تقدم النائب الدكتور حمدى حسن باستجواب إلى رئيس الوزراء ووزير المالية حول ما تتخذه الحكومة من سياسات ضريبية من شأنها الإضرار الشديد بالمواطن المصرى وزيادة معاناته ونتج عنها زيادة عدد الفقراء فى البلاد. أشار النائب إلى أنه فى المقابل تمت محاباة شركات بعض الشخصيات المشهورة من رجال الأعمال وبعض المسئولين بعدم تطبيق قانون الضرائب الموحد عليها، مما أدى لإفلاتها من سداد الضرائب المستحقة عليها، وهى إحدى صور إهدار المال العام، مما تسبب فى كوارث حياتية يومية للمواطنين عجزت الحكومة بفساد سياساتها عن مواجهتها، وهو الأمر الذى يؤدى بالتأكيد إلى تهديد خطير للأمن والسلم الاجتماعى. أكد النائب أن الحكومة أفسدت الحياة الضريبية ولم تنتهج سياسة ضريبية عادلة بين المواطنين، مما له تأثيراته الخطيرة على أمن وسلامة المجتمع، وكشف النائب أنه منذ تولى وزير المالية الحالى وزارة المالية عام 2004 زادت حصيلة الضرائب بنسبة حوالى 250% تحمل المواطن العادى منها حوالى 60%، نتيجة ضرائب المبيعات والجمارك ومرتبات الموظفين، وهى النسبة التى أدت إلى مضاعفة عدد الفقراء فى مصر. وأضاف أن هناك فرقا بين من يدفع الضرائب ومن يتحمل عبئها، والمتابع لأرقام وزارة المالية عن حصيلة الضرائب يجد أن المواطن المصرى هو الذى يتحمل وبشكل مباشر حصيلة الضرائب يومياً وبصفة منتظمة ممثلة فى الجزء الأكبر منها، وهى ضريبة المبيعات على كل ما يشتريه أو يقدم إليه وأيضا الضريبة الجمركية ثم ضريبة المرتبات. وأشار إلى أن بعض الشركات التى بلغت أرباحها مليارات أو ملايين الجنيهات لم تسدد سوى 8% فى المتوسط وبعضها سدد 0.5% فقط من الضرائب المستحقة عليها وفقا للقانون، بينما الموظفون الفقراء يسددون ضرائبهم كاملة من المنبع وقبل تسلم مرتباتهم، بل إن بعض الشركات تحصل على دعم من صندوق الصادرات يبلغ أربعة أضعاف ما هو مستحق عليه من ضرائب، أى أن كل جنيه يدفعه لخزانة الدولة يأخذ مقابله ثلاثة جنيهات دعم، بل إن بعض الشركات فى المناطق الحرة التى ارتضت أن تعمل خارج المنظومة الضريبية تحصل أيضا على دعم من صندوق الصادرات!، أكد النائب أن هذا فساد يستوجب مسائلة ليست سياسية فقط، بل وجنائية، وأيضا التلاعب بالمال العام واعتباره مال "سايب". وأوضح الاستجواب أنه نتيجة للسياسة الاقتصادية والضريبية الخاطئة التى تنتهجها الحكومة استطاعت العديد من شركات القطاع الخاص أن تحقق عائداً يبلغ 250% من رأس المال خلال عام واحد فقط، مما يدل على أن الحكومة باعت المواطنين طواعية لهذه الشركات ولم تحم حقوقهم كمستهلكين وهو ما يفسر لنا الارتفاع غير المبرر والمتتالى لأسعار عديد من السلع فى مصر، بينما أسعارها عالميا ثابتة أحيانا أو تنخفض أحيانا أخرى فى مفارقة تبين مدى فساد السياسات التى تتخذها الحكومة التى صدعت رؤوسنا بشعار "من أجلك أنت"، ويبدو أنها كانت تستهدف المواطن المصرى لتقدمه قربانا على طبق من ذهب لبعض الفاسدين الباحثين عن الإثراء السريع والحرام. كشف النائب عن وجود تحالف فاسد بين مصلحة الضرائب ورجال الأعمال ضد الموظفين والعمال ففى الوقت الذى زادت فيه نسبة تحصيل الضرائب من رجال الأعمال بنسبة 50% خلال 7 سنوات كانت نسبة الزيادة من الموظفين والمستهلكين 100% خلال 3 سنوات فقط، وتضاعفت ضريبة المبيعات أيضا 100% خلال 4 سنوات، مما يدلل مرة أخرى على مدى العبء الملقى على المواطنين والموظفين، ورغم ذلك لا يحصل هؤلاء على خدمة جيدة، مشيرا إلى انتشار طوابير للخبز وأخرى للبوتاجاز وثالثة للبنزين وتعليم منهار وخدمة صحية سيئة وماء للشرب مخلوط بالصرف الصحى ومزروعات ملوثة. أضاف النائب أن الأمثلة التى تتحدث وتدلل على فساد الزواج بين السلطة والمال الذى انتهجته حكومة الحزب الوطنى لا تعد ولا تحصى، وقد نتج عنها حياة ضريبية مشوهة يتحمل نتيجتها المواطن المصرى البسيط الذى يتضاعف فقره ولا يدرك قوت يومه إلا بعمل شاق يتعدى 18 ساعة يوميا. واستشهد النائب بما ورد من بيانات فى تقرير لجنة الخطة والموازنة عن العام المالى 2008/2009، فيما يخص العوائد الضريبية الذى يؤكد غياب العدالة الضريبية، حيث ذكر أن ما دفعه الموظفون من ضرائب بلغ 9.1 مليار جنيه، بينما ما دفعته شركات الأموال للقطاع الخاص بلغ 14.3 مليار جنيه فقط، وبما يعنى أن الموظفين دفعوا نحو 65%، مما دفعته شركات الأموال للقطاع الخاص، على الرغم من المزايا التى حصلت عليها هذه الشركات على مدار ثلاثة عقود ماضية. كما ذكر أن الزيادة الحقيقية والملموسة فى ضرائب الشركات عموماً، منذ تطبيق قانون الضرائب 91 لسنة 2005، لم تتحقق إلا من خلال هيئتى البترول وقناة السويس، حيث حققتا 34.1 مليار جنيه، 10.3 مليار جنيه على التوالى. وهنا تظهر الصورة بوضوح من أن الترويج بزيادة العوائد الضريبية منذ تطبيق القانون، تنقصه الشفافية، ويعد نوعاً من الدجل السياسى، لأن الترويج يتم على أساس أن الزيادة تحققت من خلال جهود وزارة المالية أو حصة شركات القطاع الخاص. أشار الاستجواب إلى أنه فى الوقت الذى بلغت فيه مساهمة شركات الأموال من القطاع الخاص نحو 14.3 مليار جنيه، نجد الصريبة العامة للمبيعات تصل لنحو 26.8 مليار جنيه، أى بما يقارب من ضعف مساهمة شركات أموال القطاع الخاص، لافتا إلى أن الضريبة العامة على المبيعات يتحمل الجزء الأكبر منها الفقراء، حيث إن ميلهم الاستهلاكى أكبر من الأغنياء، من أجل تلبية احتياجاتهم الأساسية. وحذر الاستجواب من أن عدم انتهاج سياسة ضريبية عادلة تصاعدية سيؤدى بالتأكيد إلى كوارث حتمية، كما أن استبعاد تحصيل الضرائب على معاملات البورصة من قانون الضرائب الموحد عند إقراره فتح بوابة قانونية رسمية للاستحواذات وإنشاء احتكارات جديدة نتج عنها أرباحا رأسمالية بلا حدود دون سداد أى حق للخزانة العامة، بل إن كثيرا من المستثمرين ورجال الأعمال يستخدمون الآن سوق المال للهروب من سداد الضرائب وهى بالملايين أو بالمليارات. وأكد النائب أن الجميع يعلم الآن أن المضاربات فى البورصة وتسقيع الأراضى تعود بأرباح أضعاف مضاعفة فى وقت قصير ودون جهد يذكر يعجز أى مستثمر فى مجال الصناعة أو الزراعة عن تحقيقها، وبالتالى فإن هذا الطريق يدمر التنمية الحقيقية التى ينشدها ويحتاجها مجتمعنا بينما الحكومة لاهية ومهتمة كيف تتابع الموظف الصغير لتحصل منه قروش معدودة من أجر معدوم يتسلمه أول كل شهر وتذكره ليلا ونهارا بشعارها الخادع "من أجلك أنت". واختتم النائب استجوابه قائلا إن الحكومة ووزارة المالية توغلتا فى فرض الضرائب على المواطنين، حتى أنهما فرضتا ضريبة على السكن الخاص تساوى فيه بين ساكنى العشش وساكنى القصور، ومن يمتلك أكثر من مسكن، وهذا قمة الظلم الضريبى، مشيرا إلى وجود حلول عديدة صالحة لتقليل الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وإقرار نظام عادل للضريبة يحقق العدالة بين أبناء الوطن إذا أرادت الحكومة ووزارة المالية بالفعل أن تحقق هذا.