زعمت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور بوجود مخاوف لدى معظم أقباط مصر من تجدد شبح الفتنة الطائفية الذى أثارته أحداث "نجع حمادى" فى مطلع العام والذى تزامن مع الاحتفال بعيد الميلاد المجيد، أما الآن فخيم عليهم الحذر والقلق وهم يحتفلون بعيد القيامة، وخلصت إلى أن هناك اختلافاً بين منظور كل من عنصرى الأمة للإطار الذى تندرج تحته العلاقات التى تجمع بين المسلمين والمسيحيين، فالمسلمون يرون أن هناك "مشكلة" ربما تتفاقم مع مرور الوقت، بينما يرى المسيحيون أن هناك "تمييزا" يمارس ضدهم. وقالت الصحيفة إنه عندما يحتفل كمال ناشد غبريال بعيد القيامة اليوم الأحد، لن يملك بداً آخر سوى التفكير فى إحدى أبرز حلقات ما وصفته الصحيفة ب"العنف الطائفى" فى مصر منذ سنوات طوال، خاصة بعدما فقد ابنه وهو أحد الشباب السبعة (أحدهم مسلم) الذين لاقوا مصرعهم فى نجع حمادى عشية الاحتفال بعيد الميلاد. ونقلت ساينس مونيتور عن غبريال قوله "أنا لست خائفا لأنه لا يمكن أن يحدث ما هو أسوأ من ذلك، وبعد هذه الواقعة، أصبحنا أكثر ارتباطا بالمسيح..الكثير من الأشخاص هنا ربما لن يذهبوا إلى الكنيسة فى العيد لأنهم خائفون". وأوعزت الصحيفة أسباب هذه الاحتقانات جزئيا إلى إذعان الحكومة والاعتراف بوجود مشكلة وفشلها فى ملاحقة الجناة، الأمر الذى أدى إلى انتشار مناخ يسمح بحدوث مثل هذه الهجمات دون عقاب، بينما يرى البعض أن ذلك نتيجة لتنامى مد "الأسلمة" فى المجتمع، وشعور المسيحيين بأنهم دخلاء فى دولتهم، وليسوا مواطنين. ويقول حسام بهجت، المدير التنفيذى للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية؛ "خلال الثلاث سنوات الأخيرة شهدت البلاد اتساع نطاق أعمال العنف وتزايد حدوثها، وفى الوقت عينه فشل مساعى الحكومة لمعالجة العنف كما ينبغى سواء بملاحقة الجناة قضائيا أو تعويض الضحايا". ورغم كل ذلك، يعيش الكثير من المسلمين والمسيحيين فى صعيد مصر جنبا إلى جنب كالأشقاء، حتى أن بعض المسيحيين الذين يتحدثون عن وجود التمييز يقولون إنهم لديهم الكثير من الأصدقاء، والعملاء، والموظفين المسلمين الذين تربطهم بهم علاقات طيبة، ولكنهم يعترفون بتوتر العلاقة بينهما. "هناك بعض المشكلات مع المسيحيين، نحن لا ننكر ذلك، ولكن لا يمكن أن نقول إن هناك تمييز، ولكن نعم هناك بعض المشاكل"، هكذا يقول أحد المواطنين فى نجع حمادى، ويدعى مصطفى شادى، ويضيف "ومن هذه المشاكل العقبات التى يواجهها المسيحيون عند بناء الكنائس الجديدة، وهذا ما يشعرهم كما لو أنهم مضطهدون". ومع ذلك، يرى المسيحيون من ناحية أخرى، أنهم مضطهدون ومعزولون نسبيا، بسبب مثلا المناهج الدراسية التى يقولون إنها معادية للمسيحية، والخطب فى المساجد التى تصفهم ب"الكفار"، كما أن الدستور لا يعترف بدخول المسلمين إلى المسيحية، فى حين يكفل ذلك الحق للمسيحيين الذين يرغبون فى الدخول إلى الإسلام. ويقول بعض المسيحيين الذين ينتمون إلى الكنيسة القبطية إن السلطات تفشل فى التحقيق أو توجيه الاتهامات لهؤلاء الذين يرتكبون أعمال العنف، كما أنها تصرف معظم الهجمات كأحداث فردية ليس لها علاقة بالتوترات الطائفية. والآن، يحتفل المسيحيون المصريون بعيد القيامة بعد مضى ثلاثة أشهر على اندلاع موجة العنف هذه، ولكن يرى كثيرون فى نجع حمادى أن الانقسام بين صفوف المسلمين والمسيحيين تفاقم منذ ذلك الحين، ومع ذلك، يأمل البعض فى أن تكون هذه الواقعة دعوة للاستيقاظ من الغفوة ونقطة تحول فى تاريخ هذه الأمة، ويرى بهجت أن هناك بالفعل تحول بسيط فى الخطاب الذى تستخدمه الحكومة بشأن التوترات الطائفية، وأدلى الرئيس مبارك بخطاب بعد هذه الأحداث اعترف من خلاله بوجود مشكلة طائفية. ويضيف بهجت "نحن فى حقيقة الأمر شعرنا بالتشجيع بالخطاب الجديد الذى استخدمه الرئيس بشأن هذه المشكلة، وندعوه بوضع خطة واضحة لاجتثاث بذرة العنف الطائفى من البلاد". للمزيد من الاطلاع اقرأ عرض الصحافة العالمية على الأيقونة الخاصة به