حاكم كاليفورنيا: ترامب يعتزم نشر ألفي جندي إضافي بلوس أنجلوس    الأرصاد: ارتفاع درجات الحرارة على أغلب مناطق الجمهورية حتى منتصف الأسبوع المقبل    السياحة: عودة تدريجية لحجاج السياحة من السعودية بعد أداء المناسك بنجاح    ب83 مليون جنيه.. فيلم المشروع X يدخل قائمة الأفلام الأعلى إيرادا في تاريخ السينما المصري    رابطة الأندية تُخطر سيراميكا والبنك الأهلي باللجوء لوقت إضافي حال التعادل في نهائي كأس العاصمة    عقب عيد الأضحى.. أسعار الأسماك بكفر الشيخ اليوم بالأسواق    "فيفا" يعاين تجهيزات الأهلي قبل انطلاق مونديال الأندية.. و"المارد الأحمر" يواجه ميسي في الافتتاح    رابط نتيجة الابتدائية والإعدادية برقم الجلوس على بوابة الأزهر الإلكترونية    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في تصفيات كأس العالم 2026    وزير الري يشيد بجهود العاملين خلال عطلة عيد الأضحى    استشهاد 4 مسعفين برصاص الاحتلال أثناء تأديهم واجبهم الإنساني في حي التفاح بغزة    الدفاع الروسية: اعتراض وتدمير 102 طائرة مسيرة أوكرانية خلال فترة الليل    وزيرة إسبانية تدين اختطاف السفينة مادلين : يتطلب رد أوروبى حازم    مستوطنون يقتحمون باحات "الأقصى" بحماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي    كندا تتعهد برفع الإنفاق الدفاعي إلى 2% من الناتج المحلي استجابة لضغوط "الناتو"    لبنان: استشهاد لبناني ونجله فى غارة إسرائيلية على شبعا    فتح باب التقديم لوظيفة مدير عام المجازر والصحة العامة بمديرية الطب البيطري بالغربية (الشروط)    الرئيس السيسي يوقع تعديل بعض أحكام قانون مجلس النواب    انخفاض سعر الريال السعودي أمام الجنيه في 4 بنوك اليوم    الدبيس: أتمنى المشاركة أساسيا مع الأهلي في كأس العالم للأندية    حسام عبد المجيد يخطر الزمالك بالاحتراف والنادى يخطط لمنع انتقاله للأهلى    مباريات اليوم.. ختام المرحلة الثالثة بتصفيات آسيا للمونديال    إمام عاشور: الأهلي غيّرني    ارتفاع الأسهم العالمية والدولار مع تقدم المحادثات التجارية بين أمريكا والصين    لا تهاون مع التعديات.. إزالة فورية لبناء مخالف بدندرة    وزير المالية يوجه بتسهيل الإجراءات الجمركية لضيوف الرحمن    كوارث الانقلاب اليومية ..إصابة 33 شخصا بتسمم غذائي بالمنيا وسقوط تروسيكل فى مياه النيل بأسيوط    ضبط 8 ملايين جنيه من تجار العملة في 24 ساعة    حريق محدود في مخزن مواد غذائية بقسم أول سوهاج دون إصابات    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 2200 قضية «سرقة كهرباء وظواهر سلبية» خلال 24 ساعة    وزير الإسكان يتابع مشروعات المرافق الجاري تنفيذها بالعبور الجديدة    بعد حفل زفافها باليونان.. أمينة خليل تتصدر التريند    في أولي حفلاته بعد الحج.. أحمد سعد يوجه رسالة لجمهوره| صور    10 يوليو.. بتر شو Better Show يعود بعرض "السنجة" على مسرح نهاد صليحة    اعلام إسرائيلي: ناشطو السفينة مادلين قيد الاعتقال في سجن الرملة    التضامن: فريق التدخل السريع تعامل مع 561 بلاغا خلال شهر مايو    رئيس صندوق المأذونين الشرعيين يفجر مفاجأة حول زواج المصابين بمتلازمة داون    حِجر إسماعيل..نصف دائرة في الحرم تسكنها بركة النبوة وذاكرة السماء    الصحة: استحداث خدمات نوعية بمستشفيات التأمين الصحي آخر 10 سنوات    انتشار سريع وتحذيرات دولية.. ماذا تعرف عن متحور "نيمبوس"؟|فيديو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في محافظة قنا    حكم توزيع لحوم الأضاحي بعد العيد وأيام التشريق؟.. أمين الفتوى يوضح    أسعار اللحوم البلدي والكندوز اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    فنان العرب محمد عبده والمايسترو هاني فرحات يحطمان الأرقام القياسية في حفلات عيد الأضحي 2025    حبس وغرامة، عقوبة استخدام حساب خاص بهدف ارتكاب جريمة فى القانون    تحذير عاجل من عبوات "باراسيتامول" بالأسواق، وهيئة الأدوية البريطانية: فيها تلوث قاتل    استقرار سعر الذهب اليوم وعيار 21 يسجل 4675 جنيها    القبض على صاحب مطعم شهير بالمنيا بعد تسمم أكثر من 40 شخصًا    خاص| الدبيكي: نعمل على صياغة اتفاقية دولية لحماية العاملين من المخاطر البيولوجية    الخارجية الإيرانية: الجولة المقبلة من المحادثات مع واشنطن تُعقد الأحد في سلطنة عُمان    يوميات أسبوع نكسة 1967 في حياة طبيب شاب    وفد من أمانة حزب مستقبل وطن بالدقهلية يقدم العزاء لأسرة البطل خالد شوقي عبدالعال    صحة سوهاج: 560 جلسة علاج طبيعي لمرضى الغسيل الكلوي خلال أيام عيد الأضحى    رافاييل فيكي يدخل دائرة ترشيحات الزمالك لتولي القيادة الفنية    ما حكم الشرع في بيع لحوم الأضاحي.. دار الإفتاء توضح    أجواء مشحونة بالشائعات.. حظ برج الدلو اليوم 10 يونيو    خط دفاع تحميك من سرطان القولون.. 5 أطعمة غنية بالألياف أبرزها التفاح    استقبال 13108 حالة طوارئ بالمستشفيات خلال عيد الأضحى بالمنوفية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الله يرحم أيام اللحمة
نشر في اليوم السابع يوم 30 - 04 - 2010

أعترف أنى "نقيت" على نفسى بل وعلى الكثيرين أمثالى، كان ذلك من شهور عدة، وكان سعر كيلو اللحم لا يزال فى متناول اليد، قلتُ وأنا أتضاحك مع ابن عم لى: يعنى لما قدرنا نأكل لحمة بقى عندنا قولون ولازم نعمل حساب الكلسترول، ونأخذ بالنا من الوزن الزائد، قال ابن عمى مغاضباً: ليه وهل كنا لا نأكل اللحمة من قبل؟
تذكرت بيت عمى الذى كفلنى صغيراً، رحمه الله وأرضاه، وقد كان فيه حجرة لتموين البيت، فيها أجولة البطاطس والدقيق والبصل، وشكائر السكر والأرز والعدس، وكانت ربطات الثوم الكبيرة تنتشر على مناور البيت وسلالمه، وكانت أفراخ الدجاج تحدث جلبة صباحية حين تطلع إليها زوجة عمى فكأنها بين أبنائها وبناتها يقبلون عليها ويتحلقون حولها حين تجلس بينهم ويأكلون من يدها حبات الذرة، وكانت تكفينا حاجتنا من البيض واللحم على مدار الشهر، وكانت اللحمة تزور بيتنا كل أسبوع مرة، أو كلما جاءنا ضيف قريب أو نسيب أو مُصاهر..
وكان من آداب بيتنا أننا لا نأكل اللحم إلا فى الآخر، ولم أكتشف ذلك إلا حين دعيت صغيراً إلى بيت من بيوت أقاربى وتركت قطعة اللحم التى أعطيتها حتى أكمل أكلى وآكلها فى آخر طعامى، فلما سألنى مضيفى عن السبب فى تأخير أكل اللحم حرت جواباً، ومن يومها كنت أبادر بأكل اللحم حين توضع أمامى.
كنا نذهب إلى دكان فى أقصى المدينة الصغيرة نشترى منه جوال دقيق، وكنت أفرح حين يصطحبونى معهم فى تلك الرحلة الشهرية إلى دكان الدقيق، كان بيتنا من البيوت التى تعتمد على نفسها فى لقمة العيش، نأكل الخبز من عمل أيدينا، نعجنه ونخبزه فى البيت فى فرن بلدى بنيناه فوق سطوح البيت ذى الطابق الواحد فى تلك الفترة الباكرة من عمرنا، ولما تعبت ربة البيت وعميدته، ولم تعد صحتها تطيق كل هذا الجهد اضطررنا إلى عجن الدقيق فى البيت ثم نذهب به إلى الفرن القريب من بيتنا.
كان فرنا بلديا ولم تكن مهمته قاصرة على خبز العيش وفقط، بل كنا نستخدمه فى إنضاج صوانى متعددة الوصفات والمحتويات، وكان لى فى هذه المهمة شأن كبير، كنت أنا من يذهب إلى المخبز ومعى الصينية أو الطاجن المطلوب إنضاجه وأنتظره حتى يستوى وأحمله ساخناً إلى البيت وبطنى تصرخ من شدة الرغبة فى المشاركة فى التهام محتوياته.
وكنت أنا أيضاً أكثر من يطلب منهم أن يستقدموا طاولات الخبز لكى يملأها أهل البيت بأقراص الدقيق المعجون، ثم أصاحب الفران وهو ينقلها إلى المخبز، وكنت أنا من يحمل معه الأمر المباشر بالعدد المطلوب من الخبز الطرى والعدد المطلوب من الخبز المحمص المقبب، وكان هذا هو خبزى الذى أفضله، فكنت أبدل العدد المطلوب من الخبز الناشف فأزيده، وإذا تكلموا معى كنت أتحجج بأنى نسيت، حتى فطن من فى البيت جميعاً إلى حيلتى وتركونى أفعلها كل مرة، وهم يتضاحكون على فعلتى الصغيرة.
كان الخبز يأتينا طازجاً لا تشوبه شائبة وليس فيه حصى، ولا يعيبه ما يعيب لقمة العيش التى نأكلها اليوم كأنها مخبوزة فى فم كلب، وكان يوم الخبيز عيد لنا ونحن أطفال، وكان فيه العديد من الفطائر، بعضها بدقيق الذرة، ولا زلت أحتفظ فى ذاكرتى التذوقية بطعمه المميز، وكان طعمه لذيذاً، وما زلت أذكر كيف كنا نلتهم فطيرة الذرة مع طبق العسل الأسود بالطحينة فى يوم الخبيز فى بيتنا.
وكنت أنا أيضا من يذهب فى الغالب إلى السرجة البعيدة عن منزلنا لأشترى ملء طبق من العسل الأسود بقرش صاغ ومعه طحينة بتعريفة، وكانت هذه المشاوير تنتشلنى من الانكباب المتواصل على المذاكرة لنفسى أو لمن هم أصغر منى ممن هم فى البيت من أبناء عمى وبناته أو من أبناء الجيران وبناتهن، وكنت أفضل تلك المشاوير على كل ذلك، رغم أنى كنت أقطع فى بعض هذه المشاوير مسافة كيلو مترين أو ثلاثة فى بعض الأحيان.
نسيت أن أعترف لكم أن بيتنا هذا كان من البيوت المستورة، ولم يكن له دخل غير ما يقبضه العم من جنيهات قليلة لا تزيد عن عشرين جنيها بأى حال من الأحوال، وحين عمل ابن عمى الكبير فى السد العالى زاد دخل هذا البيت كثيراً، وأحسسنا كأننا انتقلنا نقلة طبقية كبيرة، حين كان يشارك ببعض مرتبه فى ميزانية البيت الكبير، ولم يكن مرتبه ساعتئذ يزيد عن سبعة عشر جنيها هى مرتب خريج الجامعة وقتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.