سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الحزن يؤلف القلوب..رغم الألم.. «العور» نموذج «فريد» للتلاحم بين المسلمين والأقباط.. والجميع تشارك فى بناء الكنيسة.. وتاجر مسيحى تبرع ب10 آلاف «طوبة» لبناء المسجد.." القرية لم تشهد أى أحداث طائفية
منازل مكونة من طابق واحد، يتوسطها شارع ضيق ينتهى بمسجد وكنسية متجاورين, لا يفصل بينهما سوى أمتار قليلة، هذا هو الحال فى قرية «العور» التى تحولت بعد الحادث إلى ما يشبه سرادق عزاء كبيرا، فالجميع هنا يبكى الضحايا، سواء فى التجمعات التى أمام المسجد، أو فى السرادق التى تم تخصيصها داخل فناء الكنيسة. قصة «الكنيسة والمسجد المتآلفين»، جعلت «العور» تختلف عن العديد من القرى التى تشهد بين الحين والآخر فتنا طائفية، فالكنيسة التى تم إنشاؤها فى ثلاثينيات القرن الماضى، شارك مسلمو القرية مؤخرًا فى بناء المبنى الاجتماعى الملحق بها، ونفس الأمر تم فى المسجد، حيث تبرع أحد أهالى القرية الأقباط بعشرة آلاف قالب طوب، على حد قول مؤذن المسجد. لذا تقاسم الأهالى جميعًا، الحُزنَ على أبنائهم، وتألمت البيوت المسلمة والمسيحية كلها، وكأن المصاب الذى لن يَمَّحى من ذاكرة أهالى القرية نزل على كل منها، خاصة أن الراحلين كانوا يمتازون بحسن الخلق، وتحملوا مرارة الغربة من أجل توفير حياة كريمة لذويهم. القرية التى لم تشهد من قبل حوادث فتنة طائفية، سوى مرات قليلة انتهت باحتواء الحكماء والكبار لها، وتفهم الأهالى ورغبتهم فى انتهاء الخلافات فى أسرع وقت، لتعود الألفة بين الكل، وهذا يرجع وفقا لرأى أبنائها لعدم وجود متشددين دينيا من الطرفين، من أصحاب الأقاويل والفتاوى الضالة، على حد قولهم، التى لا تجد لها صدى بين أبناء القرية المتمسكين بالدين الوسطى البعيد عن العنف والتصنيف، ويرجع الأهالى ذلك أيضا إلى حالة الفقر ونقص الخدمات التى تعانى منها القرية، والتى أدت إلى خلق روح من التعاون بين الجميع. داخل الكنيسة خلال الصلاة على أرواح الضحايا، تلاحم الأئمة والقساوسة، معلنين رفضهم لما حدث، وقال سعيد عبد الفتاح مدير إدارة أوقاف سمالوط «أن الجريمة التى أقدم عليها تنظيم داعش الإرهابى تتبرأ منها كل الأديان، فليس هناك من يدعو لسفك الدماء من إتباع الدين الإسلامى»، مؤكدا أن «الأوقاف» ستقوم بزيارات لمتابعة أسر الضحايا، ووضع خطة لتقديم كل أشكال الدعم المادى والمعنوى لهم خلال الفترة المقبلة. سرعة رد الفعل من جانب القوات المسلحة الممثل فى توجيه ضربات جوية لمعاقل تنظيم داعش بليبيا، بدد حالة الحزن قليلا بين الأهالى، والذين استقبلوها بالهتاف للجيش والشعب، وانعكس أيضا على ما ذكره كهنة كنائس المنيا المختلفة، الذين طالبوا بتوفير معاش لأسر الضحايا أسوة بضحايا حادث استاد الدفاع الجوى، إلى جانب تأكيدهم على أن هذا العمل الإجرامى يهدف إلى جر مصر إلى أجواء التخبط وعدم الاستقرار، وذلك بزرع الفتنة بين مسلميها ومسيحييها. «كلنا فداء لمصر وترابها» بهذا يبدأ القس يعقوب عازر كاهن كنيسة السيدة العذراء بسمالوط حديثه، مؤكدا أن ذلك الحادث الذى وصفه بالأبشع لم يتأثر به الأقباط فقط، وإنما أحزن المصريين كافة، الذين لا يعرفون التفرقة بين مسلم ومسيحى، كما أن طبيعة المصريين أنفسهم ترفض الدعوات المتشددة أو الأفكار والخطابات العنيفة، مضيفا: «إنه إذا كان هؤلاء يقصدون بفعلتهم هذه فى حق أبناء مصر، وليس الأقباط فقط، أن يوقعوا بين المصريين، فأقول لهم مخططكم رغم فداحة جرمه ونتائجه قد فشل». ومن جانبه قال القس جرجس حكيم كاهن مطرانية سمالوط: إن التحركات السريعة للجيش بضرب معاقل داعش بالطيران، ساهم فى تخفيف الألم والحزن الذى يعيش فيه أسر الضحايا، والذين شعروا بأن القصاص العاجل قد تحقق لهم. فيما تحدث القس أسانيوس كاهن كنيسة ماريو حنا بسمالوط: «أولادنا من الضحايا دفعوا ثمن أنهم مصريون، وكان الجزاء هو القتل على يد التنظيمات المتطرفة التى تحمل عقولا مخربه تقوم على خدمة أهداف وأطماع خارجية، تستهدف النيل من بلادنا تحت ستار من التدين الكاذب». وأوضح أسانيوس: إن هؤلاء يقومون بأفعالهم تحت ستار الإسلام، وهو منهم براء، بدليل الاصطفاف الوطنى الموجود لمواجهة ما يحدث، فتلك التنظيمات وغيرها تعمل ليل نهار من أجل إشعال الفتنة. أما القس مقار كاهن كنيسة «العور» فقال: «هذا الحادث كان مؤلما على النفس، فمشاهدة مجموعة من الشباب يتم قتلهم بهذه الطريقة البشعة لمجرد أنهم فقط رحلوا عن ديارهم وبلادهم من أجل البحث الرزق، وإيجاد فرص عمل لهم لتوفير أموال لذويهم وأسرهم، خاصة أن أغلبهم يعول أسرا ولديه أطفال، كان شىء فى غاية الصعوبة» . وأضاف كاهن كنيسة العور أن الدولة المصرية ممثلة فى القوات المسلحة قامت برد فعل سريع وحاسم تجاه هؤلاء القتلة، ولكنه شدد على ضرورة اتخاذ الدولة لبعض الإجراءات الضرورية والعاجلة بعد الموافقة على بناء كنيسة تحمل اسم هؤلاء الشهداء تخليدا لذكراهم، التى تتمثل فى إصدار قرار فورى وعاجل بصرف المعاش والتعويضات التى تعين ذويهم على مواصلة الحياة بدونهم.