الأصل معتم لا حياة فيه صُدِمت ! لا يمكن أن يكون القمر حجر ولا يمكن أن يكون الوجه المرسوم هو مجرد مناطق مظلمة من القمر.. إنه يشعر ويضحك ويبكى ! تمسكت برأيى.. ولكنى مع الوقت تأكدت مما كان يُقال القمر حجر معتم لا حياة فيه.. ولكنى تعلمت أيضًا أن ليس ك ما هو ظاهر ومنير هو من داخله حى.. تمامًا كالبشر لا يمكن أن تحكم على الشخص من غلافه.. إن ما يُظهره لك مجرد قشرة إن مُحيت ظهر لك الكثير مما لا تتوقعه قد يكون حيًا، يضحك، يبكى، يتحدث، ولكن بداخله ميت وعكس ما يُظهر للناس فى كل شىء وأيضا ليس كل ما هو معتم ميت، فالقمر بالنسبة لى حى وأخيرًا.. تعلمت أن رؤية الإنسان تعكس نفسه الداخلية إن رأى الجمال.. فهو من داخله جميل وإن رأى العتمة والظلام..فكذلك نفسه..فحياة الإنسان هى انعكاس لذاته ملحوظة: مازلت أرى الوجوه مرسومة على القمر!